تعتبر المختبرات الطبية ركناً أساسياً في العملية الطبية وهي واحدة من المهن المساعدة التي يحتاج إليها الطبيب في تشخيص الحالات المرضية المختلفة أكانت الحرجة أو العادية أو المزمنة.
ويشهد القطاع الطبي ازدهاراً نوعياً وكمياً أكان ذلك على مستوى تقديم الخدمات أو رقعة الانتشار، حيث أدى إنشاء المعايير الوطنية إلى دق أجراس التنبيه لدى الجميع بأهمية المختبرات الطبية والاهتمام بجودة فحوصاتها وتجهيزاتها ومحاليلها، حسبما أوضح ذلك الدكتور عبدالإله الحرازي مدير عام المركز الوطني للمختبرات والصحة العامة بصنعاء.
وقال الحرازي إن وزارة الصحة قامت في الآونة الأخيرة بإعداد رؤية للأدلة والمعايير الطبية المختلفة، من ضمنها المختبرات، وعلى ضوء هذه الأدلة والمعايير بدأت لجان من مكاتب وزارة الصحة العامة مركزياً القيام بزيارة المختبرات والمراكز الطبية والتفتيش عليها وإعادة تقييمها، ومنح المهلة الزمنية القانونية لإعادة تأهيلها، كما أنها تقوم بإغلاق المنشأة المخبرية ذات التأهيل أو التأثيث الرديء الذي يؤكد عدم قدرتها على ممارسة مهنتها.
وأضاف: إن المعايير الوطنية التي أصدرتها وزارة الصحة بُذل فيها جهد كبير وسعت إلى إخراجها ومازالت تحت المراجعة وهناك فرص كبيرة لإعادة تنميط وتقنين المختبرات الطبية بما يحقق مستوى أفضل، لكن تظل الحاجة إلى الإجراءات القانونية كونها الأكثر جدوى وفاعلية.. مزيداً من التفاصيل تجدونها في ثنايا الحوار التالي:
حوار/ عاصم السادة:
كيف تقيم واقع المختبرات الطبية في ظل الانتشار الواسع لها؟
– المختبرات الطبية ركن أساسي في العملية الطبية وهي واحدة من المهن الطبية المساعدة التي يحتاج إليها الطبيب في تشخيص الحالات بمختلف مستوياتها سواء كانت الحالات الحرجة أو العادية أو المزمنة، والمختبرات تمثل عين الطبيب على المريض وهي جزء رئيسي في التشخيص ومتابعة العلاج بحيث أنه من المؤشرات الطبية في التحسن الطبي للمريض، كونه يخضع للفحوصات الطبية المتكررة، وهناك أيضاً دور للمختبرات في متابعة العلاج كأدوية رفض الأجسام المزروعة أو السكر وغيرها، وبالتالي فإن كل مستشفى ووحدة صحية ومركز صحي حكومي، أحد مكوناته الرئيسية المختبر الطبي، ودرجة فاعلية هذه المؤسسات تعتمد على توفر الإمكانيات، لكن انتشار المختبرات الطبية الحكومية يتوازى مباشرة مع انتشار الخدمات الطبية الأخرى.
وهناك توجه لدى وزارة الصحة والمركز الوطني نحو رفع كفاءة هذه المختبرات في المستشفيات الكبيرة ومستشفيات المدن الثانوية بما يحقق تقديم الخدمة الأفضل والمساهمة في الرصد الوبائي.
مخرجات التعليم الطبي ضعيفة والحل الأمثل لضمان مستويات تخرُّج قوية هو الامتحان الموحد للخريجين
ولدينا في المركز الوطني للمختبرات خطة للتوسع ليشمل فرعاً من المختبر المركزي في كل محافظة ويقوم بدوره على مستوى عال في صناعة التشخيص الطبي ومراقبة الأداء سواء كان ذلك على المستوى العام أو الخاص، وهناك أيضاً توجه لدى وزارة الصحة لتنشيط عشرة مختبرات في مراكز المدن الثانوية الكبيرة، وهذا التوجه يهدف الى تنشيط أقسام الميكروبويولوجي لدعم التشخيص ومساندة الترصد الوبائي معاً.
والحقيقة أن الظروف التي تمر بها بلادنا من عدوان وحصار هي التي تسببت في بعض الإخفاقات في هذا الجانب، وصعوبة توفير المحاليل العيارية واستيرادها، ومنعها من الدخول كجزء من الحصار المفروض على البلاد.
كم عدد المختبرات المركزية في المحافظات اليمنية؟
– في الوقت الراهن يتوزع المختبر المركزي بصنعاء وفروعه في خمس محافظات وسيصل عددها في منتصف العام القادم إلى عشرة فروع في عشر محافظات.
ما مدى اهتمام المستشفيات والقطاعات الطبية الخاصة المختلفة بالمختبرات من حيث كفاءتها وجودة ودقة تشخيصها لحالات المرضى؟
– بالنسبة للمختبرات الخاصة، جميع المستشفيات والمستوصفات والمراكز الخاصة تضم المختبرات ضمن قوامها التكويني أو التأسيسي وهي واحدة من هياكلها الوظيفية.
والحقيقة المستشفيات الخاصة تحرص جداً على توفير المختبرات لأنها واحدة من أكبر مناطق الربح فيها أكانت مستشفيات أو مراكز، وهذا أمر مفروغ منه في ظل الانتشار، وكفاءة هذه المختبرات تعتمد على كفاءة القائمين عليها، ومدى الاهتمام الذي توليه إدارة هذه المنشآت الخاصة بكفاءة المختبرات فيها.
ماذا عن البيئة القانونية واللوائح التنفيذية التي تنظم مهام المختبرات الطبية.؟
– هناك قوانين لكنها غير كافية، فقانون المهن الطبية شمل المختبرات لكنه شملها بقدر بسيط واللوائح التنفيذية للقوانين كانت أكثر تفصيلا ولكن في الإجمال المختبرات الطبية بحاجة إلى إعادة نظر في التقنين بما يتوافق مع التطورات الحاصلة ومع مستوى الانتشار.
لكن ما يبدو أن المختبرات الطبية تنتشر بكثرة دون معايير وضوابط ترتقي إلى مستوى الطب التشخيصي؟
– الانتشار العشوائي هو ناتج عن سوء التقنين والسبب الآخر يتمثل في تهافت الأطباء على فتح المختبرات والمراكز الطبية ضمن عياداتهم، والذي كان القانون يسمح بذلك، مما جعل عدداً كبيراً من المختبرات تنتشر بشكل عشوائي، وبالتالي فإن الانتشار العشوائي للمختبرات يترتب على الازدواجية في تنفيذ اللوائح سواء كانت بين السلطة المحلية أو مكاتب الصحة أو الوزارة، لذا سيكون من الضروري الإشارة إلى أهمية توحيد ومراجعة القوانين بالطب التشخيصي المختبري.
أضف إلى ذلك دخلاء المهنة، فهناك عدد كبير منهم وجدوا في المختبرات باباً للارتزاق، وهذا ما ساهم في الانتشار العشوائي للمختبرات.
الانتشار العشوائي للمختبرات ناتج عن سوء التقنين وتهافت الأطباء على فتح المختبرات ضمن عياداتهم
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الصحة كانت في الآونة الأخيرة مشغولة بإعداد رؤية للأدلة والمعايير الطبية المختلفة ومن ضمنها المختبرات وبناءً على هذه الأدلة والمعايير الوطنية بدأت لجان من مكاتب وزارة الصحة العامة مركزياً القيام بزيارة المختبرات والمراكز الطبية والتفتيش عليها وإعادة تقييمها، ومنح المهلة الزمنية القانونية لإعادة تأهيلها، كما أنها تقوم بإغلاق المنشأة المخبرية ذات التأهيل أو التأثيث الرديء الذي يؤكد عدم قدرتها على ممارسة مهنتها.
إن المعايير الوطنية التي أصدرتها وزارة الصحة بذل فيها جهد كبير وسعت إلى إخراجها ومازالت تحت المراجعة وهناك فرص كبيرة لإعادة تنميطها وتقنينها بما يحقق مستوى أفضل، لكن تظل الحاجة إلى الإجراءات القانونية كونها الأكثر جدوى وفاعلية.
ما دور النقابات الطبية في حماية المهنة من الدخلاء وتنظيمها قانونياً.؟
– تفعيل دور النقابات الطبية مهم جداً كونها تساعد الحكومة في حماية المهنة من الدخلاء والتصرفات الهوجاء وتساعد أيضاً على التقنين ومنح التراخيص وهذا الدور يجب أن تلعبه النقابات بالتوازي مع الجهات الحكومية.
ثمة نتائج تشخيصية مخبرية خاطئة تقع فيها بعض المختبرات ما يعرِّض حياة المريض للموت.. إلى ماذا يعزو ذلك.؟
– القطاع الطبي التشخيصي المختبري يشهد ازدهاراً نوعياً وكمياً في ظل ما تقوم به وزارة الصحة سواء كان على مستوى تقديم الخدمات أو رقعة الانتشار حيث أدى إنشاء المعايير الوطنية إلى دق أجراس التنبيه لدى الجميع بأهمية المختبرات الطبية والاهتمام بجودة فحوصاتها وتجهيزاتها ومحاليلها.
وهنا أوجه رسائل مهمة بما من شأنه تطوير التشخيص المختبري وهي: يجب الاهتمام بالتعليم الطبي في الطب التشخيص المختبري والتدريب أثناء التعليم، حيث يلاحظ ضعف مخرجات التعليم الطبي مع الانتشار الواسع لكليات الطب والمختبرات سواء في الجامعات الحكومية أو الخاصة والتي تركز على تخصص المختبرات كتخصص مرغوب ومقبول، لكن لا بد من التأكيد على الاهتمام بجودة المخرجات الطبية، واعتقد أن الحل الأمثل هو إجراء الامتحان الموحد للخريجين أو أية طريقة تضمن أن يكون هناك تقييم حكومي أعلى لمستويات التخرج.
لماذا الكثير من الأخطاء الطبية المرتكبة بحق المرضى يتم إهمالها وتسويفها دون تحقيق وفصل في تلك القضايا؟
– المجلس الطبي معني مباشرة بالتحقيق عن الأخطاء الطبية، ولكن ما هو دور الحكومة ووزارة الصحة ومكاتبها في ضمان مأمونية وسلامة الخدمات الطبية والتشخيصية المختبرية، والحقيقة أن هذا يتمثل في تطبيق المعايير وتفعيل القانون لحماية المهنة من الدخلاء.
والأخطاء الطبية قضية ذات شجون وهي بشكل عام من الأخطاء الواردة على مستوى العالم، ولكن نحن لا نقرها ولا نؤكد على أنه يجب أن تكون، وما يجب الإشارة إليه هي أن الأخطاء الطبية سواء كانت في الطب أو العلاج أو المختبرات أو العلاج الطبي لها احتمالات واردة وأقسام عديدة منها الأخطاء الطبية الفادحة وهذه الأخطاء ناتجة عن عدم العلم كأن يتصرف الطبيب أو المخبري في إجراء طبي هو غير مؤهل له وتكون نتائجه مؤثرة سلباً وله تأثير بالغ على حياة وصحة المريض.
وبالنسبة للمختبرات هناك أخطاء معملية تنقسم إلى أخطاء ناتجة عن ضعف التجهيزات أو سوء جودة المحاليل الطبية المستخدمة أو استخدام محاليل منتهية أو محاليل ذات تصنيع رديء، لكن هل يجوز الموافقة على الأخطاء في المختبرات؟، الجواب بكل تأكيد لا يجوز التساهل عن هذه الأخطاء ولا بد أن تكون هناك ضوابط قانونية رادعة للحد من الأخطاء الطبية وأول هذا الضوابط الفنية تفعيل برامج ضبط الجودة النوعي والكمي الداخلي والخارجي للمختبرات والذي يجب أن يكون جزءاً رئيسياً من مكونات المختبرات الطبية التشخيصية والمفترض ان يكون هذا الأمر مؤكداً عليه من قبل القانون ووزارة الصحة والعاملين عليها.
من يتحمل المسؤولية القانونية في الخطأ الطبي عامة والتشخيصي المخبري خاصة بحق المريض.؟
– في الحقيقة إن البلدان المتقدمة تشكل مجالس طبية من ذوي الكفاءات العلمية تقوم بدراسة الحالات ودراسة الأخطاء والنتائج والمسببات التي أدت إلى هذا الخطأ أو الخطأ المباشر وتحدد مسؤولية الفريق الطبي عن هذا الخطأ سواء كان الطبيب أو المخدر أو الممرض أو المختبرات العلاج الطبيعي أو الخدمات المساعدة، وأي قضية مرتبطة بالتشخيص الطبي أو المعالجة يفترض أن يحدد مسؤولية الخطأ الطبي فريق طبي ذو كفاءة عالية يستطيع دراسة الحالات ويحدد مستوى الخطأ، ومن ثم بعدها يقوم هو بتحديد مصدر الخطأ من أجل أن تعم الفائدة ويتم تلافي مثل هذه الأخطاء مستقبلاً..
وبكل تأكيد مسؤولية تحديد الأخطاء المخبرية ذات الأثر البالغ على حياة المريض يفترض أن تكون مسؤولية محددة يشترك فيها الفريق الطبي لا النتائج التي ذهبت من المختبر إلى الطبيب والذي بدوره يقوم بمقارنة هذه النتائج مع الحالة السريرية ومن حق الطبيب أن يعيد هذا الفحص أو أن يطلب التأكد منه أو أن يتصل بالمختبر الذي أصدر هذه النتيجة ليناقشه، وهناك عدد من الأطباء يقومون بهذه العملية وبالتالي يتم تلافي الكثير من الأخطاء ما أمكن..
تفعيل دور النقابات الطبية مهم كونها تساعد الحكومة في حماية المهنة من الدخلاء والتصرفات الهوجاء
أما الأخطاء الأخرى التي يمكن أن تكون الأكثر شيوعاً فهي الأخطاء المركبة وهذا النوع من الأخطاء لا يستطيع أحد أن يحدد المسؤولية عنها فمثلا مقاومة المضادات الحيوية هل هي مسؤولية المخبري الذي يقوم بتشخيص الحالات أم مسؤولية الطبيب الذي يصرف المضادات الحيوية بطريقة عشوائية أم مسؤولية الصيادلة؟
مثل هذه القضايا المشتركة يجب تفعيل هكذا موضوع ودراسته، ومحاولة الحل الجماعي له، ومضادات المقاومة الحيوية شائعة الانتشار، وهي واحدة من الإشكاليات، لكن هل هي أخطاء.؟ نقول الخطأ قد يكون في صحة أو دقة تشخيص البكتيريا أو في استخدام المحاليل أو التعامل بجهل مع هذه العينة.
والأخطاء الأخرى ممكن أن تشمل إعطاء المريض نتائج قياس خطأ مثل حالات السكر كأن يكون المريض في غيبوبة سكرية منخفضة وتكون النتيجة أن السكر مرتفع أو طبيعي، وهذه بكل تأكيد تسبب ضرراً سلبياً كبيراً على المريض ويجب أن يتحمل الطب التشخيصي المسؤولية كاملة.
ما الذي يحتاجه قطاع الطب التشخيصي المخبري لكي يطور أداءه بما يواكب العالم المتقدم في هذا المجال؟
– ندعو إلى تشجيع الاستثمار في قطاع الطب التشخيصي المختبري والفني والعلمي الكبير بما يعني إنشاء مختبرات مرجعية كبيرة تستطيع النهوض بهذه الخدمة، وسيكون ذلك أمراً جيداً في تحسين الخدمات الصحية، والاهتمام أيضاً بإنشاء البرنامج الوطني تحت أي مسمى لضبط الجودة كما ونوعاً، ويجب الاهتمام به كما يجب أن ويحظى باهتمام كبير.
(نقلاً عن الثورة)