سليمان حاج إبراهيم
صنفت وزارة الداخلية ووزارة الخزانة في المملكة المتحدة، مؤخراً، الإمارات العربية المتحدة على أنها ولاية قضائية معرضة لغسيل الأموال من قبل الشبكات الإجرامية، وأكدت على وجود ثغرات حولت الدولة الخليجية إلى ملاذ منظمات إجرامية تمارس عملها بأريحية.
وانتقدت السلطات السهولة التي يمكن بها نقل الذهب والنقود عبر البلاد، وتسجيل معاملات مالية مشبوهة. وشدد أحدث تقرير حول تقييم المخاطر الوطنية وغسيل الأموال والإرهاب 2020، على ضرورة تسليط الضوء والبحث والتحري أكثر في المعاملات المالية المشبوهة التي تتم في الإمارات.
وقدم التقرير إلى البرلمان وفقاً للمادة 16 من قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتحويل الأموال.
وكشف التقرير البريطاني الذي اطلعت “القدس العربي” على نسخة منه، أن الإمارات العربية صنفت على أنها موقع جاذب لكل من يرغب في غسل عائدات الجريمة من الخارج، وشدد على أن عدداً من الرعايا الأجانب المقيمين أو المتعاملين في الإمارات يستغلون أنظمتها للإفلات من الرقابة والمتابعة الدولية.
التقرير كشف أن الإمارات صنفت على أنها موقع جاذب لكل من يرغب في غسل عائدات الجريمة من الخارج
وأشارت الوثيقة البريطانية التي وقعها كل من جيمس بروكنشاير وزير الأمن في المملكة المتحدة، وجون جلين السكرتير الاقتصادي للخزينة، إلى أن الإمارات خضعت مؤخراً للتقييم المتبادل من قبل مجموعة العمل المالي. وفضح تقرير لندن خبايا عالم الجريمة وغسيل الأموال في أبوظبي ودبي، وتحولهما تدريجياً لـ”جنة المعاملات المشبوهة”. وتعمقت السلطات البريطانية حد تحديد فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية، نقاط الضعف المسجلة، ووضعت دولة الإمارات العربية المتحدة تحت المراقبة.
وشدد التقرير الذي حللت بياناته “القدس العربي” على أن المعاينة كشفت أوجه القصور الموجودة في هذه الدولة وفي عواصم أخرى، التي ما تزال المعاملات المالية المشبوهة فيها رائجة. وفضح التقرير البريطاني الإمارات، وكيف أن الشبكات الإجرامية تستغل ميزات قوانينها، من أجل تحويل النقود المشبوهة، والمنقولات الأخرى مثل الذهب والمجوهرات، بين الإمارات، وإلى خارج الدولة. وأكد التقرير على وجود ثغرات أخرى تسجل على الإمارات إذ تساهم المجموعات الإجرامية بالانخراط في غسيل الأموال والنفاذ إلى ممتلكات في دولة الإمارات العربية المتحدة.
كما ركز البريطانيون على المخاطر المتعلقة بالأصول المشفرة، التي تستغلها المنظمات الإجرامية انطلاقاً من الإمارات. وجاء التركيز البريطاني على الإمارات انطلاقاً من رغبة لندن بمحاربة الجريمة المنظمة وتتبع مسارات الأموال المشبوهة، والحيلولة دون نفاذها إلى المملكة المتحدة. وكشف التقرير أن المملكة المتحدة تحتل موقع الصدارة في التصدي لغسل الأموال وتمويل الإرهاب عالميا؛ حيث أنها في عام 2018 حققت أفضل تصنيف من أي دولة تم تقييمها حتى الآن في هذه الجولة من تقييمات مجموعة العمل المالي (FATF). واستطرد التقرير أن هذه المكانة تحتم على البريطانيين التعامل بحزم مع الدول المشبوهة أو التي توفر قوانينها ملاذاً آمناً، ولهذا أشار إلى أنه يعمل عن كثب مع أبوظبي لمساعدتها في القيام بإصلاحات لقوانينها.
ويأتي التقرير البريطاني بعد أشهر من تقرير آخر نشرته منظمة الشفافية الدولية، كشفت فيه أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد جزءاً من منظومة عالمية لغسل الأموال، مؤكدة أن تقرير مجموعة العمل المالي الأخير بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الإمارات يؤكد ارتباطها بفضائح فساد كبرى عابرة للحدود. وأشار تقرير “الأمنيستي” إلى تهريب ابنة رئيس أنغولا السابق الملايين من أموال الدولة إلى دبي، مطلع العام الجاري. وأضاف أن ما سماه “النهج الفوضوي” المتبع في تسجيل الشركات بالإمارات يصعّب على السلطات معرفة من يقف وراء الشركات الوهمية فيها. كما أن قطاع العقارات في الإمارات يسمح لأشخاص بالاستفادة من نظام الملكية المعقّد لشراء العقارات وإخفاء هوياتهم ومصادر أموالهم.
وأضاف التقرير أن السلطات في الإمارات لا تتعاون مع الشركاء الدوليين، مما يجعلها مركز جذب وملاذاً آمناً للمجرمين. وأكد التقرير أن الهيئة العالمية المعنية بمراقبة الأموال غير القانونية ستضع الإمارات تحت المراقبة لمدة عام، وأوضح أنه في حال أخفقت الإمارات في إدخال تحسينات على آلية مكافحة غسل الأموال، فقد تجد نفسها إلى جانب دول مثل سوريا واليمن وباكستان، التي تعاني من “مواطن قصور إستراتيجية”، حسب المنظمة.