قال “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” إن الحواجز العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة لا تقسمها فقط إلى “كانتونات معزولة”، بل باتت بمثابة “مصائد الموت” للفلسطينيين لمجرد الاشتباه في ارتكابهم أية مخالفات ما يتسبب لهم بالقتل الفوري.
وأكد المرصد ومقره مدينة جنيف السويسرية في بيان له، تلقت “القدس العربي” نسخة منه، أن مقتل الشاب أحمد عريقات يوم الثلاثاء الماضي برصاص قوات الجيش الإسرائيلي ليس إلا مثالًا واضحًا على “عمليات الإعدام الممنهجة خارج نطاق القانون بحق الفلسطينيين على تلك الحواجز”.
وذكر أن عريقات (27 عامًا) قتل بزعم صدم سيارته في حاجز “الكونتينر” الإسرائيلي في بلدة أبو ديس قرب القدس المحتلة، مما دفع القوات الإسرائيلية إلى استهدافه بإطلاق عدة عيارات نارية أدت إلى مقتله على الفور، وبحسب بيان للجيش أصيب جندي إسرائيلي بجروح طفيفة بسيارة عريقات ولكنه خرج من مستشفى في القدس في اليوم التالي.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ عائلة عريقات اعترضت على الرواية الإسرائيلية وقالت إنه إما فقد السيطرة على سيارته أو تعرض لحادث عرضي، وقدمت وثائق تفيد بأن زفاف أخت عريقات كان مقررًا في نفس يوم الحادث.
وقالت الأسرة إن عريقات كان في طريقه إلى بيت لحم لإحضار والدته وشقيقته من صالون تجميل عندما قُتل، كما أنه استأجر السيارة المذكورة قبل الحادث بساعات، مما يرجح احتمال حدوث خلل في السيارة أو عدم إلمامه بطريقة قيادتها.
أبرز المرصد الأورومتوسطي أنه لا تزال أسباب حادث السيارة غير واضحة لأن السلطات الإسرائيلية سرعان ما خلصت إلى استنتاجاتها دون إجراء أي تحقيق رسمي
وأبرز المرصد الأورومتوسطي أنه لا تزال أسباب حادث السيارة غير واضحة لأن السلطات الإسرائيلية سرعان ما خلصت إلى استنتاجاتها دون إجراء أي تحقيق رسمي في الظروف التي أدت إلى حادثة القتل أو فحص السيارة التي كان يقودها، وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية اكتفت بنشر فيديو مدته 12 ثانية يظهر سيارة عريقات تنحرف عن الشارع وتصيب جنديًا، فيما شوهد عريقات وهو يحاول الركض في الاتجاه المعاكس للجنود قبل أن يطلقوا النار عليه عدة مرات حتى سقط أرضًا.
وخلص المرصد الأورومتوسطي إلى عدة نقاط تبين أن الرواية الإسرائيلية حول سبب إطلاق النار على عريقات من المحتمل أن تكون غير دقيقة، الأمر الذي يتطلب تحقيقًا كاملًا.
ويوضح المركز الحقوقي أن عريقات شوهد في اللقطات التي تم نشرها وهو يفتح باب السيارة فور وقوع الحادث ويحاول الهرب في الاتجاه المعاكس للجنود عندما تم إطلاق النار عليه عدة مرات في الظهر، وهو ما يتناقض بوضوح مع رواية المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية “ميكي روزنفيلد”، الذي أكد أن عريقات “خرج من السيارة وحاول الاقتراب من الضباط الذين ردوا بإطلاق النار”.
وأكد رئيس المرصد الأورومتوسطي رامي عبده أنه “من المثير للقلق أنّ أول ما يلجأ إليه الجنود الإسرائيليون ضد الفلسطينيين هو القتل. نحن نتحدث هنا عن جهاز يقرر فيه الجنود الإسرائيليون الذنب وتنفيذ حكم الإعدام في غضون ثوان”.
وأشار إلى امتناع جنود الاحتلال عن تقديم الإسعافات الأولية لعريقات، بعد إطلاق النار عليه، وأغلقوا المنطقة لمنع وصول الرعاية الأولية إليه، ما تسبب باستمرار النزيف لنحو نصف ساعة أمام أعين فلسطينيين آخرين عند الحاجز قبل وفاته.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن هذا الفعل يرقى إلى “جريمة الإعدام خارج نطاق القانون” لفلسطيني أعزل لم يكن يشكل خطرًا مميتًا على الجنود الإسرائيليين قبل أو بعد إطلاق النار عليه، مشيرا إلى أن الاحتلال احتجز جثمان الشاب، حتى اللحظة، مع جثث لفلسطينيين آخرين، كأدوات وأوراق ضغط للمساومة عليها، وقال إن ذلك يعد “ممارسة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي”، لافتا إلى أنه رغم ذلك وافقت المحكمة العليا الإسرائيلية عليها في عام 2019.
وأكد المرصد أن حالة عريقات مثال واضح على سياسة واسعة من “عمليات القتل الممنهجة” خارج نطاق القانون ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والتي تتم ممارستها مع إفلات تام من العقاب، وقال إن إسرائيل أعدمت 95 مدنياً فلسطينياً بينهم 36 طفلاً خارج نطاق القانون في 2016، حيث جرت جميع عمليات القتل بشكل منهجي بذريعة أن الضحية كانت ضالعة في عملية طعن أو دهس مزعومة ضد جنود إسرائيليين، على الرغم من عدم وجود وسائل موثقة لتنفيذ مثل هذه الهجمات.
وأكد أن نقاط التفتيش الإسرائيلية، التي تنتهك بشكل صارخ حرية حركة الفلسطينيين وقسمت الضفة الغربية إلى كانتونات، “أصبحت مصائد موت حيث يُحكم على الفلسطينيين بالإعدام فور ارتكابهم أدنى خطأ أو حتى مجرد الشك”، داعيا إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في مقتل عريقات، بما في ذلك فحص كامل لسيارته واستجواب الجنود المتورطين في وفاته، مع ضرورة الإفراج الفوري عن جثة عريقات وجثث فلسطينيين آخرين تحتجزهم إسرائيل، كما طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إسرائيل بتفكيك نقاط التفتيش والحواجز بين المدن والقرى الفلسطينية، وضمان حرية التنقل بشكل كامل للفلسطينيين.