يصادف يوم الأحد 15 نوفمبر، الذكرى الـ32 لإعلان استقلال دولة فلسطين، خلال انعقاد جلسة المجلس الوطني الفلسطيني في العام 1988 في الجزائر، هو تاريخ تراكمت عليه أحداث سياسية هامة، حين أعلن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، قيام دولة فلسطين، وحق شعبها في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة على أرضه.
ومن أجل المحافظة على قدسية هذا اليوم، الذي يمثل أملا كبيرا للفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة التي تقرها الشرعية الدولية على حدود العام 1967، يعتبر هذا اليوم يوما وطنيا، تعطل فيه المؤسسات الرسمية والشعبية، وترفع خلاله الأعلام الفلسطينية فوق المباني الحكومية والحزبية والمنازل، كما ينظم خلاله الفلسطينيون فعاليات وطنية رسمية وشعبية.
وفي مثل هذا اليوم في العام 1988، ألقى الرئيس الراحل ياسر عرفات، كلمته الشهيرة في المجلس الوطني، والتي تلا فيها وثيقة الاستقلال، أمام المجلس الوطني في دورته التاسعة عشر في الجزائر، وجاء فيها “”إن المجلس الوطني يعلن، باسم الله، وباسم الشعب العربي الفلسطيني، قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشريف”، وقد استند بذلك إلى الحق الطبيعي، والتاريخي، والقانوني، للشعب العربي الفلسطيني في وطنه فلسطين؛ وتضحيات أجياله المتعاقبة دفاعاً عن حرية وطنهم واستقلاله، وانطلاقاً من قرارات القمم العربية، ومن قوة الشرعية الدولية التي تجسدها قرارات الأمم المتحدة منذ 1947؛ وممارسة الشعب العربي الفلسطيني حقه في تقرير المصير، والاستقلال السياسي، والسيادة فوق أرضه.
وقد حملت وثيقة الاستقلال التي صاغها الشاعر الراحل محمود درويش، الكثير من المعاني واستذكرت بطولات الشعب الفلسطيني وتطلعه للحرية، وحملت أيضا رسالة سلام فلسطينية موجهة للعالم أجمع، مفادها أن الفلسطينيين يريدون العيش بأمن وسلام على جزء من أرض فلسطين التاريخية، مقدمين بذلك تنازلاً مؤلماً من أجل إقامة دولتهم على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، في إطار الإقرار والموافقة على “حل الدولتين”، كما أقرت الوثيقة التزام الفلسطينيين بمبادئ الأمم المتحدة وأهدافها، وبالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتزامها كذلك بمبادئ عدم الانحياز وسياسته.
وأكدت الوثيقة أن دولة فلسطين دولة عربية، وهي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية بتراثها وحضارتها، وبطموحها الحاضر إلى تحقيق أهدافها في التحرر والتطور والديمقراطية والوحدة، لتسارع وقتها على الفور العديد من الدول الصديقة إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المعلن عنها في وثيقة الاستقلال، وفتحت أبوابها لإقامة سفارات وممثليات فلسطينية على أراضيها، ليتجاوز عدد الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية عدد الدول المعترفة بإسرائيل.
وفي هذه الذكرى، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد ابو هولي، رفض منظمة التحرير لـ “الحلول المجتزأة” التي تتجاوز قرارات الشرعية الدولية، وحق العودة، والتعويض، وتتجاوز خيار حل الدولتين، وتنحاز للمحتل على حساب حقوق شعبنا الفلسطيني غير القابلة للتصرف، مؤكدا في الوقت ذاته أن شعبنا لن يقبل بديلا عن فلسطين وطنا له، ودعا الدول التي لم تعترف بعد في الدولة الفلسطينية الاعتراف بها، ودعم حق الشعب في العودة، وتقرير مصيره، والاصطفاف الى مربع الحق والعدل، الذي تضمنه مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وشدد على استمرار النضال السياسي والدبلوماسي الفلسطيني في كافة المحافل الدولية نحو تجسيد الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، طبقا لما ورد في القرار (194)، مؤكدا أن اعلان الاستقلال شكل نقطة تحول في نضال الشعب الفلسطيني وعلامة فارقة في تاريخ القضية، وطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والضغط على حكومة الاحتلال لوقف عدوانها وانهاء احتلالها وانصياعها لإرادة الشرعية الدولية.
وقال المجلس الوطني الفلسطيني في هذه الذكرى، إن اعلان وثيقة الاستقلال عام 1988 “أسس لمرحلة الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية، وعاصمتها مدينة القدس، وأن الوحدة الوطنية الفلسطينية هي الطريق الأقصر نحو دحر الاحتلال، وتجسيد هذا الاستقلال الوطني، وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة”، مؤكدا أن إعلان وثيقة الاستقلال فتح الطريق واسعا لاعتراف دول العالم بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، حيث اعترفت في حينه نحو 110 دول، وتبعها اعتراف الأمم المتحدة في نوفمبر 2012، حيث صدر قرار الجمعية العامة رقم 19/67، حتى وصل عدد الدول التي اعترفت بدولتنا نحو 141 دولة.
وأكد المجلس في بيانه، على ما جاء في وثيقة الاستقلال، بأن شعبنا لم يتوقف يوما عن الدفاع الباسل عن وطنه، وأن ثوراته وانتفاضاته المتلاحقة كانت تجسيدا بطوليا لإرادة الاستقلال الوطني، وأنه سيواصل هذا النضال حتى يصبح هذا الاستقلال حقيقة على أرضه، لا يثنيه ولا يرهبه عدوان المحتل وعنصريته، وجدد التذكير برفض الشعب الفلسطيني لكل المخططات والمشاريع الهادفة لتصفية قضيته الوطنية وإلغاء حقوقه المشروعة ، وطالب المجتمع الدولي ومؤسساته يتحمل المسؤولية، وأن تأخذ دورها في تطبيق الشرعية الدولية، وقراراتها ذات العلاقة، والانتقال إلى مربع الأفعال.
من جهتها قالت حركة فتح، “إن شعبنا الفلسطيني لن يتنازل عن حقوقه الوطنية الأساسية، في العودة وتقرير المصير، والاستقلال الوطني، وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية”، مؤكدة أن هذا الإعلان، يمثل “ثمرة كفاح طويل ومرير وتضحيات جسام، قدمها شعبنا على مدار عقود من الزمن”، موضحة أن إحياء ذكرى الاستقلال هو دليل على أن “إرادة شعبنا لن تنكسر، وأن المسيرة النضالية ستتواصل حتى دحر الاحتلال الإسرائيلي، ونيل الحرية والاستقلال”.
وأشارت الى أهمية هذا الاعلان، والذي يعبر عن إصرار شعبنا على مواجهة المشروع الاحتلالي الاستعماري، والتي تمثل “صفقة القرن” النسخة الاكثر وضوحا منه.
من جهته قال تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية أن وثيقة إعلان الاستقلال “ما تزال تشكل هاديا وبوصلة للكفاح الوطني الفلسطيني من أجل بناء نظام سياسي ديمقراطي تتساوى فيه الحقوق والواجبات لجميع المواطنين ويسوده النظام والقانون ومن أجل حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة وبناء دولة فلسطين على جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 وفي القلب منها مدينة القدس، العاصمة الأبدية لشعب ودولة فلسطين”، مؤكدا أن حقوق الشعب الفلسطيني كما حددتها وثيقة إعلان الاستقلال “غير قابلة للتصرف ولا يمكن أن تكون موضوع مساومة”.
وأكد الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني “فدا”، على ضرورة التمسك بالمبادئ والأسس التي أرستها وثيقة إعلان الاستقلال عام 1988، من أجل تحقيق الأهداف المشروعة للشعب الفلسطيني، وضمان الحرية والكرامة التي ينشدها.
يشار إلى أن هذه الذكرى تمر، في الوقت الذي تتعرض فيه القضية الفلسطينية، لمحاولات تصفية تقودها الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، وفي ظل هجوم استيطاني خطير يستهدف الضفة الغربية، ضمن المحاولات الرامية لتنفيذ مخطط الضم، كما تحل الذكرى في وقت قامت به دول عربية بقيادة الامارات العربية، بتوقيع اتفاقيات تطبيع علاقات مع إسرائيل، في مخالفة واضحة لقرارات القمم العربية.