هل الانسان خير بطبعه ام شرير ؟ اختلفت الاجابات – التي طرحت في تاريخ فلسفة الشرق والغرب – على هذا السؤال ، وليبدو أن أي فرع من فروع المعرفة أو أي علم من العلوم أو أن العلوم كلها مجتمعة تستطيع تقديم اجابة واحدة مقنعة على هذا السؤال. فقد قال بعض النظريات أن الانسان خير بطبعه ، وقال بعض آخر انه شرير بطبعه ، وقالت فئة ثالثة انه نصف ملاك ونصف شيطان . وفي النص التالي ما يبدو انه -في حدود معرفتي المتواضعة – أشمل وصف للإنسان ، وهو من كتاب منسوب لأرسطو وليس من كتبه ، بل هو منحول:
(( واعلم يا إسكندر أنه ما خلق الله سبحانه وتعالى أشرف من ابن آدم ، ولا جمع في حيوان ما جمع فيه ، ولا في شيء من الحيوانات خصلة مطبوعة عليه الاٌ وكلها موجودة في الإنسان : فهو شجاع كالأسد ، جبان كالأرنب ، سخي كالديك ، حذر كالغراب ، وحشي كالنمر ، انيس كالحمام ، خبيث كالثعلب ، سليم كالغنم ، سريع كالغزال ، بطيء كالدب ، عزيز كالفيل ، ذليل كالحمار ، لص كالعقعق ، تيها كالطاووس ، هاد كالقطا ، ضال كالنعام ، ساهر كالنحل ، شرود كالتيس ، كدود كالثور ، شَموس كالبغل ، أخرس كالحوت ، منطقي كالهزار ، خمول كالخنزير ، مشؤوم كالبوم ، مدخر كالنمل ، حقود كالجمل ، نؤوم كالفهد ، حوفظ كالكلب ، خائن كالهر ، قتّال كالحية ، مُضِرُ كالعقرب ، نفاع كالفَرَس ، مؤذٍ كالفار.
وبالجملة ، يا إسكندر ، فما من حيوان ولا نبات ولا معدن ولا فلك ولا كوكب ولا موجود من الموجودات له خاصية الا وتلك الخاصية توجد في الإنسان. ولهذا سموه عالَماً صغيراً )).
من كتاب موسوم ب( ” السياسة في تدبير الرياسة ” المعروف ب” سر الأسرار” ألفه أرسطوطاليس لتلميذه الإسكندر وترجمه يوحنا بن البطريق ) ، وهو ضمن كتاب ” الاصول اليونانية للنظريات السياسية في الإسلام ” تحقيق وتقديم د. عبد الرحمن بدوي. والكتاب منحول لم يؤلفه أرسطو. وقد قدمه ابن البطريق المولود نحو 815م( وهو مسيحي ) الى المأمون كما يقول د. بدوي.