الوحدة نيوز/ متابعات:
عقد مجلس الشيوخ الأمريكى مساء أمس جلسة تاريخية شهدت بدء الديمقراطيين فى تقديم قضيتهم ضد الرئيس دونالد ترامب فى إطار محاكمة العزل، حيث يسعون إلى إقناع أعضاء مجلس الشيوخ بأن ترامب يستحق الإدانة والإطاحة به من منصبه.
وشهدت نقاشات المحاكمة مشاحنات وتبادل اتهامات بين الديمقراطيين والجمهوريين حول قواعد المحاكمة حيث رفضت الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ بزعامة السيناتور ميتش ماكونيل استدعاء الشهود أو الاطلاع على وثائق رئيسة في حين طالب فريق الدفاع عن ترامب بـ “تبرئته على الفور” فيما قال قادة الحزب الديمقراطي.. إنه تم التلاعب بإجراءات المحاكمة لأنه لا يوجد ما يضمن إمكانية تقديم الأدلة إلى لجنة المحاكمة وأن هذا الأمر يرقى إلى “جريمة تستر”.
وأمام الديمقراطيين 24 ساعة لمدة ثلاثة أيام لإقناع أعضاء مجلس الشيوخ لإدارة ترامب والإطاحة به من منصبه.
وبدأت جلسة محاكمة عزل الرئيس الأمريكى بصلاة، دعت المشرعين إلى تذكر الوطنيين من كلا الحزبين السياسيين. وبدأ قس مجلس الشيوخ محاكمة العزل بالصلاة التى قال فيها “امنحهم طهارة مبنية على النزاهة التى تجلب الاتساق فى معتقداتهم وأعمالهم”.
وبعد الصلاة بدأ النائب أدم شيف، مدير العزل الرئيسى ورئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب فى تقديم مرافعته التى يدفع بها بالأسباب التى يجب بها إدانة ترامب والإطاحة به.
واستشهد شيف بألكسندر هاميلتون، أحد واضعى الدستور الأمريكى، وقال: “نحن هنا اليوم فى هذه القاعة المقدسة، نقوم بهذا العمل الرسم للمرة الثالثة فقط فى التاريخ لأن دونالد ترامب، الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة تصرف بالضبط بالشكل الذى كان يخشاه هاميلتون ومعاصريه”.
وقال شيف، إن ترامب سهل التدخل الأجنبى فى الانتخابات الديمقراطية وأساء استخدام سلطة مكتبه للسعى لمساعدة من الخارج لتحسين فرص إعادة انتخابه فى الداخل.
وأشار إلى أن ترامب حجب مئات الملايين من الدولارات من المساعدات العسكرية لحليف إستراتيجى فى حرب مع روسيا لتأمين مساعدة أجنبية فى إعادة انتخابه، بمعنى آخر “لكى يغش”.
كما أعرب شيف عن استياء من ترامب لزعمه بأنه لا يمكن التحقيق معه أثناء وجوده فى المنصب، وقال: الرئيس يقول إنه لا يمكن التحقيق مع الرئيس، الرئيس فى المحكمة يقول: لا يمكنك فقط توجيه الاتهام للرئيس ولا يمكنك التحقيق مع الرئيس، موقف المدعى العام هو أنه لا يمكنك التحقيق مع الرئيس.
وكان شيف يتحدث عن دفع محامىّ ترامب أمام القضاء الفيدرالى ووزارة العدل بعدم إمكانية التحقيق معه. بل إن أحد المحامين قال أنه لا يمكن التحقيق مع الرئيس بالقتل لو أنه قتل أحدا فى شوارع نيويورك.
وأثناء إدلاء شيف بكلمته على منصة مجلس الشيوخ، والتى استمرت قرابة ساعتين ونصف، كتب الرئيس دونالد ترامب تغريدة وهو على متن طائرة الرئاسة “إير فورس وان” عائدا من سويسرا عقب مشاركته فى منتدى دافوس، وقال “لا ضغط”، مشيرا على ما يبدو إلى اتصالاته مع أوكرانيا وما يتعلق بمزاعم الديمقراطيين بأنه مارسا ضغوطا على البلد السوفيتى السابق لتحقيق مصلحة شخصية أو سياسية له.
وكان شيف قد قال فيما يتعلق بدوافع ترامب من تعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا، إن الأمر لا يتعلق بالأمن القومى لكييف أو واشنطن، ولا يتعلق بالفساد ولكن يتعلق بالمصلحة التى تتحقق بشكل شخصى، مشيرا إلى أن ترامب كان يعتقد أن الأوكرانيين يدينون له.
من جانبه، حث جاى سيكولو، أحد المحامين فى فريق ترامب القانونى شيف والديمقراطيين على تقديم قضيتهم لأن البيان الافتتاحى يقوض حجتهم برمتها.
وفي أحدث استطلاع للرأي العام في الولايات المتحدة أظهر أن أكثرية الأمريكيين تريد عزل دونالد ترامب من منصبه كرئيس.
ووفقا للاستطلاع الذي أجرته رويترز وشركة إبسوس خلال الفترة بين الـ 17 والـ 22 من كانون الثاني الجاري في جميع أراضي الولايات المتحدة فإن44 بالمئة من المشاركين فيه يؤيدون عزل ترامب بينما اعتبر 31 بالمئة أنه يجب سحب الاتهامات الموجهة إليه.
الجمهوريون تلاعبوا بإجراءات المحاكمة حيث حدد السيناتور ماكونيل قواعد أساسية تمنع استدعاء الشهود أو الكشف عن وثائق رئيسة.
صحيفة نيويورك تايمز الامريكية اعتبرت أن مجلس الشيوخ اجتمع للبدء بـ “جدية” في محاكمة ترامب حيث استهل النقاش بشكل المحاكمة وهي مسودة أصدرها السيناتور ماكونيل ما تسبب بنقاش حاد بعد أن انتقده الديمقراطيون واتهموه وغيره من الجمهوريين بمحاولة التستر على تصرفات ترامب.
رئيسة مجلس النواب الأميركي الديمقراطية نانسي بيلوسي أكدت في وقت سابق أن إدارة ترامب انتهكت القانون من خلال حجب مساعدات عن أوكرانيا كان الكونغرس أقرها في إطار الضغط على كييف لفتح تحقيق بشأن جو بايدن نائب الرئيس السابق ومنافس ترامب الديمقراطي المحتمل في الاستحقاق الرئاسي المقبل والذي جدد خلال تجمع انتخابي اقيم في ولاية نيفادا الأمريكية الشهر الجاري انتقاداته اللاذعة لسياسات الرئيس ترامب مؤكداً أنه مسؤول عن التوترات التي تحدث في الشرق الأوسط وأن سياساته الخارجية تلحق الضرر بالولايات المتحدة ومصالحها.
الفضائح والأزمات التي يمثل ترامب المحور الأساسي لها لم تعد تقتصر على القرار الاتهامي الذي تسلمه مجلس الشيوخ لمحاكمته وعزله حيث كشفت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية في تشرين الأول الماضي أن المستشار العام لوزارة الدفاع الأمريكية وجه مذكرة رسمية إلى الوكالات التابعة للوزارة طلب فيها تحديد وجمع وحفظ كل الوثائق المتعلقة بالمساعدات الأمنية والعسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا استعداداً لتقديمها إلى اللجنة الخاصة بإجراءات مساءلة ترامب.
ومن المنتظر أن تستمر إجراءات المحاكمة ستة أيام أسبوعياً من الاثنين إلى السبت حتى نهاية يناير الجاري على الأقل وهي ثالث محاكمة لرئيس فى تاريخ الولايات المتحدة.
ويحتاج عزل ترامب الى تأييد ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100 عضو أي 67 عضوا وتجري هذه المحاكمة في توقيت حرج لإدارته مع تصاعد حمى الانتخابات الرئاسية التي ستجري أواخر العام الجاري ومع تواصل تراجع شعبية ترامب منذ انتخابه عام 2016 ليكون بين الرؤساء الأمريكيين الأقل شعبية وخاصة بعد تنصله من المعاهدات والاتفاقيات سواء الدولية منها أو الثنائية ضاربا عرض الحائط بالمواثيق والعهود التي وقعت عليها واشنطن وأعلنت الالتزام بها فضلا عن سياساته التدخلية بشؤون الدول المستقلة.