في عام 1981 نشر الكاتب الأميركي دين راين كونتر (بنسلفانيا 1945) روايته الشهيرة «عيون الظلام»، وفيها إشارة غريبة إلى فيروس قاتل يعرف باسم «ووهان 400»، وهو اسم المدينة الصّينية التي ظهر فيها فيروس كورونا «كوفيد 19» لأول مرة، ثم انطلق في رحلة مدمرة، ما زالت تدور رحاها في أرجاء الدنيا.
والرواية من قوالب الخيال العلمي، وتعتبر «ووهان 400» سلاحاً بيولوجياً يقتل كل من يتعامل معه في أول 12 ساعة، وفي هذه الرواية التي ترجمت إلى أكثر من 50 لغة، يتحدث كونتر عن الأميركية كريستينا إيفانس التي سافرت إلى الصين لتحقق في الظروف الغامضة لـ«وفاة» ابنها «داني» الذي يشارك في فريق كشّافة، وما إذا كان ما زال حياً. وفي النهاية تنجح الأم في تعقّب ابنها الذي كان محتجزاً في منشأة، بعدما أصيب عن طريق الخطأ ببكتيريا تم تطويرها داخل مركز أبحاث، بحسب خيال سرد الرواية.
ومؤخراً، حظيت هذه الرواية بترجمة عربية أولى، صدرت عن «دار سما للنشر والتوزيع» للمترجمة هبة جابري، بعد ما أثارته من جدل غير مسبوق حول «الأدب الاستباقي» وأدب التوقعات الغرائبية. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل حقيقة أن هذه الرواية استباقية؟ وإذا كانت كذلك، فهل كان مؤلفها الذي تتميز أعماله بالإثارة والتشويق، وأحياناً الرعب والغموض، ومنها: مرايا الدّم، قناع النسيان، الطاعون الرمادي، فرانكشتاين 2، توماس الغريب – هل كان يملك معلومات سرّية استثمرها روائياً؟ أم أنّ الإعلام والتّسويق ضخّما الموضوع لحاجة دعائية؟ حيث إن كورونا جلب لنا معه الكثير من المصطلحات والتساؤلات والحروب الكلامية والشائعات التي ينبغي التحقق منها!
والحال أن رواية «عيون الظلام» التي شكّلت مع تفشي جائحة فيروس كورونا، ظاهرة أدبية، صيغت بمهارة عالية على مدار 4 أيام، وبداية شبيهة برواية «النّاجية الوحيدة»، ولكن فصلها الأخير الذي يصف فيه الكاتب الفيروس بشكل دقيق، في جوانبه العلمية والطبية وخطورته التدميرية على البشرية، يقرّبنا كثيراً مما يحدث اليوم مع فيروس كورونا، مما جعل كثيرين ينظرون إلى هذه الرواية على أنها عمل استباقي من حيث التنبؤات، وقد جعلها هذا في الصدارة من حيث ضخامة المبيعات، حتى إنّ طبعة «الجيب» منها بيعت بثمن 400 يورو للنسخة.