الوحدة نيوز/ متابعات:
في الوقت الذي يدرس الاتحاد الاوربي فرض عقوبات على تركيا بسبب تدخل الاخيرة في الحرب في ليبيا وعدم احترام حظر السلاح اتهمت تركيا الاتحاد الاوربي ب “ازدواجية المعايير” .
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية حامي أقصوي في بيان له، امس الاثنين: “إذا كان الاتحاد الأوروبي يرغب في المساهمة في التسوية السلمية للأزمة الليبية، فعليه أن يتخلى عن ازدواجية المعايير المتعلقة بعملية (إيريني) ودعم الشرعية الدولية وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي”.
وأضاف أن تركيا كانت تؤكد منذ البداية عدم وجود حل عسكري للنزاع في ليبيا، وتساهم في الجهود الدولية لتفعيل العملية السياسية في هذا البلد.
وجاء ذلك ردا على تصريحات جوزيب بوريل في أعقاب اجتماع وزراء الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي بأن دول الاتحاد اتفقت على ضمان الرقابة على حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا، داعية تركيا للالتزام بالحظر.
وكان الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قد قال أن الاتحاد الأوروبي حث تركيا على احترام حظر السلاح على ليبيا ومخرجات مؤتمر برلين.
وفي أعقاب لقاء عقده وزراء خارجية الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، أكد بوريل استعداد بروكسل لخفض التوتر مع أنقرة، لكنه أشار إلى أن الاتحاد ينظر أيضا في فرض عقوبات على تركيا ردا على تصرفاتها في البحر الأبيض المتوسط.
بالمقابل أبدى الاتحاد الأوروبي امس الاثنين قلقه واستياءه حيال سلوكيات تركيا وتدخلها في ليبيا، وباشر النظر في خياراته لإرغام أنقرة على احترام التزاماتها الدولية.
وأكدت مصادر أوروبية مطلعة أن التحدي الأكبر الماثل أمام أوروبا حاليا هو كيفية نزع فتيل التوتر الناتج عن التدخل التركي في الملف الليبي وتصرفات أنقرة في البحر المتوسط.
وينظر الأوروبيون بقلق شديد إلى تدخل تركيا في الصراع الدائر في ليبيا وكذلك استمرارها في إجراء عمليات تنقيب يعتبرونها غير قانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لجزيرة قبرص.
وأقر بوريل بأنه لم يكن ممكنا إيجاد موقف مشترك من أنقرة خلال أول اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل منذ أربعة أشهر.
وقال خلال مؤتمر صحفي “أقدم خلاصاتي الشخصية” حول الموضوع، مشيرا إلى أن “علاقاتنا مع تركيا تقوضت بسبب التدابير الأحادية التي اتخذتها تركيا والتي تتعارض مع مصالحنا”.
يشار إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد هدد تركيا، بفرض عقوبات عليها، قائلا:”إن ما تفعله تركيا في ليبيا له مسؤولية تاريخية ومسؤولية عقابية”.
وأوضح الرئيس الفرنسي أنه “في ما يتعلق بليبيا، أود هنا أن أكرر أن استقرارها أساسي لأمن أوروبا ومنطقة الساحل. ولهذا السبب، أدعو إلى الاستئناف الفوري للمفاوضات ولحوار سياسي، بغية التوصل إلى وقف لإطلاق النار. يجب وضع حد لتدفق كميات هائلة من الأسلحة والمرتزقة إلى هذا البلد”.
ونددت فرنسا مرارا بالتدخل التركي في الأزمة الليبية، وقد تصاعدت التوترات بين باريس وأنقرة، ولا سيما بعد وقوع مؤخرا حادث بحري بين سفينتين حربيتين فرنسية وتركية في البحر المتوسط.
فيما رد وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو على تلك التصريحات أثناء زيارة جوزيب بوريل تركيا قبل أسبوع، وقال إنه في حالة اتخاذ الاتحاد الأوروبي المزيد من القرارات ضد تركيا، فإن الأخيرة ستضطر للرد بالمثل من خلال قرارات مشابهة.
ويقوم خلاف كبير بين أنقرة وشركائها في الاتحاد الأوروبي.
فتركيا تقدم دعما عسكريا لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، وهي متهمة بانتهاك حظر الأمم المتحدة على تسليم أسلحة لهذا البلد.
من جانبه دافع وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو على دور بلاده في الحرب الدائرة في ليبيا واتهم في مقالة نشرت بموقع وزارته الإلكتروني، قائد “الجيش الليبي” المشير خليفة حفتر بأنه “يقوض افاق السلام والاستقرار الدائمين”.
ووجه تشاووش أوغلو انتقادات لمهمة “إيريني” الأوروبية البحرية الهادفة إلى مراقبة تنفيذ حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، واصفا إياها بأنها “تفرض عمليا عقوبات على الحكومة الشرعية” (حكومة الوفاق بطرابلس).
وبشأن تدخل بلاده العسكري في ليبيا، رأى رئيس الدبلوماسية التركية أن “المساعدة التقنية والتدريبية التي قدمتها تركيا للحكومة الشرعية في ليبيا بناء على طلبها غيرت التوازن على أرض الواقع، وزادت من قدرة الجهود الدبلوماسية، مثل مؤتمر برلين”.
وهاجم تشاووش أوغلو فرنسا، قائلا إن هذه الدولة التي وصفها بـ”الحليف التقليدي والشريك الأوربي”، بدلا من الوقوف إلى جانب بلاده ساندت حفتر، وقدمت “ادعاءات كاذبة حول حادثة تتعلق بسفينتها الحربية والسفن التركية في شرق البحر الأبيض المتوسط، وعندما لم يتم التحقق من هذه الادعاءات من قبل الناتو، انسحبت باريس من عملية تحالف مهمة”.
بدوره صرح القائم بأعمال رئيس البعثة الدبلوماسية الروسية لدى ليبيا، جامشيد بولتايف، بأن روسيا تسعى لإيجاد نقاط تقاطع مع الولايات المتحدة بشأن الوضع في ليبيا، وأنه لا توجد خلافات بين الطرفين حول هذا الملف.
وقال بولتاييف في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك”: “بوسعنا، بل وسوف نسعى إلى إيجاد أرضية مشتركة مع الولايات المتحدة بشأن ليبيا. ولا توجد بيننا تباينات أو خلافات لا يمكن التوفيق عليها مع الولايات المتحدة بشأن التسوية في ليبيا”.
وفي الوقت نفسه، أشار إلى أن الولايات المتحدة تؤيد رسمياً التسوية السلمية وضد التدخل من جانب دول ثالثة، ومع ذلك وعلى الرغم من أن تركيا دولة ضمن حلف الناتو فإنه لا يوجد تفاهم داخل الحلف حول هذا الموضوع.
وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في وقت سابق من شهر تموز/يوليو الجاري، أن روسيا تستأنف عمل سفارتها لدى ليبيا، والتي ستتمركز في تونس.
على الصعيد اليبي قال رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، إن “أضرار الحرب الليبية ستمتد إلى أماكن بعيدة ودول أخرى إن لم يتم التوصل إلى حل”، كاشفا عن لقاء قريب في اليومين المقبلين بين الأطراف الليبية.
وأكد عقيلة صالح ، أن إعلان القاهرة وجد تأييدا واسعا من دول الجوار والمجتمع الدولي من أجل حل الأزمة في ليبيا، لافتاً إلى أنه يمكن قبول مبادرات أخرى لدعمه، ومشددا على أن جميع الليبيين هم شركاء في السلطة وفي الثروة وتوزيع مؤسسات الدولة.
وكشف أن “هناك دعوة لالتئام جميع الأطراف الليبية للحوار خلال اليومين القادمين، من أجل وضع حل للأزمة في ليبيا”، موضحا أن تلك الدعوة أجمع عليها المجتمع الدولي مع التأكيد على وقف إطلاق النار بين الطرفين.
كما قال: “قمت بزيارة إلى روسيا ومصر وجنيف من أجل إيجاد حل للأزمة، وكان لدي اجتماع مع ستيفاني وليمز نائب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، وقد طالبنا البعثة الأممية الاستمرار في عملها والتأكيد على وقف إطلاق النار استجابة لمطلب المجتمع الدولي وإعلان القاهرة”.
وختم أن “الحوار سيستمر وما يتفق عليه مجلس النواب ومجلس الدولة هو الصحيح”، مضيفا: “لن يسمى رئيس مجلس الدولة إلا بعد تضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري”.
تأتي تلك المساعي في وقت، طالب مجلس النواب الليبي مصر بالتدخل العسكري لحماية الأمن القومي الليبي والمصري، مشيرا إلى أن ذلك إذا رأت مصر هناك خطرا وشيكا يهدد أمن البلدين.
من جانبه أعلن بيان للمتحدث باسم قوات حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، عقيد طيار محمد قنونو أن الوقت حان لتدفق النفط مجددا والضرب على الأيدي التي توقفه.
وقال قنونو في بيان ناري: “حان الوقت ليتدفق النفط مجددا والضرب على الأيدي الآثمة العابثة بقوت الليبيين، وإنهاء تواجد المرتزقة الداعمين لمجرم الحرب الذي أباح لهم أرض ليبيا وسماءها”.
وشدد المتحدث العسكري باسم حكومة الوفاق على الاستمرار في “ضرب بؤر التهديد أينما وجدت وإنهاء المجموعات الخارجة على القانون المستهينة بأرواح الليبيين في كامل أنحاء البلاد”.
ووجه المتحدث العسكري باسم حكومة الوفاق رسالة لمن نعتها بفلول حفتر مفادها “الجواب ما ترون لا ما تسمعون”.
وتشهد ليبيا انقساما حادا في مؤسسات الدولة، بين الشرق الذي يديره مجلس النواب والجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، والقسم الغربي من البلاد الذي يديره المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج، وهي الحكومة المعترف بها دوليا.
وتمكنت حكومة الوفاق الليبية مؤخرا، بدعم من تركيا، من صد هجوم استمر لأكثر من عام من الجيش الوطني الليبي لفرض السيطرة على العاصمة طرابلس، وأعلنت نيتها فرض السيطرة على كامل الأراضي الليبية.
وشهدت المعارك في ليبيا تطورًا كبيرًا بعدما أعلنت حكومة الوفاق بسط سيطرتها على كامل الحدود الإدارية للعاصمة طرابلس، ومدينة ترهونة.
وسبق أن عُقد مؤتمر دولي حول ليبيا في برلين في 19 كانون الثاني/ يناير الماضي، بمشاركة روسيا والولايات المتحدة وتركيا ومصر وعدد من الدول الأخرى، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وكانت النتيجة الرئيسية للمؤتمر نداء من قبل المشاركين فيه لوقف إطلاق النار في ليبيا والالتزام بالامتناع عن التدخل في النزاع، مع مراعاة الحظر المفروض على توريد الأسلحة إلى الأطراف المتصارعة، وبالإضافة إلى ذلك، اقترح المشاركون في الاجتماع إنشاء لجنة لمراقبة وقف إطلاق النار.