“ولست بسائل ما عشت حيا
اسار الجند ام ركب الامير”
لست مهتما بما تفعله الامارات “العربية” مع دولة الاحتلال الاسرائيلي .. ولا يعنيني لماذا اعلنت عن تطبيع العلاقة معها ولم تعلن خليلتها السعودية مثلا ..!!!
ذلك ، لأنني اعرف انهم جميعا على علاقة، وكلهم يطبع بطريقته من وقت مبكر ..!!
لا تعنيني ايضا مسألة البحث في الاسباب والدوافع لتوقيع اتفاقية سلام او حرب معها.. لأنني اعرف ان الامارات اداة رخيصة بيد اسرائيل في المنطقة ، واعرف ان كل خطواتها في المنطفة لا تتم الا بتنسيق مسبق معها ..!!
اعرف ان العلم الاسرائيلي قد رفع ورفرف في الامارات وجاب مدنها منذ زمن، وعزف النشيد الصهيوني في شوارعها على وقع ترديد المآذن لتراتيل وادعية الليل والنهار ..
اعرف ان اسرائيل متواجدة في الامارات ، ولها مكاتب تمثيل دبلوماسية واستخباراتية منذ مطلع الالفية الثانية، وتعمل وتستثمر بمئات الشركات من وقت مبكر في دبي وابو ظبي .
من هنا، لا يهمني معرفة ان كان كذب الامارات ذكيا ام غبيا عن ان اعلان التطبيع رسميا جاء “مقابل ايقاف ضم اسرائيل لأراضي فلسطينية جديدة”، لأنني اعرف جيدا ان الامارات ليست وكيلا حصريا للقضية الفلسطينية ، واعرف ان القضية الفلسطينية والعربية عموما هي اخر ما يفكر به شيوخ الامارات.. !!
ثم لا يهمني ان اعرف ان السلطة الفلسطينية تعرف بإعلان التطبيع الاماراتي – الاسرائيلي ام لا ، لانني اعرف ان الرئيس عباس يعرف وعلى اطلاع مسبق بخطة ولحظة الاتفاق.
نعم، كل ذلك لا يعنيني لأنه تحصيل حاصل ، ولا يكشف جديدا مهما في الامر ، فالإمارات خرجت عن الاجماع الشعبي العربي لكنها – برأيي- لم تخرج عن الاجماع الرسمي العربي بل هي في صميمه منذ تآمر العرب على القضية واضاعوها في مسارات مستقلة ، ومنذ ضاعت بين اوراق اوسلو في 93م وما تلاها من هزائم ومؤامرات..
الذي يهمني كمواطن يمني وعربي اولا وثانيا وثالثا هو انعكاسات القرار الاماراتي على الوضع في اليمن .. ذلك هو ما يعنيني الان ، وذلك هو ما يشغلني حقا !!
تعرفون لماذا؟!
لان الشق الامني في اتفاق التطبيع الاماراتي مع اسرائيل هو جوهر الاتفاق وهو الاهم فيه ..
ذلك لان دولة الاحتلال الاسرائيلي هي دولة حرب ، ومهمتها أمنية في الدرجة الاولى ، وهو ما يعنيها من التطبيع مع الامارات التي تفصلها عنها اربع دول ، وتبعد عنها بمسافة ثلاثة الف كيلو متر ..
عسكرة الامارات في الممرات المائية على البحرين العربي والاحمر عموما ، وسيطرتها على الجزر اليمنية من ارخبيل سوقطرى الى ميون بباب المندب ، مرورا بممرات الساحل الاريتيري، ومحاولاتها في السواحل الجيبوتية والصومالية هو الترجمة الطبيعية لهذا الاتفاق ، وهو الاكثر خطورة واهمية في مسار طموحات دولة اسرائيل الكبرى ..!!
وصدقوني ، ستتساقط الدول العربية (على تساقطها) تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية تباعا ، لتتمكن من امتلاك كامل القرار بشأنها..
وصدقوني, ان العلم الاماراتي المرفوع حاليا في الجزر والموانئ اليمنية سيتلازم يوما ما مع رفع العلم الاسرائيلي ، وستكون موانئ عدن والمخا ومضيق باب المندب مسرح عمليات امن للإسرائيليين كما هي للإماراتيين ..
الاخطر في الموضوع هو ان تحركات القوات اليمنية المحاربة في الجبهات لن تكون بمنأى عن التنسيق الامني الاماراتي – الاسرائيلي ، وهو ما يتطلب من كل اليمنيين ( في الداخل والخارج) مواقف صريحة وواضحة تتعدى بيانات الشجب والتنديد الى ما هو ابعد بكثير..!!!
