تعد التربية التحضيرية المرحلة الأخيرة للتربية ما قبل المدرسة، وهي التي تحضّر الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و6 سنوات للالتحاق بالتعليم الأساسي.
ويؤكد خبراء التربية على أهمية التعليم ما قبل التمدرس في بناء شخصية الطفل وتكوينه واعتماده على ذاته، حيث يتعلم الطفل في هذه المرحلة كيفية التعبير عن نفسه بصورة خلاقة، ويتعرف على أصدقاء جدد ويقضي الوقت بعيدا عن والديه، وذلك يمثل بذرة الاعتماد على النفس لديه.
ويرى خبراء التربية أن ما يتلقاه الطفل في المرحلة التحضيرية هو انطلاقة لعالمه المعرفي. وينصحون المعلمين بأن يخلقوا الجو المرحِّب لطلاب هذه المرحلة، والذي يتيح لهم إمكانية التعلم أثناء اللعب.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الخبرات المبكرة لدى الطفل لها تأثير قوي ومحدد على طبيعة النمو لديه، ولا يشمل هذا التأثير المستوى التقليدي للنمو العقلي للطفل فحسب، بل يتعداه إلى مستوى توجيه الاستفادة من خلايا المخ المعقدة لديه وتفعيلها بدلا من تلاشيها.
وتشير الدراسات العلمية إلى أن ذكاء الطفل يتأثر بالخبرات والمثيرات المحيطة به، حيث أن 50 في المئة من ذكاء الطفل تبدأ في التشكيل منذ الولادة حتى سن الأربع سنوات وحوالي 30 في المئة تتشكل في المرحلة ما بين أربع وثماني سنوات، وتتشكل 20 في المئة من ذكاء الطفل ما بين سن الثامنة والسابعة عشرة. كما أكدت الدراسات الحديثة أن الطفل لا ينمو نموا سليما إلا إذا توفرت له بيئة تربوية غنية، مليئة بالمثيرات والمنبهات تنمي طاقاته وقدراته العقلية، وتعمل على تنمية قدراته الجسمية والنفسية والاجتماعية.
ويذهب علماء النفس إلى أن التربية التحضيرية تحقق للطفل كثيرا من حاجاته التي لا يمكن للأسرة أن تحققها له.
ويرون أن وظيفة التعليم ما قبل الابتدائي هي توفير مناخ اجتماعي ووجداني وعقلي، يجمع بين مميزات عهد الطفولة في الأسرة بما يمثله من حرية وحنان وتلقائية، وبين صفات المدرسة الابتدائية بما تشتمل عليه من نظام وتقليص من تلك الحرية.
الدراسات العلمية تشير إلى أن ذكاء الطفل يتأثر بالخبرات والمثيرات المحيطة به.
ويرون أن المعاملة التي يلقاها الطفل في الأسرة أو الروضة لها تأثيرها على طبيعته الانفعالية. ويحتاج الطفل حتى يحقق الاتزان والثبات إلى إشباع حاجاته النفسية الأساسية مثل الشعور بالأمن والاطمئنان في ظل أسرة أو مؤسسة تربوية تحميه من الخوف والقلق، والحاجة إلى الحب والعطف، والتقدير والاحترام، والنجاح والحاجة إلى الانتماء للأسرة والجماعة، وهو ما يتوفر للطفل حين يلتحق بالحضانة أو المدرسة، وينضم إلى المربية والأقران الذين يمثلون قائمة مصادر التنشئة الاجتماعية.
ويحتاج مربّو الطفولة في المرحلة التحضيرية إلى مراعاة النمو الحركي والمعرفي والقيمي الخلقي واللغوي والانفعالي للطفل، وتعديل بعض سلوكياته الحركية والانفعالية والنطقية وخاصة ما يتعلق بالمعارف. وينصح الخبراء المشرفين على الحضانات بتكوين خبراء في التعليم ما قبل المدرسي أو التحضيري، وربط الحلقة بين هذا التعليم التمهيدي والتعليم الابتدائي لإرساء تكامل بين الحلقتين، ومراعاة خصوصيات الطفولة في هذه المرحلة.
وفي السنوات الأخيرة عمدت بعض البلدان إلى دمج المرحلة التحضيرية في السلم التعليمي بهدف تأمين الرعاية الصحية للأطفال، وتدريبهم على العادات والسلوك الحسن. وركزت بعض البلدان على تعليم الأطفال مبادئ الكتابة والقراءة والحساب في المرحلة الأخيرة من خلال معلمين جرى إعدادهم بتأهيل تربوي عال في معاهد خاصة بتربية الأطفال.