يكاد ينحصر الاهتمام بابن تيمية في مقولاته الفقهية التي وجدت في عالمنا المعاصر أفق انتشار كثيراً ما استندت إليه قراءات حديثة للنصوص الدينية، ومنه تفرّعت التيارات السلفية التي تشكّل شريحة واسعة ومؤثرة في الفضاء الإسلامي اليوم.
لكن لابن تيمية وجوه أخرى، ومنها فلسفته في المنطق والتي يتناولها الباحث حمّو النقاري في كتاب صدر مؤخراً بعنوان “فلسفة ابن تيمية المنطقية” وقد صدر مؤخراً عن منشورات “المؤسسة العربية للفكر والإبداع”.
هذا الكتاب يتابع جهد مؤلفه في كتابه السابق “ابن تيمية المنطقي” والذي اقتصر على تحليل كتاب ابن تيمية الموسوم بـ”الرد على المنطقيين” وفيه يظهر النقاري أهمية البحث المنطقي في مدونة ابن تيمية كما يبرز ارتباطها بالمادة العقدية والفقهية.
ينقسم الكتاب الجديد إلى ثلاثة فصول: الأول بعنوان “المنطق وفلسفته” وهو إضاءة شاملة للنظريات المنطقية التي عملت على تقنين المناهج المنطقية في مختلف المجالات، وقد أشار المؤلف هنا إلى أن أحد أسباب إهمال منطق ابن تيمية أن الباحثين لهم في الغالب تصورات ضيّقة للمنطق إذ يقتصرون على المنطق الأرسطي.
في الفصل الثاني، يدرس النقاري أهم العناصر التي كوّنت المتن المنطقي العربي المتداول في عصر ابن تيمية، من خلال نماذج ثلاثة هي “الرسالة الشمسية” للقزويني، و”المعتبر في الحكمة الإلهية” لابن ملكا، وأعمال الفارابي المنطقية.
أما الفصل الأخير، فكان بعنوان “التفلسف المنطقي التيمي” وفيه دراسة لانتقادات ابن تيمية للمنطق الارسطي ومن ثمّ تبيان للبدائل المنطقية التي قرّرها ابن تيمية وهي بدائل تكوّن “وجهًا تفلسفيًا متميزًا في المعرفة المشروعة والمنطق المشروع نظريًا وتناظريًا” بعبارة المؤلف.