نظرية الدولة الرخوة قال بها الاقتصادي وعالم الاجتماع السويدي جنار ميردال بين 1968 و1970 ولخصها د.جلال أمين في كتابه الموسوم ب((الدولة الرخوة في مصر))، دار سينا للنشر، القاهرة 1993 ص6 كما يلي:
((كان ميردال يرى أن كثيرا من بلاد العالم الثالث يعاني من خضوعه لما أسماه بالدولة الرخوة، وأن هذه الدولة الرخوة تكاد تكون هي سر البلاء الأعظم، وسبباً أساسياً من أسباب استمرار الفقر والتخلف. وهو يعني بالدولة الرخوة : دولة تصدر القوانين ولا تطبقها، ليس فقط لما فيها من ثغرات، ولكن لأنه لا أحد يحترم القانون : الكبار لا يبالون به لأن لديهم من المال والسلطة ما يحميهم منه، والصغار يتلقون الرشاوى لغض البصر عنه. الرخص والتصريحات معروضة للبيع، سواء كانت لبناء غير قانوني، أو لاستيراد سلعة ممنوعة، أو لاسترداد ضريبة واجبة الدفع، أو لفرض حماية لسلعة مسموح باستيرادها..إلخ، والقيود لا تفرض إلا لكي يثري البعض من كسرها والخروج عليها، والضرائب نادرا ماتحصل أصلا، والمناصب يلهث الناس للحصول عليها لما تجلبه من مغانم مادية، والامضاءات تباع أو توهب للمحاسيب والأقارب والانصار، والعملات الأجنبية وبدلات السفر توزع بلا حساب على أصحاب السلطة والمقربين منهم، وقروض البنوك تمنح بأسعار فائدة رمزية لمن لا يستحقها بينما يحرم منها من تقررت هذه الفوائد الرمزية أصلا لصالحهم..إلخ.
في هذه الدولة الرخوة يعم الفساد إذن وتنتشر الرشاوى، فرخاوة الدولة تشجع على الفساد، وانتشار الفساد يزيدها رخاوة. والفساد ينتشر من السلطة التنفيذية والسياسية إلى التشريعية، حتى يصل إلى القضاء والجامعات. صحيح أن الفساد والرشوة موجودان بدرجة أو أخرى في جميع البلاد،ولكنهما
في ظل الدولة الرخوة يصبحان “نمط الحياة” )).
وهكذا، اذا تأملنا دولتنا من زاوية سمات الدولة الرخوة التي ذكرها جنار ميردال سنجد أن رخاوتها تسمح لها بالمنافسة على المركز الأول بين الدول الرخوات في العالم !