الوحدة نيوز/ حمود القديمي: ” الرياضة تبقى سبباً قوياً لإسعاد هذا الشعب الذي تكالبت عليه الامور فترى مع كل انجاز فرحه غير مسبوقه ، وسعادة عارمه في اوساط المجتمع كله ، وهذا ما يؤكد بأن الرياضة هي التي ستكون سبباً في احلال السلام في اليمن” بهذه الكلمات لخص عمار القباطي لاعب النادي الأهلي والمنتخب الوطني للشباب ما يعرفه ويدركه عن العلاقة بين الرياضة والسلام .
لم يكن عمار مجرد لاعب وصل للمنتخب الوطني للشباب بمجرد الصدفة ، بل كان مثالا يحتذى به للاعب عاند الظروف منذ وفاة والده مبكراً ، مروراً بحياته التي أجبرته على العمل في سن صغيرة لإعالة أسرته التي فقدت ربها، ومع ذلك ظل متمسكاً بموهبته ورغبته ، حتى وإن كان إظهارها لم يخرج عن حواري السنينة التي يقطن بها ، والتي كانت تعج بالكثير من المعجبين الذين قدموا لمشاهدة موهبة لا يمكن إغفالها ، وما هي إلا سنوات حتى إصطادته إحدى اعين مدربي نادي شعب صنعاء ليتم إستقطابه للنادي ليبدأ عمار أولى خطواته نحو النجومية.
ورغم الضغوط التي تعرض لها والتي إضطرته لترك النادي إلا أنه كان يمارس هوايته في حواري العاصمة صنعاء، ليبتسم له القدر مجدداً ويعود هذه المرة من بوابة النادي الأهلي ليتمكن خلال فترة وجيزة من إبهار جماهير الامبراطور نظراً لمهاراته المتعددة ، ليثمن جهوده بإحراز العديد من الألقاب والبطولات المحلية برفقة فريقه ، قبل أن يتم إستدعاؤه لتمثيل اليمن ضمن صفوف المنتخب الوطني للشباب في بطولة كاس العرب مصر 2021 ، والتي قدم من خلالها اداء لافتاً ضد تونس والسعودية وأخرها أمام اوزباكستان الذي احرز في مرماهم هدفاً من مقصية رائعة كان لها عظيم الأثر في نفوس الجمهور اليمني.
ويتحدث عمار عن الوضع الرياضي في بلادنا بالقول ” الوضع في بلادنا يحتاج لجهد مضاعف وعمل اكبر بكثير من بقيه العالم بسبب تردي وضع منظومتنا الرياضية وهذا ما يحتم على الرياضي اليمني جهداً ذاتياً وكبيراً” .
تخصص الأمم المتحدة السادس من إبريل من كل عام يوماً دولياً للرياضة من أجل التنمية والسلام، إيماناً منها بأن عالم الرياضة بإمكانه تقديم مساهمات بالغة الأهمية في تحقيق السلام والانتعاش الآمن والمستدام ، وفي هذا الصدد ، يشير الكابتن علي النونو لاعب المنتخب الوطني ومساعد مدرب منتخب الناشئين سابقاً في معرض حديثه عن الرياضة كنافذة للسلام ” الرياضة كانت دوما وأبدا واحدة من طرق بناء العلاقات الإنسانية وسبيلاً لتقريب الأفكار و تذليل الخلافات والصعوبات.
وتساءل النونو “كم أسهمت الرياضة في تقارب شعوب بل و أصبحت لغة عالمية يجتمع الناس حولها ويبنون من خلالها ثقافة التنافس الشريف وجسور التلاقي والقبول بنتائج المنافسة الشريفة ” ،ولفت الإنتباه الى أن الرياضيين اليمنيين كانوا أول من أرسل رسالة الوحدة ولم الشمل قبل الوحدة اليمنية ، كما أنها فرضت نفسها كلغة مشتركة ووسيلة للدعم النفسي ورسالة من رسائل السلام والسلم الاجتماعي.
واقع رياضي مأساوي
وعن الوضع الرياضي في اليمن يبدي بشير سنان المدير التنفيذي للاتحاد الاسيوي للصحافة الرياضية والرئيس السابق للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي إنزعاجه من الواقع الرياضي اليمني رغم قناعاته المسبقة بأن الرياضة تعد دائماً بوابة للسلام وإنهاء الحروب إذا ما تم توظيفها بطريقة سليمة ، مشيراً إلى أن ما يحدث في بلادنا معاكس لما يفترض أن يحدث بسبب إنقسام وزارة الشباب والرياضة ورعاية النشء والشباب ، وحتى بعض الإتحادات التي تعاني من الصراعات والإستقطابات ، منتقداً قرار الإتحاد اليمني لكرة القدم الذي كان ينظر له بإيجابية بإقرار تنظيم الدوري اليمني في شبوه وسيئون فقط دون الإكتراث لأي تبعات لهذا القرار سواء كانت سياسية أو مناطقية أو حتى دون التنبه لأي أحداث طارئة قد تحدث للمنتخبات سواء كانت تحكيمية أو أحداث شغب أو حوادث مرورية متسائلاً ” من الذي سيتحمل ردة الفعل العنيفة في حال حدوث أي مكروه لا قدر الله”.
من جهته يصف لاعب المنتخب اليمني والمحترف في صفوف الدوري العماني عبدالواسع المطري الوضع الرياضي في اليمن بإختصار” واقع مأساوي ومرير، أثر كثيرا ليس فقط على الرياضيين وانما على المجتمع عامه، لأن الرياضه اصبحت مصدر دخل يستفيد منها معظم شرئح المجتمع ، فكم من ملاعب ومنشآت رياضيه دمرت وكم من اجيال ومواهب انتهت ودفنت”.
صعوبات جمة
الحديث عن الرياضة في اليمن في ظل الحرب الدائرة منذ سنوات جعل من بقاءها وإستمرارها معجزة سيذكرها التاريخ بصفحات من نور ، كما يقول المنسق الإعلامي للمنتخب الوطني للناشئين عصام علي محمد، مشيراً إلى أن الصعوبات التي تواجه الرياضة في اليمن” تتمثل في انعدام الرغبة في ممارسة النشاطات الرياضة من الاتحادات والاندية خاصة في مراكز وعواصم اليمن بدافع الخوف نظراً للانقسام السياسي والاداري القائم ، وغياب الدعم المالي الذي يسير الانشطة الرياضية”.
ويبدي عصام أسفه لما خلفته الأوضاع في اليمن والتي أدت إلى مغادرة كثير من الكفاءات والعقول الرياضية والكروية او انعزالها عن الشأن الرياضي ، مبدياً إنزعاجه مما أسماه ” إلزام الاندية واداراتها ولاعبيها واجبارهم على التحيز واظهار موقف سياسي من الطرف الاخر في البقعة الاخرى من الوطن.
ويضيف لاعب نادي وحدة صنعاء أمجد الأرحبي”الحرب زادت الوضع سوءاً وأدت إلى دمار البنية التحتية ، فضلاً عن الصعوبات المالية والإدارية وعدم القدرة على التنقل بسهولة ، والتي زادت الأمور سوءاً”.
بصيص أمل لا يتوقف
ورغم رداءة الأوضاع ، إلا أن الرياضة اليمنية ظلت حاضرة في المحافل المحلية والدولية ، حيث سجلت خلال فترة الصراع الدائر العديد من المشاركات ، إذ شهدت تأهل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس أمم أسيا لعام 2023م ، كما تأهل منتخب الشباب لنهائيات كأس آسيا للشباب 2020م، في حين حققت المنتخبات الوطنية للتنس نتائج ملموسة ، فضلاً عن مشاركة عدد من اللاعبين اليمنيين في أولمبياد طوكيو ، تألق فيها السباح اليمني مختار اليمني الذي كان قريباً من إحراز إحدى الميداليات ، بعد إحرازه المركز الثاني عربياً والتاسع والثلاثين عالمياً في بطولة العالم للسباحة في عام 2019م ، فيما يواصل منتخب الناشئين لكرة القدم إستعداداته في سيئون للمشاركة في بطولة الناشئين الثامنة لدول غرب أسيا ، وعلى الصعيد المحلي من المنتظر أن تبدأ بعض الفعاليات كبطولة كأس الجمهورية لكرة السلة ، فضلاً عن إحتمالية إستئناف الدوري اليمني لكرة القدم حضوره العام الحالي بعد توقفه منذ العام 2015م .
رياضة مستمرة
ظلت الرياضة اليمنية بعيدة عن الصراعات رغم كل المحاولات الرامية لإقحامها بالسياسة، وهو ما يشير إليه الأرحبي بقوله “الرياضي اليمني يشارك باسم اليمن بعيدًا عن اي مسميات أخرى ، وهذا ما جعل الرياضي اليمني بعيدا عن دائرة الصراع الحزبي او السياسي ، في حين يبدي عصام علي محمد إستغرابه بالقول ” ومن العجيب ان جميع الاطراف المتصارعة لم تجرؤ على التعدي على خصوصية الاتحادات ، ولا في عملية اختيار اللاعبين للمشاركة الخارجية ، فالجميع يعلم بجدية تلك الاتحادات خاصة الاتحاد الدولي (فيفا) الذي لايخضع لتأثير القوى العسكرية ولا رادع لقرارته التي تصل الى حد الايقاف والمنع لسنوات قد تحتاج فيها الدولة الموقوفة الى سنوات عجاف لرفع الحظرعنها” وهو ما يتفق عليه الارحبي أيضا من خلال حديثه بأن التوافق الرياضي الحالي لم يكن نابعاً عن رغبة وإنما خوفاً من العقوبات ، فضلاً عن رغبة الاطراف المتصارعة في الظهور بشكل جيد دوليا وبما يسهم في دعم مواقفها السياسية حد قوله.
الرياضة نافذة للسلام
وعن إمكانية أن تكون الرياضة مدخلاً يمكن الإستفادة منه للدفع بعملية السلام باليمن أشار أيمن الهاجري لاعب المنتخب الوطني والمحترف في البحرين إلى أن الرياضه دائما تشجع على التسامح والاحترام ونبذ العنصريه ، فضلاً عن دورها الكبير في خلق الإنسجام بين أفراد المجتمع ، داعيا ًإلى ضرورة تكاتف الجميع ودعم الرياضيين بشكل أكبر، بالإضافة إلى توفير المدارس والإكاديميات لممارسة النشاط الكروي ، داعياً أولياء الأمور إلى تشجيع وتحفيز أبناءهم والدفع بهم نحو الرياضة.
وتظل الرياضة واحدة من الزوايا التي استطاعت ان تخرج اليمنيين – ولو لبرهة من الزمن- من تعقيدات الاوضاع الراهنة ‘ بل وتمكنت من جمع قلوبهم وتوجيهها نحو السلام ،مما يحتم على كافة الاطراف اليمنية جعلها بعيدة عن الصراع والاستفادة منها كمدخل ملائم للوصول الى السلام.