أصدرت منظمة ” مواطنة ” لحقوق الإنسان قبل أيام تقريرا حقوقيا عن حالات التعذيب في السجون وأماكن الاحتجاز غير الرسمية في مختلف محافظات الجمهورية، بما فيها المحافظات التي تخضع للمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني. وقد راعني أن التقرير أكد ثبوت العشرات من حالات التعذيب في صنعاء وتعز والحديدة وإب وذمار، وهي محافظات يفترض أنها تحظى بنسبة أكبر من العدالة واحترام القانون وكرامة الإنسان.
والتعذيب كما هو معروف جريمة مركبة، فبالإضافة إلى أنها تمتهن الإنسان وتجرده من أبسط الحقوق المتعارف عليها دينيا وأخلاقيا، فإنها تنال من مبدأ العدالة وتضربه في الصميم، حين تنتزع من المتهم اعترافات تحت الضغط والإكراه، ثم تبني عليها أحكاما قضائية..
يشير تقرير مواطنة إلى عدة نماذج لحالات التعذيب في السجون اليمنية، جازما أن الفريق الذي اشتغل على التقرير تحقق من 159 واقعة احتجاز تعسفي و32 واقعة تعذيب لمحتجزين في جهاز الأمن والمخابرات بالعاصمة صنعاء ( الأمن القومي والأمن السياسي سابقا )، وذلك خلال الفترة من مايو 2016م إلى أبريل 2020م. وفي مكان الاحتجاز الرسمي بمدينة صالح في محافظة تعز، رصد التقرير 63 واقعة احتجاز تعسفي، وأربع وقائع تعذيب، وواقعتي وفاة في مركز الاحتجاز. وفي مبنى الأمن السياسي سابقا بمحافظة إب رصد التقرير 44 واقعة احتجاز تعسفي، وخمس وقائع تعذيب، وذلك خلال نفس الفترة.
وحسب التقرير فإن وسائل التعذيب المستخدمة في أماكن الاحتجاز آنفة الذكر شملت:
– الضرب المبرح بالعصي والأسلاك وأعقاب البنادق.
– قلع الأظافر.
– الصعق بالكهرباء.
بالإضافة إلى تلقي البعض وعودا بالإفراج عنهم، وبدلا من ذلك يتم أخذهم إلى أماكن أخرى، والاعتداء عليهم بالضرب المبرح قبل إعادتهم مجددا إلى أماكن الاحتجاز.
لست بصدد استعراض تفاصيل التقرير أو تقييم مدى صدقيته، فذلك متروك للمختصين، الذين لم يصدر عنهم حتى الآن أي تعليق على مسألة خطيرة كهذه، ما يجعلنا نقرع الأجراس، وندعو الأجهزة الأمنية إلى التحقق والتحقيق في كل الشكاوى والاتهامات ذات الصلة بالتعامل غير الإنساني مع المحتجزين أو المعتقلين في مختلف الأماكن.
لقد اقترن التعذيب عادة بالأنظمة السلطوية المستبدة في الماضي والحاضر، ولا ينبغي لحكومة الإنقاذ والأجهزة الأمنية المرتبطة بها أن تسمح أو تغض الطرف عن انحراف خطير كهذا.. أما إن كانت على ثقة أن لا وجود لهذا النوع من المعاملة غير الإنسانية في السجون التابعة لـها، فلتعلن عن ذلك بكل وضوح وشفافية، حتى يعلم العدو والصديق أن ” التفوق الأخلاقي ” حادي مسيرتنا وعنوان مصداقيتنا.