تمكن علماء الفلك لأول مرة، من رصد أدلة واضحة على انبثاق أعمدة من الغاز البركاني السام من براكين قمر المشتري آيو- بحسب روسيا اليوم.
وقدمت الصور الراديوية الجديدة لقمر المشتري، أخيرا، بعض الإجابات عن الأسئلة التي طال أمدها حول غلافه الجوي.
ويعرف آيو بأنه أكبر مكان بركاني في النظام الشمسي، حيث يملك أكثر من 400 بركان نشط على سطحه، كما أنه رابع أكبر أقمار غاليليو الأربعة، وهي غانيميد وأوروبا وكاليستو وآيو، اكتشفها عالم الفلك الإيطالي غاليليو غاليلي عام 1610.
ولاحظ العلماء أن ثاني أكسيد الكبريت يهيمن على الغلاف الجوي الرقيق وسطح آيو. والكبريت المنبعث من الداخل تنفث كغاز من خلال الانقسامات البركانية، وتستقر على سطحه في الليل بينما تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون درجة تجمد ثاني أكسيد الكبريت، ما يعطي القمر درجات ألوانه الصفراء والبرتقالية والحمراء.
وفي ضوء النهار، يتصاعد ثاني أكسيد الكبريت المتجمد مرة أخرى في الغلاف الجوي، ويعيد ملئه في نحو 10 دقائق، أسرع بكثير مما كان متوقعا.
ويتسرب معظم الغاز الموجود في القمر من خلال تفاعل معقد مع كوكب المشتري وحقله المغناطيسي بمعدل نحو 1 طن متري في الثانية، ما يساهم في تكوين دوائر ضخمة من البلازما تسمى نتوء بلازما آيو التي تدور حول كوكب المشتري.
ويمكن أن يكشف الغلاف الجوي المتبقي الكثير عن العمليات الجيولوجية في باطن القمر، والتي بدورها يمكن أن تساعدنا في فهم بعض ديناميكيات الكواكب خارج نظامنا الشمسي.
واستخدم التلسكوب الراديوي ALMA الموجود في تشيلي، للحصول على صور راديوية تظهر لأول مرة التأثير المباشر للنشاط البركاني على الغلاف الجوي لقمر المشتري.
وبفضل حساسية تلسكوب ALMA الكبيرة وقدرتها على الدقة، تمكن الخبراء لأول مرة من ملاحظة أعمدة ثاني أكسيد الكبريت (SO2) وأول أكسيد الكبريت (SO) المنبعثة من البراكين بوضوح شديد.
وقدر العلماء من خلال الصور أن البراكين تنتج بشكل مباشر نحو 30% إلى 50% من الغلاف الجوي لآيو.
وأوضحت عالمة الفلك ستاتيا لوسش-كوك من جامعة كولومبيا: “عندما يمر آيو في ظل كوكب المشتري، ويكون بعيدا عن أشعة الشمس المباشرة، يكون الجو باردا جدا بالنسبة لغاز ثاني أكسيد الكبريت، فيتكثف على سطح القمر. وخلال ذلك الوقت، يمكننا فقط رؤية ثاني أكسيد الكبريت من مصادر بركانية. لذلك يمكننا أن نرى بالضبط مقدار تأثر الغلاف الجوي بالنشاط البركاني”.
وتمكن الفريق من التعرف بوضوح، لأول مرة، على أدلة على وجود أعمدة ثاني أكسيد الكبريت وأول أكسيد الكبريت المنبعثة من المصادر البركانية.
وفي المناطق البركانية التي لا تحتوي على ثاني أكسيد الكبريت أو أحادي أكسيد الكبريت، رأوا شيئا آخر، حيث لاحظوا كلوريد البوتاسيوم، وهو غاز بركاني آخر.
ويعني هذا أن البراكين المختلفة تستغل خزانات الصهارة المتنوعة، بدلا من مشاركتها. ما يشير إلى بعض التعقيد المثير للاهتمام تحت سطح آيو.
ومن خلال الصور، تمكن الفريق من حساب المساهمة البركانية في الغلاف الجوي لآيو، حيث يأتي نحو 30% إلى 50% من ثاني أكسيد الكبريت مباشرة من البراكين.
ويقول الفريق إن الخطوة التالية في بحثهم هي محاولة قياس درجة حرارة الغلاف الجوي لآيو، خاصة على ارتفاعات منخفضة. وسيكون هذا أكثر صعوبة إلى حد ما، لكنه ليس مستحيلا.