تقرير : فهيم ســـلطان الــقدسي
أحد أهم المراكز التعليمية في اليمن والتي تخرج منه العديد من الأعلام والرواد من ذوي الاعاقة البصرية، تأسس في عام 1967م ليكون الصرح العلمي الشامخ الذي يحتضن المئات بل الآلاف ممن فقدوا نعمة البصر ليمثل لهم البصيرة النافذة نحو المستقبل.
ويكون الملاذ الآمن ومحطة العبور الى ساحات العلم والمعرفة، وأمل الكثيرين منهم نحو المستقبل بعد أن فقدوا نعمة البصر، يفد إليه المئات من مختلف محافظات اليمن دون استثناء لينهلوا من العلم والمعرفة وينعموا بخدماته المتعددة فترة من الزمن هي مرحلة تزويدهم واعدادهم ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع ومساهمة في بناءه معتمدين على أنفسهم في كسب لقمة العيش وممارسة الحياة الكريمة على قدم المساواة مع الآخرين من أفراد المجتمع.
مركز النور للمكفوفين يتبع وزارة الشئون الاجتماعية والعمل وأمانة العاصمة وتشرف عليه من الناحية الإدارية جمعية الأمان لرعاية الكفيفات.
توفير خدمة تعليمية متخصصة حق لتمكين المكفوفين
يُعنى مركز النور للمكفوفين بتقديم الخدمات التأهيلية والتعليمية المتخصصة للطلاب المكفوفين القادمين من مختلف محافظات الجمهورية وأمانة العاصمة ، يستفيد من خدمات المركز ما يزيد عن 340 طالب كفيف ، يتلقى الطلاب المكفوفين دراستهم في مرحلة التعليم الأساسي بالمنهج التابع لوزارة التربية والتعليم المطبوع بطريقة برايل، وتقدم لهم الوسائل التعليمية الخاصة بالمكفوفين بصورة مجانيه ، ويكون دمج الطلاب المكفوفين في مدارس التعليم العام بعد الانتهاء من مرحلة التعليم الأساسي ، ويضم المركز كادر مؤهل يقوم على تحقيق أهداف المركز وتنفيذ جميع الأنشطة والبرامج والخدمات التي تُقدم لطلاب المركز على مدار 24ساعة ، حيث يعمل ما يزيد عن 120 شخص من معلمين ، ومعلمات ، وإداريين ، ومشرفي السكن ، وأخصائيين اجتماعيين، وصحيين ، ومسئولي الأنشطة ، وطباخين، وسائقين ، وعمال نظافة ، وموظفي حراسة ، يقومون بالمسئوليات المنوطة بهم تجاه الطلاب المكفوفين كون المركز يحرص على جودة وتميز خدماته المقدمة لطلابه .
يقول “حسن إسماعيل” مدير مركز النور للمكفوفين نحمل على عاتقنا هم كبير من اجل توفير خدمة تعليمية داعمة ومتخصصة بكفاءة عالية للطلاب المكفوفين، وتأهيلهم علميًا وثقافيًا وتنمية مواهبهم وقدراتهم لتمكينهم من الحصول على حقهم في التعليم ودمجهم في مدارس التعليم العام ليصبحوا معتمدين على أنفسهم ومشاركين في بناء مجتمعهم، رغم كل الظروف التي نواجهها وتواجهها اليمن لكننا نعمل وكل عاملين وموظفي مركز النور من أجل تحقيق هذا الهدف الجليل وفي سبيل إبقاء شعاع هذا المركز دون خفوت، داعياً كل الجهات المعنية وذات الاختصاص دعم هذا الهدف لتمكين الطلاب المكفوفين من الوصول إلى حقهم في التعليم ، مشيداً ” إسماعيل ” في الوقت نفسه بدور صندوق المعاقين ومديره التنفيذي لما يقومون به من دعم لعدد من احتياجات المركز وبرامجه التأهيلية والتعليمية .
التعليم وفقاً لمنهج وزارة التربية واحتياج الوسائل المساعدة والتعليمية
يدرس الطلاب المكفوفين في مرحلة التعليم الأساسي من الصف الأول وحتى الصف التاسع المنهج التابع لوزارة التربية والتعليم المطبوع بطريقة برايل، وتقدم لهم الوسائل التعليمية الخاصة بالمكفوفين بصورة مجانية كما يتم دمج الطلاب المكفوفين في مدارس التعليم العام بعد الانتهاء من مرحلة التعليم الأساسي تقول ” ندى الجميلي ” المشرفة التعليمية في مركز النور لدينا 197 طالب يتلقون تعليمهم من الصف الأول الأساسي وحتى التاسع
إضافة الى 41 طالب من الصف العاشر الى الصف الثاني عشر من التعليم الثانوي وهم مدمجون في مدرسة خارجيه وعن أبرز الصعوبات التي تواجه سير عملية التعليم تضيف “الجميلي” نواجه نقص في عدد المدرسين للمواد الدراسية وهي الرياضيات ، والاجتماعيات ، والعلوم ، والتربية البدنية ، إضافة للنقص الحاد في طابعات البركنز وهي الآلات التي يتم بواسطتها الكتابة بطريقة برايل من قبل الطلاب المكفوفين، حيث إن المتوفر منها في الوقت الحاضر عدد 40 آلة فقط بينما المركز بحاجة إلى أكثر من 300 طابعة ليتم توزيعها على الطلاب المكفوفين.
من جانبه يشير “يحيى الدروبي” الوكيل التعليمي في مركز النور الى أهمية توفير طابعة مركزية لطباعة المناهج الدراسية بطريقة برايل لتغطية عجز توفير المناهج الدراسية وخاصة في ظل وجود تغير لبعض مواد المنهج، ويقول” الدروبي ” نعاني من محدودية وسائل المواصلات التابعة للمركز والتي تقوم بنقل الطلاب من منازلهم إلى المركز والعودة بهم إلى منازلهم، حيث أن المركز بحاجة ماسة في الوقت الحاضر إلى عدد حافلتين .
التعليم الثانوي والدمج
بعد الانتهاء من مرحلة التعليم الأساسي يقوم المركز بدمج طلاب المرحلة الثانوية في المدارس العامة للدراسة مع اقرأنهم من الطلاب المبصرين حيث يقوم المركز بالتنسيق مع مدارس الدمج وتقديم كل الوسائل اللازمة لعملية الدمج بما في ذلك نقل الطلاب من مبنى المركز الى المدرسة ذهاباً وإياباً عبر وسائل النقل التابعة للمركز
وهو ما أشار اليه “حفظ الله شرف” مسؤول الدمج في المركز وبأن هناك 41 طالب تم دمجهم خارج المركز.
السكن الداخلي.. للمكفوفين القادمين من المحافظات
يتكون مبنى السكن من ثلاثة أدوار ويحتوي على ثمانين غرفة مجهزة بالأسرة والفرش والبطانيات ودواليب الملابس يقول “احمد الفلاحي” رئيس السكن الداخلي يضم السكن الداخلي هذا العام 160 طالب كفيف وهم الطلاب القادمون من المحافظات البعيدة ويقدم السكن لهؤلاء الطلاب وجبات التغذية اليومية من (الإفطار والغداء والعشاء) التي يتم تجهيزها في مطبخ المركز إضافة إلى المغسلة التي تقوم بغسل الملابس وكوايتها للطلاب الساكنين ويقوم الطلاب بممارسة الأنشطة في الفترة المسائية فور الانتهاء من دراستهم الصباحية.
ويضيف “الفلاحي” هناك صعوبات كثيرة تواجهنا ومنها النقص المستمر في المواد الغذائية المختلفة التي يستفيد منها طلاب السكن بسبب توقف مخصصات التغذية من أمانة العاصمة منذ بداية الحرب، وتلف الفرش والبطانيات الخاصة بغرف السكن بسبب أستخدمها لسنوات طويلة، وكذلك عدم كفاية مواد النظافة المختلفة المستخدمة لغسيل ملابس الطلاب الساكنين في المركز، وغسيل صحون الطعام، ونظافة دورات المياه وبقية مرافق المركز.
العيادة الصحية.. واستكمال بناء المركز الصحي
حرصاً من المركز على سلامة منتسبيه يتوفر به عيادة صحية تقوم بتقديم الرعاية الصحية والأدوية لكافة منتسبي المركز من الطلاب والعاملين، من خلال الكادر الصحي العامل في العيادة وبصورة مستمرة
وهو الأمر الذي أكد عليه الدكتور ” سليمان الصباري ” بقوله يقدم المركز الرعاية الصحية للطلاب الساكنين في المركز كالإسعافات الأولية، وصرف العلاجات، ونقل الحالات المرضية التي يصعب علاجها إلى إحدى المستشفيات العامة.
مضيفاً أن العيادة تحتاج الى ادوية البرد والتي نواجه نقص كبير فيها وقطرات للعيون. ونتوجه من خلالكم لكل جهات الاختصاص أو الداعمة الى ضرورة استكمال بناء الوحدة الصحية التابعة للمركز وتجهيزها لمواجهة الحالات المرضية من الطلاب المكفوفين.
معمل الحاسوب.. متطلب لاغنى للكفيف عنه
يتوفر في المركز معمل الحاسوب المزود بالبرامج الناطقة مكون من 14 جهاز حاسوب ، ويتم تدريب الطلاب المكفوفين على استخدامها من قبل المدربين والمعلمين المؤهلين ، بهدف إكساب الطلاب مهارات استخدام الحاسوب والتعامل معه.
“عصام معصار ” أستاذ الحاسوب يتحدث عن أهمية معمل الحاسوب للطلاب المكفوفين في المركز قائلاً استخدام الحاسوب والمزود بالبرامج الناطقة للكفيف مهم جداً ، كونه يحتاج اليه في مراحل تعليمه المختلفة وكجزء من التسهيلات التي لا يمكن له الاستغناء عنه، ونقوم بإعطاء الطلاب من الصف الرابع الى الصف التاسع دورة تدريبية وتعليمية في استخدام برامج (الكمبيوتر) بواسطة البرامج الناطق NVDA)) من خلال حصة واحدة في الأسبوع مع مراعاة الفروق الفردية لكل طالب مؤكداً على أهمية تحديث أجهزة الحاسوب في المعمل واضافة أجهزة أخرى ليتم تغطية اكبر قدر ممكن من الحصص في الأسبوع .
المكتبة الثقافية.. قلة المصنفات واهمية المراجع
يوجد في المركز مكتبة ثقافية تحتوي على الكتب الثقافية وكتب المنهج الدراسي بطريقة الخط البارز (برايل) كما يوجد في المكتبة مختلف الوسائل التعليمية التي يستخدمها الطلاب المكفوفون في دراستهم، وتعتبر مرجع مهم للطلاب
” خالد سعيد” أمين المكتبة الثقافية يقول أن المكتبة الثقافية تحتوي على العديد من الكتب الثقافية والأدبية والقصص المطبوعة بطريقة بريل وتحتاج المكتبة الى رفدها بالكتب والقصص التعليمية.
ومرفق بالمكتبة الثقافية معمل تجهيز الوسائل التعليمية وصيانة الآلات البركنز ويشرف عليه “احمد الجرموزي” مسؤول الصيانة والوسائل التعليمية ويعاني من الصمم وله في هذا المجال 45 عام، يعمل “الجرموزي” في اعداد بعض الوسائل التعليمية بطريقة (برايل) وإضافة (برايل) على الخرائط التعليمية، وصيانة آلات البركنز.
يحدثنا “الجرموزي” بلغة الإشارة ليقول ان هناك نقص كبير في الوسائل التعليمية الأساسية كالأقلام وألواح التيلر الخاصة بمادة الرياضيات والأرقام الحسابية.
مركز النور إشعاع من نور يحتاج الى مساندة واهتمام
من خلال معرفتنا بما يتلاقاه الطلاب المكفوفون اثناء تعليمهم الأساسي داخل المركز من الصف الأول وحتى الصف التاسع ، من طباعة المنهج الدراسي وتوفيره بطريقة برايل ، وتوفير مختلف الاحتياجات التعليمية للطلاب مجاناً مثل الأدوات الخاصة بالقراءة والكتابة كالطابعات والمكاتب والأقلام وألواح التيلر التي تستخدم في مادة الرياضيات، والزي المدرسي والحقيبة المدرسية، وامتلاك كادر متخصص من المعلمين المكفوفين وغير المكفوفين الذين تم تأهيلهم من قبل المركز .
يقوم الطلاب المكفوفين بممارسة الأنشطة المختلفة والتي تهدف إلى إبراز مواهبهم وإبداعاتهم وتسهم في بناء قدراتهم وتشغل أوقات فراغهم بما هو مفيد لهم ، من خلال الأنشطة الثقافية والفنية والمسرحية وإقامة المحاضرات والندوات والتدرب على مهارات الخطابة والإنشاد وحفظ القران الكريم بحلقات التحفيظ التي تقام في الفترة المسائية ودورات التنمية البشرية وغيرها .. أو تلك الأنشطة الترفيهية مثل الرحلات إلى الحدائق والمنتزهات المختلفة والمشاركة في مختلف الأنشطة والفعاليات الخارجية التي يٌدعى اليها المركز.
وعلى الرغم مما يقدمه المركز من خدمات متميزة للمستفيدين من الطلاب المكفوفين فأنه بحاجة الى مساندة جهوده ووعي الجهات الحكومية المختصة بالدور الذي يقوم به مركز النور تجاه الطلاب المكفوفين.
تصوير / Faheem ALqadasi