تشهد صنعاء هذه الأيام ما يشبه الهبة الشاملة لرفع المظالم ومكافحة الفساد .
ولأن هذه الهبة انطلقت فجأة مثلها مثل حركة مكاتب خدمة الجمهور التي أطلقها رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط وماتت قبل أن يلمس لها المواطنون أي أثر ، فإن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو : لماذا هذه الهبة المفاجئة ، وهل تلقى – رغم ما تبدو عليها من جدية – مصير مكاتب خدمة الجمهور ؟
في أحد المؤتمرات الصحفية ذكر مدير مكتب الرئاسة أحمد حامد أن القائد شاهد بعض ما تعرضه قنوات فضائية من مظالم وقضايا فساد ووجه بإنشاء إدارة خاصة لمتابعة ما تنشره وسائل الإعلام بدلا من أن يقضي هو ساعات من وقته الثمين أمام شاشة التلفزيون .
من كلام مدير مكتب الرئاسة يبدو لنا أن توجيهات قائد الأنصار هي التي دفعت لتحريك الوضع الراكد وإطلاق الفاعليات الحالية تحت شعار مكافحة الفساد ورفع المظالم . وهنا يجب أن نذكر توجيهات سابقة وردت في خطابات متلفزة وكان مصيرها الإهمال والنسيان ، وبالخصوص :
1) في المرة الأولى قال : الفاسد اخلسوا جلده ، ولما لم يُعر هذا التوجيه أبسط اهتمام من جهة المعنيين تحول إلى موضوع للتندر حيث كان يقال أنه كان يقصد تسمين الجلود وتنعيمها .
2) في المرة الثانية قال مهددا الفاسدين : عندنا فيتامينات ، وجوبه هذا الإنذار بالتجاهل التام من المعنيين الذين عليهم محاربة الفساد ، وسرعان ما تندر البعض قائلا أن الفيتامينات تزيد الجسم متانة وقوة وتعزز مناعته ، والجسم المقصود هنا هو جسم الفساد .
3) ثم جاءت المحاضرة الرمضانية رقم (24) في رمضان الفائت ، التي كان حديثه فيها غاضبا وصارما للغاية ، وموحيا ببدء حرب حقيقية ضد الفساد والفاسدين ، وبالتحديد قوله : سأستعين بالله عليهم .
اعتقدنا نحن المواطنين أن هذا الخطاب سيكون فاصلا ، وأن عملا جديا في محاربة الفساد سيبدأ فورا ، وللأسف وخيبة الأمل تجاهلوه تماما ، والبعض ربما أنه لم يسمعه .
تلك المواقف اللامبالية التي قابل بها الأنصار توجيهات وأوامر قائدهم بشأن محاربة الفساد ورفع المظالم أضرت بمصداقيتها ، فهل تكون الهبة الجديدة جادة فتحقق بعض ما يتطلع إليه الناس ويعيد بها الأنصار قوة المصداقية لتوجيهات قائدهم الخاصة برفع المظالم ومحاربة الفساد .
يريد المواطنون محاربة الفساد ، ويريدون رفع المظالم ، ليس فقط المظالم القديمة ، بل والجديدة ، فهل تفعلون ؟
نتمنى لكم النجاح في هذه الجبهة التي لا تقل صعوبة عن مواجهة العدوان ، ونتمنى أن تتسلحوا بالقانون وأن تكون اجراءاتكم علنية وأن تتجنبوا أية تصنيفات مسبقة للناس ، فالجميع مواطنون يمنيون والمتهم بريء حتى تثبت إدانته.