يحتفل اليمنيون بالذكرى الـ 58 لثورة 26 سبتمبر المجيدة في ظل اوضاع وطنية بائسة ومريرة، وأوضاع قومية بلغت أقصى درجات السقوط والانهيار والاستسلام لمخططات الأعداء .
يستقبل اليمنيون هذه الذكرى والوطن محاط بمخاطر كبرى تهدده بالتمزق والانهيار الداخلي وبالسقوط امام الأطماع الخارجية التي تتكالب عليه من كل حدب وصوب. وتنذر بضياع الوطن الارض والانسان والتاريخ والحضارة .
كانت الوحدة الوطنية في كل الظروف هي السياج الذي يحيط الوطن ويحمي أهدافه الكبرى حتى في حالات الانقسام السياسي وتعدد أنظمة الحكم وتباين ايديولوجيا الحكام ،فإنها لم تكن تؤثر على وحدة النضال الوطني والدفاع عن الثوابت الوطنية بإرادة يمنية واحدة وموحدة ..
وقد تجسدت واحدية الثورة اليمنية (٢٦ سبتمبر و١٤ اكتوبر ) في وحدة أهدافها ومبادئها ، وكان إعادة توحيد الكيان السياسي للدولة اليمنية هو الهدف الخامس من اهدافها الستة ..
حتى جاء مايو 22 مايو 1990م ليحقق هذا الهدف الذي كان يمثل القاسم المشترك بين كل الاحزاب والقوى السياسية، وجسد تحقيقه انتصار الإرادة الوطنية في مواجهة كافة التحديات الداخلية والخارجية، أثبت فيه اليمنيون انهم لا يساومون بهويتهم الوطنية أمام كل المغريات.
وبذلك الانجاز العظيم امتلكت القوى السياسية اليمنية فرصة تاريخية ربما لم تتوفر لغيرها من القوى السياسية العربية في تجاوز اخطر مخلفات التقسيم الاستعمارية في الوطن العربي (اتفاقية سايكس بيكو) المشئوم.. وتوفرت لها اهم مقومات تحقيق مشروعها الوطني .
لكننا اليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن علی الثورة وأكثر من ربع قرن علی تحقيق الهدف الخامس من اهدافها الستة .. نجد البعض يساوم اليوم على كل شيء _ الوحدة والسيادة والاستقلال وعلى الهوية والانتماء الوطني بصورة مكشوفة وبدون خجل أو حياء !! .
تأتي هذه المناسبة اليوم والشعب اليمني بكل شرائحه وفئاته يعيش اصعب الظروف واحرجها والوطن اليمني بكل مكوناته ومناطقه يواجه تهديدا حقيقيا لمصيره ومستقبله ووحدته الوطنية ..
لماذا ومن يتحمل المسئولية عن كل ذلك ؟.
هذه التساؤلات تثور من تلقاء نفسها في ذهن كل موطن يمني ولا تحتاج إلى من يثيرها :
* لماذا فشلت القوی السياسية في احتواء الازمة وتجنيب البلاد الوقوع في اتون اقتتال داخلي ومواجهة حرب خارجية مدمرة ؟.
* لماذا تراجعت هذه الاحزاب والقوى السياسية عن تطوير المشروع الديمقراطي الوحدوي والمحافظة عليه؟.
* لماذا عجزت عن استيعاب فكرة الشراكة السياسية علی اساس الثوابت الوطنية ؟؟.
لا شك ان القوی السياسية بمختلف مسمياتها وانتماءاتها تتحمل المسئولية الأولى عنها, لأنها من كان يمسك بخيوط الازمة قبل انفجارها ومن كان بأيديها مفاتيح حلها ووضع حد لها قبل تسليمها للقوى الدولية والاقليمية في اغبى قرار سياسي تتخذه هذه الأحزاب والقوى السياسية.
ولذلك فإننا لا نجد العبارات المناسبة التي يمكن أن نخاطب بها هذه القوى والأحزاب بعد أن ارتكبت خطيئة كبرى وربما أكبرها في تاريخها السياسي ، وفقدت بجهلها وسوء تقديرها استقلالية قرارها السياسي وأضاعت مستقبلها ومعه مصير الوطن ومستقبله..
ان الشعب اليمني الصابر، وبالرغم من كل المعاناة والمخاطر الجسيمة التي تحيط به ومشاعر اليأس والاحباط التي تسيطر عليه، وفقدانه الثقة بالقوى السياسية التي تقود الصراع، فانه لم يفقد الثقة بنفسه وبأجياله الناشئة المتمسكة بأهداف الوطن الكبرى ولن تساوم عليها مهما بلغت شدة التحديات وحجم المؤامرات ..
ومن أجل المحافظة على استقلالية قراره وتحرر إرادته فان على هذا الجيل أن يقطع صلته بكل الشعارات المسمومة للأحزاب والقوى المتصارعة على السلطة، وان يحافظ على وحدته الوطنية باعتبارها اهم واقوى أسلحته في هذه المواجهة المصيرية ..
ان وحدة الصف الوطني لجيل الثورة والوحدة تمثل اليوم ضرورة حياة وضمانة بقاء للكيان اليمني الأرض والأنسان ، لأنه لا مستقل حقيقي لليمن في ظل التمزق والفرقة والشتات والارتهان للقوى الخارجية .