د. أسامة أبو الرُّب
الماء عصب الحياة، وهو مكون أساسي في أجسامنا، إذ يشكل نسبة 60% أو أكثر منها. فماذا يحدث للصائم عند بدء إفطاره على الماء؟
نبدأ مع الفوائد التي يقدمها لنا الماء، والتي نقدمها في هذا الإنفوغراف.
ستشعر بري العطش فورا، ومع أن الماء يحتاج لبعض الوقت ليتم امتصاصه وترطيب جسمك، فإنه عندما تشرب الماء سوف تشعر مباشرة بالارتواء، وذلك لأن براعم التذوق لديك ترسل إلى الدماغ أن “الماء قادم”.
ستحصل على المزيد من الطاقة.
سينخفض جوعك، ويصبح التحكم بشهيتك أسهل.
أين يذهب الماء عند شربه؟
تبدأ رحلة الماء أولا في الفم، حيث بعد بضع رشفات منه، يخبر الدماغ الجسم -قبل الأوان- أن الجسم قد شرب ما يكفي من الماء.
هذه الآلية مهمة؛ لأن الماء، الذي تم شربه، يستغرق وقتا طويلا حتى يصل إلى الخلايا، فإذا أرسل الدماغ إشارات الترطيب فقط بعد تلقي الخلايا للماء، فسيشرب الشخص أكثر مما يحتاجه الجسم. كما يسمح هذا بالتوقف عن الشرب في الوقت المناسب، حتى لو لم يكن الماء قد رطب الجسم بعد.
ثم ينتقل الماء عبر المريء، وهو أنبوب صغير متصل بالفم ويهبط في المعدة -يتساءل الكثير من الناس “كم من الوقت يستغرق الماء حتى يتم هضمه؟”، ولكن أحد الاختلافات الرئيسة بين تناول الطعام والماء؛ هو أن الماء يتم امتصاصه بدلا من هضمه في المعدة- لتبدأ عملية امتصاص الماء إلى مجرى الدم.
تعتمد كمية الماء التي يتم امتصاصها في المعدة وسرعة امتصاص الماء، جزئيا، على الكمية التي تم تناولها. إذا كان شخص ما يشرب الماء على معدة فارغة، فمن المرجح أن يكون معدل امتصاص الماء أسرع، في غضون 5 دقائق بعد الشرب. في حين أنه إذا تناول الشخص الكثير من الطعام قبل أن يشرب الماء، فإن سرعة الامتصاص ستتباطأ وفقا لذلك، وقد يستغرق الامتصاص ما يصل إلى بضع ساعات.
والآن ننتقل إلى الفوائد التي يحصل عليها الجسم عند شرب الماء بشكل كاف، والحرص على عدم الجفاف:
1- المساعدة في التحكم بالوزن
الشعور بالجوع قد يكون في الواقع عطشا، وذلك وفقا لتقرير لموقع “إيت ذيس نات ذات” (EAT THIS, NOT THAT)؛ لذلك عوضا عن الأكل اشرب كوبا من الماء، إذ أظهرت بعض الدراسات أن دماغك يمكن أن يخلط بين الاثنين. بالإضافة إلى ذلك، فإن شرب الماء قبل الوجبة يعمل بمثابة مثبط طبيعي للشهية، ويمكن أن يساعدك على تناول كميات أقل.
وجدت دراسة نشرت في “مجلة أكاديمية التغذية والغذائيات” (Journal of the Academy of Nutrition and Dietetics) أن الأشخاص الذين يشربون الماء قبل الوجبة يأكلون سعرات حرارية أقل بنسبة 13% من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك.
2- تعزيز التمثيل الغذائي
التمثيل الغذائي هو العملية التي يحرق بها الجسم السعرات الحرارية لأداء وظائفه، وعندما يكون التمثيل الغذائي منخفضا، عندها سيكون من الصعب فقدان الوزن.
وجدت دراسة نشرت في “مجلة الغدد الصماء والتمثيل الغذائي” (Journal of Clinical Endocrinology and Metabolism) أن الأشخاص الذين شربوا حوالي نصف لتر من الماء زادت معدلات الأيض لديهم بنسبة 30%. وقدر الباحثون أنه إذا زاد الناس من تناولهم للمياه بمقدار 1.5 لتر يوميا (حوالي 6 أكواب)، فيمكنهم حرق 17 ألفا و400 سعرة حرارية إضافية سنويا. وهذا يعادل تقريبا فقدان 2.5 كيلوغرام.
3- تحسين الأداء الرياضي
شرب كمية كافية من الماء ضروري للأداء الرياضي، ويساعد شرب كمية كافية من الماء جسمك على تحويل الكربوهيدرات إلى طاقة، وتوصيل الأحماض الأمينية الأساسية إلى الأنسجة العضلية. كما أن الماء ضروري لتعويض الجسم عما يفقده مع التعرق.
4- بشرتك ستصبح أكثر إشراقا
إذا لم تحصل على كمية كافية من الماء، تصبح بشرتك جافة، وتكون تجاعيدك أعمق، وبشرتك بشكل عام تبدو باهتة. وعلى الرغم من أن شرب الماء ليس علاجا لجميع مشاكل بشرتك؛ إلا أنه بالتأكيد سيساعدها.
5- تحسين التركيز
دماغك يتكون من 80% من الماء، لذلك يحافظ الترطيب المناسب على أدائه في أفضل حالاته.
6- تحفيز طرد السموم
كلما زادت كمية المياه التي تشربها، كلما كانت الكليتان تعملان بشكل أفضل. نظرا لأن وظيفة كليتيك هي تصفية الفضلات من دمك، فكلما زادت كفاءة كليتيك، زادت كمية السموم التي يتم التخلص منها.
7- التخلص من الألم
وجد الأشخاص الذين عانوا من الصداع والصداع النصفي الراحة من خلال شرب ما يزيد قليلا عن 6 أكواب من الماء يوميا، وفقا لدراسة أجريت في هولندا. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الجفاف إلى تقلصات عضلية.
8- ستكون سعيدا أكثر
عندما تشعر بالجفاف الشديد فهذا يجعلك غاضبا، حيث أظهرت الأبحاث أن شرب الماء يؤثر على مزاجك، حتى الجفاف الخفيف يمكن أن يتسبب في تهيج الناس. ابق رطبا كي تبقى سعيدا.
كيف توصل الماء لجسمك بأقصى سرعة؟
الجواب هو أن تشرب على معدة فارغة، في حال الصيام يعني هذا أن تشرب الماء في بداية الإفطار. في هذه الحالة يمكن أن يعبر الماء إلى معدتك والأمعاء الغليظة ثم مجرى الدم في أقل من 5 دقائق.
مقارنة بشرب الماء أثناء الوجبة أو بعد الوجبة، يمكن أن يستغرق امتصاص الكمية نفسها من الماء من 45 إلى 120 دقيقة.
كيف تعزز الاستفادة من الماء؟
اشرب الماء على مدار فترة الإفطار، هذا يجعل جسمك أرطب مقارنة مع شرب كمية كبيرة من الماء في وقت قصير.
تناول الأغذية الغنية بالألياف، فهي تعد طريقة جيدة بشكل خاص لمساعدة جسمك على امتصاص الماء، إذ تساعد الألياف في الواقع على الاحتفاظ بالماء خاصة في الأمعاء.
كم تحتاج من الماء؟
كل يوم تفقد الماء من خلال التنفس والتعرق والبول والبراز؛ لكي يعمل جسمك بشكل صحيح، يجب عليك تجديد إمدادات المياه عن طريق تناول المشروبات والأطعمة التي تحتوي على الماء.
إذن، ما مقدار السوائل الذي يحتاجه الشخص البالغ العادي، الذي يتمتع بصحة جيدة والذي يعيش في مناخ معتدل؟ وفقا لموقع “مايوكلينك” (mayoclinic)، فإن كمية السوائل اليومية الكافية هي:
حوالي 15.5 كوبا (3.7 لترات) من السوائل يوميا للرجال.
حوالي 11.5 كوبا (2.7 لتر) من السوائل يوميا للنساء.
تغطي هذه التوصيات السوائل من الماء والمشروبات الأخرى والأطعمة. حوالي 20% من استهلاك السوائل اليومي، ويأتي عادة من الطعام والباقي من المشروبات.
كيف أعرف أنني أشرب ما يكفي؟
من المحتمل أن يكون تناول السوائل كافيا إذا:
كنت نادرا ما تشعر بالعطش.
بولك عديم اللون أو أصفر فاتح.
الصداع والماء
ويقول الدكتور مؤيد قاسم خالد -طبيب استشاري أول بمؤسسة حمد الطبية في قطر- إن الصداع يواكب عموما الأيام الأولى للصوم، إذ يشكل الصداع عارضا أوليا لدى عدد من الصائمين، خصوصا في الفترة الأولى من رمضان، نتيجة التغيير السريع الذي يحصل في العادات الغذائية والتخفيف من استهلاك السوائل، كما أن انخفاض استهلاك السوائل يؤدي إلى آلام في العضلات والإرهاق والتعب ما يزيد من مخاطر حدوث الصداع وآلام الرأس.
وأضاف الدكتور خالد -في بيان صحفي صادر عن مؤسسة حمد وصل للجزيرة نت- أنه يجب ألا نغفل هنا أن عدم تناول فنجان القهوة الصباحي أو طعام الفطور عند البعض قد يساهم في زيادة الألم.
كذلك يساهم الاضطراب في النوم والقيام للمشاركة في السحور ثم العودة إلى النوم في حدوث أوجاع الرأس، خصوصا في الفترات الأولى للصوم؛ لكن بحكم عادة الصوم ستنحسر حدة ألم الرأس مع مرور الوقت، والأمر الآخر هو أنه بالإمكان تفادي المشكلة قليلا، وذلك بالانتباه إلى ضرورة استهلاك كمية كبيرة من السوائل، أي بحدود 3 لترات من السوائل موزعة على فترات ساعات الإفطار والسحور وما بينهما، ولا بد من الاعتدال في ساعات النوم وفي كمية الطعام المستهلكة من الإفطار إلى السحور.