يؤكد علماء النفس التربوي أن غياب الأب لفترة طويلة عن البيت يؤثر على النمو الجسمي والعقلي للطفل، مشيرين إلى أن فقدان الأب يضع الطفل تحت ضغط عصبي متواصل، ما يُحدِث تغيُّرا في كيمياء المخ، واضطرابا في الهرمونات، يؤثر على قدرة خلايا الدماغ العصبية على التجدُّد والنمو.
ويشدد التحليل النفسي على أهميّة صورة الأب في حياة الطفل، فهي التي تجسّد الرمزية الذكورية الضرورية في لاوعي الطفل، من خلال رسم صورة ثلاثية العناصر تتكون من الأب والأم والطفل. وإذا غاب أحد هذه العناصر، ستشهد العلاقة العائلية خللاً في التوازن يؤثّر سلباً على شخصيّة الطفل.
كما يمكن لغياب الأب أن يؤثر سلباً على توجّه الطفل الجنسي، لاسيما إذا لم يستطع الطفل إيجاد رمز بديل عن الأب يتمثل في العم أو الخال أو الجد أو المدرس، يؤدي دور الأب القوي المدافع.
التحليل النفسي يشدد على أهميّة صورة الأب في حياة الطفل، فهي التي تجسّد الرمزية الذكورية الضرورية في لاوعي الطفل.
ويتمثل دور الأب وفق علم النفس الاجتماعي في وضع القرارات المتعلقة بمصير العائلة، وتوفير مصدر الرزق والعيش الآمن، كما له دور هام في تربية الأطفال وإظهار قوته ودفاعه.
ولكن عند غياب الأب عن عائلته، يُحرم الطفل من كل هذه الميزات كما تحرم العائلة من الدينامية العائلية التي تؤدي دوراً هاماً في توازن شخصية الطفل.
ويقول المستشار الأسري أيوب عبدالقادر «من الواجب على الآباء أن يولوا أطفالهم الرعاية والحب والعطف والحنان وإلا يقتصر اهتمامهم على تأدية الواجبات»، مشيرا إلى أن الأطفال يشعرون بالسعادة والرضا إذا أحسوا أن آباءهم يرعونهم ويحبونهم ويعطفون عليهم.
وأظهرت دراسات علم النفس التربوي أنّه في العائلة التي يغيب عنها الأب، يواجه الطفل الكثير من المشاكل في عملية تطور سلوكه الاجتماعي العام. فيكون الطفل أقلّ استقلالية كما تظهر عنده بعض المشاكل السلوكية مثل العصبية، والانحراف فيصبح ميالا إلى ارتكاب السرقة، وتعاطي المخدرات، وصولا إلى ارتكاب الجريمة. كما أنّ ثقة هذا الطفل تكون غالباً ضعيفة. وأظهرت بعض الدراسات أنّ هناك علاقة بين حالات الانتحار وخيبة الأمل من الأب وصورته.
وأكدت دراسات أخرى في علم النفس الاجتماعي أنّ الأطفال ذوي الأب الغائب يعانون مشكلة حادة في تكوين الصداقات، ويعود السبب ربما إلى عدم إيجاد صورة إيجابية للأب مثال السلطة والعاطفة في آنٍ واحد.