تمثل علاقة الآباء الجيدة مع أبنائهم أساس نجاحهم في حياتهم، ولها تبعات واسعة النطاق على صحتهم النفسية وقدرتهم على التحكم في دوافعم وانفعالاتهم وبناء علاقات صحية مع الآخرين.
ويشجع الخبراء الآباء على توطيد علاقاتهم بأطفالهم منذ مراحل مبكرة من أعمارهم، باستخدام أسلوب الإقناع والتبرير وإتاحة الخيارات، بدلا من الصراخ والنهر أو استخدام الثواب والعقاب.
ويشهد أسلوب تربية الأطفال تغيرات كبيرة في الوقت الحاضر، وتلعب النصائح التي يُسديها الكثير من الخبراء وتحض على تبني أساليب “التربية الإيجابية”، دورا كبيرا في تكوين شخصيّة الطفل وذكائه.
وتقول الدكتورة تانيا بايرون عالمة النفس البريطانية إن “الأبوة والأمومة لا تعنيان عمل الشيء الصحيح دائما، بل أن يستطيع الآباء التعايش مع صعوبات الحياة، والوقوع في الخطأ، والشعور بالقلق وقلة السعادة، ولكن بالرغم من كل هذا يكون لديهم إيمان قوي وراسخ بأن الأمور ستتحسن بمرور الوقت، فقد صنعوا الرابطة والعلاقة الإيجابية مع أطفالهم، لذلك باستطاعتهم أن يتعايشوا مع كل الأوضاع وبثقة كبيرة”.
مشكلة الآباء أنهم يريدون أن يكون أطفالهم في غاية السعادة طوال الوقت، ومن المفروض أن يتقبلوا كل حالاتهم النفسية
الخبراء يشجّعون الآباء على توطيد علاقاتهم بأطفالهم لتأثيرها الإيجابي في تكوين شخصيّة الطفل وذكائه.
وتتأسس مبادئ تربية الأبناء الإيجابية على المعاملة الجيدة للطفل والاستجابة لحاجاته على جميع الأصعدة، لكن مشكلة الآباء والأمهات أنهم يريدون أن يكون أطفالهم في غاية السعادة طوال الوقت، ومن المفروض أن يتركوا لهم حرية المشاعر، ويتقبلوا كل حالاتهم النفسية، حتى لا يتولد لديهم شعور سلبي في حال الحزن أو الغضب.
وتصف إيميلي إدلين، الأخصائية النفسية في ولاية إلينوي وتكتب في مدونة “فن وعلم الأمومة”، التربية الإيجابية بأنها “طريقة مبنية على التقمص الوجداني مع التركيز على التعاطف مع الآخرين والاستجابة لمشاعر الطفل التي دفعته لممارسة سلوكيات خاطئة، عملا بقواعد ونظريات مفادها أن تواصلنا وتجاوبنا مع الأطفال يسهمان في تشكيل علاقتنا معهم طوال الحياة”.
وقد عُرفت مبادئ ونظريات التربية اإيجابية منذ العشرينات من القرن الماضي، وقد أطلق عليها اسم “التهذيب الإيجابي”، وأدخلها الطبيبان النفسيان النمساويان ألفريد أدلر ورودلف دريكورس إلى الولايات المتحدة، لكنها لم تحظ بشهرة واسعة إلا في التسعينات من القرن الماضي، حين جعل عالم النفس الأميركي مارتن سليغمان علم النفس الإيجابي موضع اهتمام العالم.
وتلقى “التربية الإيجابية” اليوم إشادة واسعة، وأُفردت لها كتب ومقالات ومدونات، لأنها تحض الآباء على عدم النظر إلى الأطفال على أنهم مشروع يريدون إنجازه على أكمل وجه، والأجدى التعامل معه على أنه شخص يجب توطيد الصلة معه.