في بداية 2015، صدر في فرنسا كتاب “لماذا نقرأ الفلاسفة العرب: التراث المنسيّ” للباحث المغربي علي بن مخلوف.
شكّل هذا الإصدار حدثاً باعتبار أنه لا يكتفي مثل أعمال أخرى كثيرة – بعرض أفكار أبرز فلاسفة الحضارة العربية الإسلامية مثل الفارابي وابن سينا وابن رشد، بل يجادل المستشرق الفرنسي إرنست رينان (القرن 19) بشكل ندّيّ حين يفنّد بن مخلوف مقولاته الظالمة تجاه الفكر العربي والتي ظلّت وازنة لدى كل تلقّ فرنسي لفلاسفة الإسلام.
يؤكّد بن مخلوف على أن قراءة الفكر العربي لا يعني أن هناك بالضرورة مرجعيات دينية يمكن أن تؤثّر على القارئ، فكما نقرأ الفلاسفة اليونان دون أدنى اعتبار لمعتقداتهم فإن الأمر مماثل مع الفلسفة العربية. اعتبر بن مخلوف أن البشرية اليوم في حجة أكبر لفهم الفكر العربي – وثقافات أخرى – لكي تكتمل صورة الفكر على مدى التاريخ.
لا تزال لهذه الأفكار التي أطلقها بن مخلوف منذ خمس سنوات صدى إلى اليوم، وهو ما دفع إلى إطلاق طبعة جديدة من الكتاب ضمن موسم الدخول الثقافي الذي تعيشه فرنسا منذ بداية الشهر الجاري، صدرت عن منشورات أيباس ليبر”.
يشار هنا إلى أن هذه العودة للفلسفة العربية لا تقتصر على نجاح الطبعة الأولى من الكتاب، بل يمكن إرجاعها أيضاً إلى سياق كورونا فقط تنشّط الاهتمام بالمقاربات الفكرية التي تنبع من رؤية مختلفة عن الغرب، حيث أن الجائحة – إضافة إلى إشكاليات أخرى اجتماعية وسياسية – هي من تجلّيات قصور العقلانية الغربية التي هيمنت على العالم منذ قرابة أربعة قرون.
يُذكر أن كتاب “لماذا نقرأ الفلاسفة العرب” قد صدرت نسخته العربية في 2018 عن منشورات “آفاق” بترجمة أنور مغيث.
وهو العمل الوحيد الذي صدرت ترجمته العربية للباحث المغربي رغم أعماله لمتنوّعة، ومنها نذكر: “المحاورة كطريقة عيش”، و”الهوية: أمثولة فلسفية”، و”مصطلحات ابن رشد”، و”الفارابي.. التفلسف في بغداد القرن الخامس”.