يلعب الدواء دوراً في علاج بعض أعراض الأمراض المختلفة، حيث يساهم في تخفيف حدة الالتهابات التي تصيب أعضاء الجسم مثلاً، أو التقليل من حدة الشعور بالألم، غير أن هناك بعض الحالات المرضية التي ترتبط بتناول الدواء، وهي التي تعرف بمتلازمة السيروتونين.
يعد السيروتونين أحد الهرمونات التي ينتجها الجسم، وتحتاج الخلايا العصبية والدماغ إليه حتى تعمل بصورة سليمة.
يتسبب إفراط وجود هذا الهرمون داخل الجسم في ظهور بعض الآثار الجانبية، والتي تختلف حدتها من خفيفة كالإسهال والقشعريرة، إلى شديدة كتصلب العضلات والحمى، وإذا أهمل علاج هذه الأعراض فمن الممكن أن تؤدي إلى حدوث الوفاة.
ترجع الإصابة بمتلازمة السيروتونين إلى زيادة جرعة أحد الأدوية، أو تناول دواء جديد، وربما ارتبطت هذه المتلازمة ببعض المكملات الغذائية أو المخدرات.
تختفي أعراض هذه الحالة في مدى لا يتجاوز 3 أيام مع التوقف عن الدواء المسبب لها، وفي بعض الحالات تحتاج إلى تناول أدوية تمنع تراكم السيروتونين.
عدة ساعات
تظهر أعراض متلازمة السيروتونين غالباً بعد عدة ساعات من تناول المصاب لدواء جديد، أو شرب جرعة زائدة من دواء بالفعل يتناوله.
تشمل هذه الأعراض الهياج أو التململ، وارتباك المصاب، وتزيد سرعة القلب مع اضطراب في ضغط الدم، كما تتسع حدقتا العينين.
يعاني المصاب قشعريرة وصداعاً وغثياناً وإسهالاً، وفي بعض الحالات يصاب بالأرق والحمى، ويفقد سيطرته على عضلاته.
يمكن أن تشمل الأعراض كذلك الحمى والتعرق الشديد، كما أن بعض المصابين بهذه الحالة يفقدون الوعي، وربما شكلت هذه المتلازمة الشديدة خطراً على الحياة.
تعود في الغالب مستويات السيروتونين لمعدلها الطبيعي، إلا أنه في بعض الأحيان يتعرض المصاب لحمى شديدة، وعدم انتظام ضربات القلب مع فقدانه للوعي، وإذا أهمل علاج هذه الأعراض فربما تسببت في الوفاة.
يجب عند ظهورها الانتقال على وجه السرعة لأي وحدة طبية، أو على الأقل مراجعة الطبيب فوراً، مع اصطحاب قائمة بالأدوية التي يتناولها المصاب.
تراكم السيروتونين
يؤدي تراكم السيروتونين في الجسم إلى ظهور أعراض هذه المتلازمة، وتنتج مادة السيروتونين الخلايا العصبية في المخ والحبل النخاعي والأمعاء في الظروف الطبيعية، وتنظم هذه المادة الانتباه والسلوك ودرجة حرارة الجسم، كما تنظم العملية الهضمية وتدفق الدم والتنفس.
يحتمل أن يؤدي تناول دواء واحد فقط إلى ارتفاع مستويات السيروتونين، وبالتالي ظهور أعراض هذه المتلازمة، كما يمكن أن تحدث عند الجمع بين بعض الأدوية بعينها.
تحدث متلازمة السيروتونين عندما يجمع المصاب مثلاً بين مضاد للاكتئاب مع دواء يعالج الصداع النصفي، أو لو تناول دواء مضاداً للاكتئاب وعقاقير أفيونية مسكنة للألم، كما أن تناول جرعة كبيرة من أدوية مضادات الاكتئاب يتسبب فيها كذلك.
مضادات الاكتئاب
تشمل المواد التي تزيد من مستوى هذا الهرمون الأدوية المضادة للاكتئاب، كمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات، ومثبطات أحادي أمين أوكسيديز.
يدخل في هذه المواد أدوية الصداع النصفي، والتي تصرف بوصفة طبية، وكذلك الأدوية المضادة للاختلاج، ومسكنات الألم الأفيونية كالترامادول، والأدوية المضادة للغثيان.
يمكن أن يكون سبباً في هذه الحالة بعض المكملات العشبية كالجينسنج، وبعض عقاقير السعال والبرد، والتي تصرف من غير وصفة طبية، وأخيرا بعض العقاقير غير المشروعة كالكوكايين والأمفيتامينات.
يمكن أن يصاب أي شخص بمتلازمة السيروتونين، وذلك بسبب تناوله دواء يؤثر في مستويات هذه المادة في الجسم.
عوامل الخطر
تزيد فرصة الإصابة نتيجة بعض العوامل، ولذلك فإن النصيحة التي لابد أن ينتبه لها أي شخص مراجعة أي دواء يتناوله مع قراءة الآثار الجانبية له، كما أنه ضروري مراجعة الطبيب عند ظهور أي أعراض غير معتادة.
تعد من عوامل زيادة خطر الإصابة بمتلازمة السيروتونين من يتناول دواء يرفع مستويات هذه المادة، أو من يزيد من الجرعة الموصوفة له من الدواء.
يدخل في نفس هذا الإطار من يتناول أكثر من دواء يعرف أن يزيد من مستويات السيروتونين، ونفس الأمر بالنسبة لمن يتناول أحد المكملات العشبية، والتي يعرف عنها أنها تزيد من هذه المادة، وأخيراً فإن من عوامل الخطر معاقرة المخدرات غير المشروعة، والتي تؤدي لزيادة السيروتونين كذلك.
الاحتمالات الأخرى
يعتمد تشخيص الإصابة بمتلازمة السيروتونين على استبعاد الاحتمالات الأخرى، لأنه لا يتوافر فحص واحد يؤكد الإصابة بهذه المتلازمة.
يبدأ الطبيب بالتعرف على التاريخ الطبي للمصاب، ومن الضروري معرفة الأدوية التي تناولها أو التي يواظب عليها، مع إخضاع المصاب لفحص بدني.
يمكن أن يجري بعض الاختبارات التي تؤكد أن الأعراض التي يشكو منها هي بسبب الإصابة بهذه المتلازمة، ومن هذه الاختبارات قياس مستويات أي أدوية يتناولها.
يبحث أيضا عن علامات للعدوى، مع فحص وظائف الجسم التي من الممكن أن تتأثر بسبب الإصابة بمتلازمة السيروتونين.
ينصح الطبيب في بعض الأحيان بإجراء تحاليل للدم والبول، وصور أشعة سينية للصدر، وأشعة مقطعية، وبزل شوكي، وكل هذا من أجل استبعاد أي مسببات أخرى لهذه الأعراض.
بحسب الأعراض
يختلف أسلوب علاج متلازمة السيروتونين بحسب اختلاف الأعراض التي يعانيها المصاب، فمثلاً بالنسبة للحالات التي تكون أعراضها خفيفة فإن التوقف عن تناول الأدوية التي سببت المشكلة يكون كافياً، مع ضرورة مراجعة الطبيب في هذا الأمر.
يمكن أن يحتاج المصاب للتوجه للمستشفى والبقاء به عدة ساعات، إذا كانت الأعراض حادة، ويكون هدف الطبيب من هذا الإجراء التأكد من تحسن الحالة وأن الأعراض خفت حدتها، في حين أن الأعراض الشديدة يحتاج المصاب إلى البقاء وقتاً أطول مع علاج مكثف.
تشمل العقاقير التي يصفها الطبيب، والتي يحددها بحسب الأعراض التي يعانيها المصاب، مرخيات العضلات، ومن الممكن أن تساعد على مكافحة النوبات المرضية وتيبس العضلات والهياج.
سوائل وريدية
يلجأ لإعطاء المصاب العوامل الحاصرة لإنتاج السيروتونين إذا لم تنجح العلاجات الأخرى، ويساعد تنفس الأكسجين من القناع في أن يحافظ على مستوياته الطبيعية في الدم.
يعالج الجفاف والحمى من خلال السوائل الوريدية، ويعطى المصاب كذلك الأدوية التي تضبط سرعة القلب وضغط الدم، وفي الحالات التي تعاني من حمى شديدة تعطى أنبوب تنفسي ودواء لشل العضلات.
يتعافى المصاب في الغالب خلال مدة لا تتجاوز 3 أيام بمجرد أن يتوقف عن تناول الأدوية التي كانت سببا في زيادة السيروتونين، وكذلك في الحالات التي تتعاطى الأدوية التي تعمل على تقليل آثاره في الجسم.
خطوات للوقاية
يوضح الباحثون أن السبيل للوقاية من الإصابة بمتلازمة السيروتونين يعد بسيطاً، ويعتمد في المقام الأول على مراجعة الطبيب عند ظهور أي أعراض غريبة عقب تناول الدواء.
ينصح كذلك بالنسبة لمن يتناولون أدوية ترتبط بالسيروتونين أو زيادة الجرعة التي يتناولها بأن يتحدث مع الطبيب لمعرفة هل هناك أي خطورة محتملة من هذا الدواء.
يجب ألا يتوقف المصاب عن تناول أي دواء إلا بعد مراجعة الطبيب المتابع، كما لابد أن يكون الطبيب على علم بجميع الأدوية التي يتلقاها مريضه، وهو الذي يصف له دواء جديداً، وبخاصة في الحالات التي تتابع مع أكثر من طبيب.
يمكن أن يضطر الطبيب المعالج في بعض الأحيان إلى أن يجمع بين أكثر من دواء، مما يؤثر في مستوى السيروتونين، وذلك لأن فوائد هذا الأمر أكبر من مخاطر زيادة السيروتونين، إلا أن النصيحة التي توجه للمريض في هذه الحالة الحذر من احتمال حدوث أعراض متلازمة السيروتونين.