علاء زريق*
دمشق..
ريح معلقة فوق سريرنا الأرضي
مدي لها سلما من لحن اليمام
لتتصارع شهوتان في لحمي
يقول ناي يرتجف من البرد
دمشق..
فراش هائم على الأرصفة الخجولة
على شهوات النوافذ المغلقة
أضيئي لها أفقا
كي لا تُسأل عن وجهتها المقبلة
يقول ضوء وليد
دمشق..
ريش فوضوي مبعثر
على الطرقات ذات الرائحة الداكنة
اجمعيه في راحة راحتيك
عشا ليتدثر كجسد برتقالي
تقول قبرة وضعت بيوضها حديثا
دمشق.. ناي، ضوء، وقبرة
وأنا وأنت كأسا نبيذ
يفتحان المدى..
عصورا وفصولا وأغنيات
هنا.. أعد حاجيات ليلتنا بمفردي
أعدد بجرأة ما ينقصني من الوجود ومنك
جسدا آخر.. لأضاجعك جيدا
ذاتا في ذوات متعددة.. لأحبك أكثر
وليليق حبنا بصفة الأبد
دمشق..
ضوء البيوت المعلقة على الغيم
سقوف القرميد تقدم السكينة
للحمام والليل
لا فرق بين الدروب هنا.. لا وجع
وينام الياسمين مسترخيا خلف
السياج أو عليه
كل ما في دمشق يقودنا إلى سماء واحدة.. وقيامة
هنا.. النثر تدوين بالزهر على الجدران المائلة
الشعر كتابة أخرى
هنا.. عيناك مرآتا أمسي
حين أمسي أمضي على الطريق معك
أزرع بحيرة على سريرنا
حين على عامود من رخام
يعلو الوجود خطوة.. ولا يعود
دمشق.. ناي الشذى
تحت ذلك السقف المضاء بالبنفسج
وومضة الشبق الأخير
يحتل العبير كرسيا..
خلعت عليه حمالة الصدر
انشغل لثانية بقراءة حركة القدمين المضطربتين
يتسرب الجمر في لظى الحرير ترتجف الستارة
تختفي الدمعة في لوحة الموناليزا
أطارد أنفاسي
وأنا أواجه جسدك
زغبا نمى على شحمة اذنك
واشتعال دمك في شراييني
هنا..
تتسع نفسي شيئا ما
هنا يبدأ الأزل مسيرته الأولى
يسافر الليلك إلى موته
أعثر فجأة على بقيتي
أغدو أنا دون توجس
أو خوف فطري من هاوية
وههنا.. ألف عام أخرى يمتد عمري
نتوحد لنكون أو لنكون
نتماهى ثم نصير غيرنا
لنولد من رحم النار فينا
طائرا يرفض الطبيعة المتحولة للماء والطين
نحلق نحو معبدنا القديم
حيث الجنوب
ورمل المعنى الغامض
دمشق.. قبرة للانتباه
على أعناق نخل في شفاهنا
تتداخل في الشقوق السرية
للذكريات والأشياء
ذكر حمام يغازل زوجه
ولا يكترث لخطوات الحراس في الردهات
كف ترجع ملامسات النسيم الغريب
حين يعدو ظبي على سفح نهدك العالي
هنا.. أزهق أرواحي جميعا
أوقظ أشباحي فرادى أو لهاثا
أعجن أصابعي في لحم الضفيرة
ثم أغرس شجرة تفاح في عنقك
لتتباهى الجبال
بمواسم الألوهة المبكرة
دمشق.. ناي، ضوء، وقبرة
واستعارات تغفو مع كحل النهايات
تجيز لي..
زيارة لغتي من الأعلى
فأعرف كيف تمارس الضمة واجبها الجنسي؟
وكيف تنهال هدايا الموج السماوي؟ حين ينكسر خصرك قليلا – إثر شهقة-
حيث يواظب حرف اللام
تمريرها عبر مسامي.. لتحبل قصيدتي
هنا.. أناجز أساطير السماء في سلالاتي سيفها، فأطفو
أتنكر لنفسي، لأبي
ولبداهة التكوين في ضجيج البني الأبدي
أخترعك مني، من تلالي نوري
ومن توالي الذكرى في لا وعيي
حتى يتحدب الوداع
قبابا أو نصوصا في دفتر التراب
دمشق..ناي، ضوء وقبرة
وغمازتان تتوجان الرحيل
بنجمة أخيرة على سريرنا
يتدرج العشب على ضلوعي
يغطيني..
يتناسل الربيع من الربيع
فصلا نهائيا بين سحابتين
هنا..
أتناسخ – أتفرد
أتقابل- أتباعد
أجاهر- أتوارى
أتبعثر- أجمع
أتناسج- أتشظى
أتسامق- أضمر
أتعالى- أتساقط
ثم أحيل كل شخوصي.. أولها
حين تضعين كراسة البلاغة
كنسج أخير
في كتاب الحضارة.
سوريا
شاعر سوري