دون أي اكتراث من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لوضعه الصحي الخطر للغاية، دخل الأسير الفلسطيني ماهر الأخرس يومه الـ 100 في الإضراب عن الطعام، واضعا بين عينيه غاية التغلب على السجان، وتحقيق مطلبه بالحرية والعودة لمنزله، أو أن يقضي شهيدا، في الوقت الذي أعلن فيه عن ارتفاع عدد الأسرى المصابين بفيروس “كورونا” جراء سياسة الإهمال الطبي الإسرائيلية المتعمدة بشأن 73 أسيرا، بينهم أحد قيادات حركة حماس.
ويواصل الأسير الأخرس “معركة الأمعاء الخاوية” رفضًا لاعتقاله الإداري الذي وضع فيه قبل أكثر من ثلاثة أشهر، وذلك رغم تدهور حالته الصحية بشكل خطير، إذ يُعاني الأسير الأخرس من أوجاع شديدة في كل أنحاء جسده، وتشنجات متكررة، وفقدان للوعي، وصعوبة في الحركة، وضعف في السمع والرؤية، بالإضافة إلى ضيق في التنفس.
وقال المستشار الإعلامي لهيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه، إن رئيس الهيئة قدري أبو بكر بعث رسائل إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية، للضغط على الاحتلال لإنهاء الاعتقال الإداري للأسير الأخرس والتدخل لإنقاذ حياته، وأشار إلى أن الهيئة تتواصل مع وزارة الخارجية، لإطلاق حملة دبلوماسية لتسليط الضوء على الاعتقال الإداري والضغط لإنهاء اعتقال الأسير الأخرس.
وهدد أحمد المدلل القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، الاحتلال، وقال: “إن الاحتلال لن ينعم بلحظة هدوء إذا حدث أي مكروه للأسير ماهر الأخرس”، وحمل المدلل الاحتلال وكل المؤسسات الحقوقية التي تدعي الإنسانية المسؤولية عن حياة هذا الأسير، وأضاف: “نحن على يقين بأن الاحتلال قد فهم رسالة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي بشكل جيد”.
ونظمت العديد من الوقفات التضامنية مع الأسير الأخرس أمام مقرات اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وخلال وقفة في مدينة البيرة قال رئيس هيئة الأسرى قدري أبو بكر، إنه تم إرسال عدة رسائل لعدد من دول العالم والمنظمات الدولية للضغط على سلطات الاحتلال لإنقاذ حياة الأسير الأخرس، وجار المتابعة مع الصليب الأحمر والأمم المتحدة بهذا الخصوص.
ويشار إلى أن الأسير ماهر الأخرس يدخل إضرابه المفتوح عن الطعام اليوم الـ100، وسط مماطلة من الاحتلال وتدهور خطير على حالته الصحية. يذكر أن الأخرس قد اعتقل بتاريخ 27 يوليو 2020، وجرى نقله بعد اعتقاله إلى معتقل “حوارة” وفيه شرع بإضرابه المفتوح عن الطعام، ونقل لاحقا إلى سجن “عوفر”، ثم جرى تحويله إلى الاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر، وثبتت المحكمة أمر الاعتقال لاحقا.
واستمر احتجازه في سجن “عوفر” إلى أن تدهور وضعه الصحي مع مرور الوقت، ونقلته إدارة سجون الاحتلال إلى سجن “عيادة الرملة”، وبقي فيها حتى بداية شهر أيلول المنصرم إلى أن نُقل إلى مستشفى “كابلان” الإسرائيلي حيث يحتجز حتى تاريخ اليوم، بوضع صحي صعب وخطير، ويرفض أخذ المدعمات وإجراء الفحوص الطبية.
وخلال الفترة الماضية رفضت محاكم إسرائيلية التماسات قدمت من محاميته، لإطلاق سراحه جراء تدهور وضعه الصحي، واكتفت إحدى المحاكم بتجميد أمر الاعتقال دون أن تلغيه، كما رفض الاحتلال نقله لأحد مشافي الضفة، وبدون الحصول على وعد رسمي، قال الاحتلال إنه سيستمر في الاعتقال حتى نهاية الحكم الحالي يوم 26 من الشهر الجاري، وهو ما رفضه الأسير الأخرس، والمؤسسات التي تتابع ملف الأسرى، واعتبرته خدعة ومحاولة للالتفاف على الإضراب ولا يعني إنهاء اعتقاله الإداري، وقد تعهد الأخرس سابقا بأن يستمر في الإضراب حتى تحقيق النصر أو الشهادة.
وهذا الأسير متزوج وأب لـ 6 أبناء أصغرهم طفلة تبلغ من العمر 6 أعوام، وظهر في لقطة مؤثرة وهو على سرير المشفى يحتضن طفلته، التي سمح لها الاحتلال بزيارته بعد معاناة طويلة.
وفي السياق، ارتفع عدد الأسرى الفلسطينيين في سجن “جلبوع” المصابين بفيروس “كورونا” جراء سياسات الاحتلال التنكيلية إلى 73 أسيرا بعد أقل من 24 ساعة على اكتشاف أول 12 حالة في هذا المعتقل.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن هذا العدد مرشح للازدياد خلال الساعات والأيام القادمة، وأوضحت في بيان، أن إدارة السجن أغلقت المعتقل بالكامل، بعد اكتشاف 61 إصابة جديدة بـ “كورونا”، وألغت جميع الزيارات وأعلنت أنها ستقوم بنقل جميع المصابين إلى سجن “سليمون”.
ونددت الهيئة في تقريرها بالتدابير السيئة والإجراءات الوقائية والاحترازية المعدومة داخل سجون الاحتلال واستهتار الإدارة في الحفاظ على سلامة المعتقلين، وأكدت على أن سياسة الإهمال والتقصير الإسرائيلية المتعمدة والممنهجة، هي ما جعلت الأسرى هدفا لفيروس كورونا ولكل الأوبئة والأمراض الخطيرة التي تودي بحياتهم.
ولفتت إلى أنّ عددا من الأسرى المصابين بفيروس “كورونا “، كانوا قد شعروا بأعراض المرض، منتصف الأسبوع الماضي، وأخبروا إدارة السجون بذلك، إلا أنها تجاهلت الأمر ولم تقدم أية فحوصات لهم.
هذا وقد أعلن أن من بين الأسرى المصابين بالفيروس، القيادي في حركة حماس الأسير عباس السيد، حيث أعلن على أثر ذلك الأسرى في سجون “جلبوع، ورامون، ونفحة” أنهم سيشرعون بخطوات تصعيدية ضد إدارة سجون الاحتلال عقب انتشار الفيروس.
ودعت جمعية واعد للأسرى منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، للإشراف على فحوصات “كورونا” التي تجري داخل للأسرى داخل سجون الاحتلال، بعد أن شككت في فحوصات الاحتلال، وطالبت في بيان لها كلتا المؤسستين بالتأكد من سلامة فحص العينات وظهور النتائج ومطابقتها بالأسماء وتدقيقها وإبلاغ ذوي الأسير قبل أن يتم الإعلان عبر الإعلام الإسرائيلي، وقالت إنه “لا ثقة بكل إجراءات قوات السجون الصهيونية وخاصة فيما يتعلق بفحوصات فيروس كورونا”.
ورغم النداءات التي أطلقتها القيادة الفلسطينية والمؤسسات الحقوقية وتلك التي تعنى بأوضاع الأسرى، بضرورة إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، خاصة كبار السن والمرضى والأطفال والنساء، مع بداية وصول الجائحة، خشية من تعرض حياتهم للخطر، إلا أن سلطات الاحتلال لم تأبه لتلك المطالبات، وأبقت الأسرى في السجون التي تفتقر لكل مقومات الحياة، يواجهون مصيرهم المجهول، دون أن تقدم لهم أي رعاية إضافية.
وتعتقل إسرائيل نحو خمسة آلاف من الأسرى، بينهم مئات المرضى، وعشرات الأطفال والنساء، وتضعهم في غرف ضيقة ومكتظة، ولم تسمح مع بداية وصول الجائحة لهم بالحصول على معدات التعقيم اللازمة، ولا أي مواد طبية تساهم في تقليل خطر الفيروس، كما حرمتهم من العديد من الأطعمة التي تقوي المناعة، اللازمة للتعامل والتغلب على المرض.