قال أندرو سميث منسق الحملة ضد تجارة السلاح في مقال نشرته صحيفة “إندبندنت” إن نفاق الحكومة البريطانية بدا واضحا بعد أقل من 24 ساعة من إعلان وزير خارجيتها دومينك راب عن “بريطانيا العالمية” التي تدافع عن حقوق الإنسان.
وتناقض تصريحه مع بيان من وزيرة التجارة الدولية ليز تراس الذي قالت فيه إنه وبعد إجراء مراجعة ستستأنف بريطانيا صفقات السلاح مع السعودية لكي تستخدم في حرب اليمن. وكان راب قد قال: “في الوقت الذي نحدد فيه رؤية عن بريطانيا عالمية حقيقية، فإن هذه الحكومة مكرسة بالمطلق لمملكة متحدة كقوة خير في العالم. والإجراءات التي نعلن عنها اليوم تحمل المسؤولية لمرتكبي أسوأ انتهاك لحقوق الإنسان”.
وكانت وزارة التجارة الدولية قد أعلنت العام الماضي عن مراجعة لصفقات الأسلحة مع السعودية بعد قرار محكمة الاستئناف الذي اتهم الحكومة بأنها تقوم بطريقة “غير منطقية وغير قانونية” بإصدار رخص بيع سلاح إلى السعودية وبقية أعضاء التحالف للحرب على اليمن. وهو التحالف الذي أطلق العنان وخلال السنوات الخمس الماضية للقصف على اليمن.
وكان قرار المحكمة بناء على دعوى قضائية تقدمت بها الحملة ضد تجارة السلاح وهي أول مرة يتم فيها تحدي صفقات السلاح البريطانية بهذه الطريقة. وتم دعم الغارات الجوية والقصف سياسيا وعسكريا من حكومات مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وشركات السلاح مثل “بي إي إي سيستمز”.
ومن الصعب كما يقول سميث تقدير حجم مبيعات السلاح لكن بيانات الحكومة عن الصفقات تتحدث عن تصاريح بيع أسلحة بقيمة 5.3 مليارات جنيه إسترليني وافقت عليها الحكومة منذ بداية الحرب.
وهذه التصاريح لا تشمل الأسلحة التي يتم بيعها ضمن نظام الرخص المفتوح والذي يسمح ببيع كميات كبيرة من الأسلحة، ولهذا فقيمة المبيعات البريطانية قد تكون أعلى. وفي تحليل لحسابات بي إي إي سيستمز منذ عام 2015 وجد أنها باعت أسلحة وخدمات إلى السعودية بقيمة 15 مليار جنيه إسترليني. وقالت الشركة إنها تلتزم بكل قوانين وتنظيمات التصدير المعنية.
وبعيدا عن الأرقام فقد كانت حصيلة الموت رهيبة، ففي العام الماضي سجلت منظمة “أرمد كونفليكت أند لوكيش إيفنت داتا بروجيكت” مقتل 100.000 شخص نتيجة للنزاع والكارثة الإنسانية.
وحذرت منظمة “مواطنة” لحقوق الإنسان من انهيار النظام الصحي للبلاد. وأدى الدمار إلى نظام يعمل بنسبة 50% من قدراته في وقت تحتاج فيه غالبية 24 مليون نسمة لمساعدات غذائية وطبية.
وفي تلك الفترة اتهم التحالف الذي تقوده السعودية بقصف المدارس والمستشفيات والبيوت. ولم يتم تدمير البنايات فقط بل وضربت الغارات السعودية مناسبات عزاء، مع أن الرياض تنكر خرقها للقانون الدولي.
إلا أن بيان تراس وصف جرائم كهذه بأنها “حوادث معزولة” وتوصلت “بناء على ذلك، وقيمت أنه لا يوجد خطر واضح على تصدير السلاح والمعدات العسكرية إلى السعودية ويمكن استخدامه في خروقات خطيرة للقانون الدولي الإنساني”.
ويعلق سميث أن ما لم تقله هو “عدد الحوادث المعزولة التي ستجبر الحكومة على وقف إمدادات الأسلحة”. ولو كان هذا هو أول فحص لالتزام الحكومة بحماية حقوق الإنسان فإنها فشلت فشلا ذريعا. ويقول سميث: “هذا قرار مخجل ويعبر عن إفلاس أخلاقي اتخذته تراس وزملاؤها. وفي الأيام المقبلة سنعمل مع محامينا ونناقش كل الخيارات لتحدي القرار”. و”فقط كانت الحكومة بالأمس تتحدث عن الحاجة لمعاقبة منتهكي حقوق الإنسان وأنها لن “تحرف النظر” عندما تحصل انتهاكات.
وكشف اليوم عن فراغ هذه الكلمات وأظهرت أنها ستعمل أي شيء لمواصلة بيع السلاح لدولة مشاركة في أكثر النزاعات وحشية في العالم”.