تعز/ التربة/ محمد سلطان
التكافل والتراحم عادات لم تندثر في التربة رغم الظروف التي خلفتها الحرب
يهل علينا شهر رمضان المبارك بنفحاته الروحانية هذا العام في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها أبناء اليمن عامة و أبناء التربة خاصة ازاء الغلاء المهول في الأسعار إلى حد لا يطاق لكن ما يزال التكافل والتراحم موجود لدى بعض سكان المدينة التي تحتضن المئات من النازحين وكل أسرة تخرج اكلة مع أحد اطفالها الى بيت جيرانهم قبل أذان المغرب.
قبيل أذان المغرب يصدح صوت القرآن من مساجد المدينة التابعة لمحافظة تعز، بصوت محمد القريطي ومحمد حسين عامر.
“المشبك” وموائد رمضان
وتتزين موائد رمضان لدى أهالي التربة بالعديد من الاكلات؛ اذ يقول ذي يزن نعمان 35عاما من قرية الصيرة، أن من أهم الاطباق التي تميز التربة ويقبل عليها الناس المشبك ولاتكاد تخلو أي مائدة منه وبائعة المشهور المعروف بالشرعبي، الذي له مذاق متميز لا مثيل له وجودته التي مر عليها 45 عاما.
ويضيف نعمان: عندما ترى الاقبال الشديد والمزدحم يدفعك الفضول لشراء البعض منه ومنذ أن عرفت نفسي ومشبك الشرعبي له شهرة واسعة في المنطقة.
الشفوت
أما أسامة سلطان، فيشير إلى أن أهم الاكلات هي الشفوت التي تتكون من الحقين واللحوح، وهي اكلة خفيفة تكون سهلة الهضم ويتم عملها من دقيق الذرة البلدي ويتم عمل اللحوح في ملحات خاصة به لانها تكسبها الطعم الفريد ومايزيدها لذة وطعم رائع جدا هو إضافة دقيق الهند (الذرة الشامية).
الباجية
ويقول عبد القادر النعمان، أن الباجية التي تتكون من الدجر البلدي تتكون من خيرات الارض التي نملكها والمعروف بالوبيا تنقع بالماء الساخن من اليوم الاول الى أن تكون طرية فتطحن بالمسحقة الحجر وتقلى بالزيت والغالبية يتناولها البعض مع البسباس المطحون بالمسحقة.
الشربة
ويحكي محمد عبد الله السقاف 51عاما من أهالي قرية الحضارم، كنا في الماضي نقوم بطحن الحبوب في الماورة المعروفة بالرحى وقبل رمضان بيوم أو يومين نقوم بجرش حبوب البر البلدي التي تنتجه أحوالنا باللغة العامية وهي( أرض زراعية) مملوكة له لعمل الشربة وتنقع بالماء الساخن من اليوم الاول لكي يسهل استوائها بالنار ثاني يوم ويضاف لها القرفة والبعض يضيف لها السمن البلدي الحيواني.
الحقين والدبية
ويتذكر عبدالله الاديمي 43 عاما، من أبناء المصينعة، أنه كان في الماضي يعد الحقين بعد حلب البقرة ويقوم بصبة في دبية أو جعنان كبير (وعاء خشبي ) ينبت طبيعي مشابة لاشجار الدبة ويتم تحريك الوعاء الخشبي مرارا وتكرارا لكي يستوي ويتم اخراج الدهن منه بعد الانتهاء والتأكد من أنه استوى تماما ويتم اخراج الدهن وهو السمن البلدي وبعد فترة قريبة انتجوا ما تعرف بالدباشة تعمل بالكهرباء ووفرت العناء والتعب ومع الحرب وانعدام الكهرباء تم اللجوء الى استخدام الطريقة التقليدية وهي “الدبية”.
ويعتبر الحقين البلدي ضروري جدا لوجبة الشفوت لان مذاقه مميز وخاصة اذا كان (مدخن) باستخدام عود شجرة الشاس الذي يكسبه مذاق رائع لامثيل له ويتم إضافة الفيجل لإكسابه نكهة مميزة وخاصة اذا كان مدخن.
ورغم الحرب و ما يعانيه المواطن من غلاء فاحش بلغ مداه إلا أن التراحم ما يزال موجود.
مجالس السمر الرمضاني
ويوضح طه الاديمي 60 عاما إن من أجمل العادات التي مازالت بمنطقة التربة وعزلها مجالس السمر الرمضاني والتي تبدأ بعد الانتهاء من صلاة التروايح .
ويبدأ السمر والمقيل وقراءة التواشيح الدينية ، ومن أجمل ما يميز السمر مسابقات وجوائز توزع للمتواجدين حيث يتم قراءة قصة عن الصحابة أو أي قصة لها موعظة وعبرة يلقيها أحد الحضور و بعد الانتهاء يتم طرح سؤال للحاضرين وسعيد الحظ يحظى بجائزة مالية أو غيرها.
المبارز والفوانيس
ويقول احمد السقاف 67 عاما، أنهم كان يجتمعوا في الماضي قبل معرفة الكهرباء بأحد المبارز اسم باللغة العامية (الديوان) ويتكلم عن أحوال الناس وعن الامطار وغلة الارض، على ضوء اتريك الجاز بحيث يصدر صوت ويضيء الديوان بأكمله وكان من يمتلك هذا الاتريك يعتبر من الكبار ولايضيء الا اذا أتى كبير البيت بعد عودته من عدن.
وكان المقيل سابقا بالفوانيس او النوارة وكان الجاز يتم جلبة “بالاتناك” وهي شبيهة بجالونات السمن الكبير و كان بعضهم لديه راديو بالبطاريات وكنا نستمع لإذاعة صنعاء ومازلت اتذكر اني استمع لي للفنانين اليمنيين كالأنسي والحارثي والبعض كان يمتلك تلفزيون عادي ابيض واسود يشتغل عن طريق بطارية السيارات.
و يسود بينهم التكافل والتراحم وكل هذه العادات الرائعة ما يزال أبناء التربة ملتزمين بها مثل السمر والمقيل الرمضاني لأنها من عاداتهم وتقاليدهم رغم الحرب والظروف الصعبة التي يمر بها المواطنيين .