رصد: استهدف العدوان خلال خمس سنوات 43 سجناً، في 15 محافظة يمنية، مخلفاً 562 قتيلاً و883 جريحاً
ناجون: قتل تحت التعذيب ومرضى بحالات نفسية في سجون المرتزقة في مارب
وكالة: التعذيب الجنسي، الوسيلة الأكثر استخداماً ضد المعتقلين في 18 سجناً سرياً بعدن
مركز: دول العدوان لم تراع المبادئ والمعايير الدولية تجاه الأسرى اليمنيين
يعيش الأسرى في سجون العدوان ومرتزقته أوضاعاً مأساوية منذ خمس سنوات، بعيداً عن أبسط الحقوق التي كفلها لهم الدين الإسلامي والقوانين الدولية، قتل وتعذيب وتمييز عنصري وتجويع وسرقة وإهمال، أمراض وأوبئة وحرب نفسية، وما لا حصر له من الانتهاكات التي لا وجود لها إلا لديهم، أما الأسرى في سجون وزارة الدفاع في حكومة الإنقاذ الوطني فيعيشون رعب انتظار اللحظة التي تستهدفهم فيها طائرات العدوان بغارات تُلْحِقَهُم بمن سبقهم، كما جرى من قبل في سجن ذمار أو سجن الشرطة العسكرية.
عبدالقادر عثمان
في الأول من سبتمبر الماضي شنت طائرات العدوان سبع غارات جوية على سجن الأسرى في محافظة ذمار (وسط اليمن)، كانت الحصيلة “150 قتيلاً و50 جريحاً”، بحسب الناطق الرسمي باسم وزارة حقوق الإنسان طلعت الشرجبي، ويضيف الشرجبي في حديث سابق لـ “الثورة”: “استمر تحليق الطيران حتى منتصف اليوم التالي للمجزرة، قاطعاً الطريق أمام فرق الإنقاذ بمعداتها الثقيلة، ما دفع بالعاملين إلى التوقف عن انتشال الضحايا مع تكثيف التحليق، ولم تستطع سوى إنقاذ القليل منهم”.
لم تكن جريمة سجن ذمار الأولى التي يرتكبها العدوان بحق الأسرى والسجناء، حيث استهدفت طائراته خلال خمس سنوات 43 سجناً، في 15 محافظة، منها مبنى الشرطة العسكرية في أمانة العاصمة عام 2017م، بسبع غارات خلّفت أكثر من 30 قتيلاً وعشرات الجرحى، بحسب ما دونه مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية (منظمة حقوقية في صنعاء) في تقرير حصلت “الثورة” على نسخة منه، يقول التقرير أيضاً: إن عدد ضحايا الغارات على السجون وصل إلى 562 قتيلاً و883 جريحاً، حتى سبتمبر الماضي.
سجون مارب
يتعرض الأسرى والمعتقلون في السجون التي يديرها مرتزقة العدوان في المحافظات المحتلة لأبشع الانتهاكات التي وصلت ببعض الأسرى إلى الموت تحت التعذيب في الوقت الذي تعمل فيه قوات العدوان على إنشاء المزيد من السجون السرية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ففي مارب، رصد مركز عين الإنسانية 14 سجناً سرياً، يتعرض فيها الأسرى والمعتقلون لصنوف شتى من “التعذيب الجسدي والنفسي وسلب الأموال المرسلة لهم من الأهالي، والتعرض للإهانات والسخرية والحرق والكي والصعق الكهربائي ونزع الأظافر والتعرية، والإهمال الصحي والتغذوي والمنع من أداء الفرائض الدينية”.
ونشرت صحيفة “الثورة” في نوفمبر الماضي تحقيقاً استقصائياً بالاستناد إلى شهادات أكثر من 20 أسيراً، أفرج عنهم بعمليات تبادل للأسرى بين “اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى” في صنعاء والطرف الآخر في مارب، عبر وساطات محلية، وقال جميع المفرج عنهم إنهم تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي والتحرش الجنسي والتهديد بالممارسة الجنسية.
قتل وتعذيب
وتحدث الأسير المفرج عنه، وليد القطواني، في حوار خاص نشرته “الثورة” مطلع الأسبوع الجاري، عن مشاهدته عملية قتل ثلاثة أسرى تحت التعذيب في سجون مارب، هم خالد قريش وحسن الشريف وعمّار قبايل: وقال إن “عناصر من تنظيم “أنصار الشريعة” الإرهابي يمتلكون سجوناً في مارب ويتعاونون مع مليشيات حزب الإصلاح في إدارتها”، مشيراً إلى أنه بقي بضعة أشهر أسيراً لدى عناصر التنظيم في سجن مستحدث في آل شبوان، قبل نقله إلى سجن “معهد الصالح”.
وأضاف القطواني: “في آل شبوان، مارس عناصر التنظيم الحرب النفسية بحقنا بشكل يومي لمدة تسعة أشهر، فقد تردد علينا أشخاص يرتدون أقنعة ويحملون السكاكين إلى جانب سلاحهم، كان أحدهم يطلب منا أن نصلّي ركعتين قبل أن يذبحونا، وبعد وقت قصير يمر آخر يدّعي تأجيل ذلك، ويتكرر المشهد بشكل مستمر”، وفي مارب أدى التعذيب بكثير من الأسرى والمعتقلين إلى الإصابة بحالات نفسية، حيث تؤكد المصادر أن هناك في سجن الأمن السياسي بمارب أكثر من 30 سجيناً أصيبوا بحالات نفسية.
إحصائيات
ورصدت منظمة سام للحقوق والحريات (منظمة حقوقية مستقلة) خلال أربع سنوات من العدوان على اليمن، “أكثر من ثلاثة آلاف حالة تعذيب في السجون، منها ٨٠٠ حالة فقط في عام ٢٠١٨، بعضها مورست بصورة فردية وأخرى بصورة جماعية، حيث أدى التعذيب إلى الموت” كما جاء في تقرير صادر عنها في يوليو المنصرم، ويضيف التقرير إن “عدد المدنيين الذين قتلوا تحت التعذيب خلال هذه الفترة بلغ 158 حالة منهم 56 حالة عام ٢٠١٨م، منها 30 حالة وفاة في سجون المرتزقة غير تعز التي قتل في سجونها 10 معتقلين، والمحافظات الجنوبية التي تسيطر عليها الإمارات”، ويقول مركز عين الإنسانية إنه من المحتمل أن تكون المناطق غير المذكورة في تقرير سام هي مارب.
سجون سرية
خلال السنوات الماضية عملت الإمارات على إنشاء سجون سرية في عدن، بلغت 18 سجناً، بحسب تحقيق لوكالة أسوشيتد برس الأمريكية، التي أكدت أن القوات الغازية أودعت في تلك السجون المعارضين للتواجد الأجنبي في اليمن، وكذا الرافضين لحملات التجنيد الإجباري لأبناء الجنوب كمرتزقة في صف العدوان، وتؤكد الوكالة أن التعذيب الجنسي كان الوسيلة الأكثر استخداماً ضد المعتقلين في تلك السجون.
وتمارس قوات العدوان ومرتزقتها شتى أنواع التعذيب في تلك السجون ومنها: “الركل، والضرب بالهراوات والقضبان المعدنية، والحرق، والحرمان من الطعام والمياه، كما شملت أيضاً الإعدامات الوهمية، والتعليق لساعات طويلة، والتحرش الجنسي، واستخدام الكلاب البوليسية، والدفن في حفر رملية، واستخدام العقاقير المنبهة، والرش بالماء البارد، والحرمان من الزيارة، والمحاكمات الصورية”.
بالإضافة إلى ذلك، تنفذ الإمارات جملة من الاغتيالات لكثير من الأسرى في سجونها السرية، كما كشف تحقيق “أحزمة الموت” الذي عرضته قناة الجزيرة القطرية قبل أقل من شهر.
سجون الساحل
يقول مركز عين الإنسانية في تقرير له أواخر العام 2018م، إن مجموعة من الأسرى المفرج عنهم من جبهة الساحل الغربي، تحدثوا انهم تعرضوا لشتى أنواع الانتهاكات التي وصل بعضها إلى الذبح والاغتصاب والضرب والتهديد والتجويع والاحتجاز في أماكن غير مؤهلة، من قبل جماعات “أبو رائد اليافعي”، و”عبد الرحمن اللاحجي”، و”الكوكباني”.
ويضيف المركز: “تلك الجماعات سلمتهم للقوات الإمارتية المتواجدة في ميناء المخا وهي قوات سيئة السمعة؛ عندما يصل الأسير إليهم مربوط العينين مكتوف اليدين يقومون بضربة وتعذيبه واستخدام أبشع الوسائل لانتزاع معلومات لا علم له بها”.
من جانبه يقول مركز الرصد والتوثيق: إن العدوان على اليمن من قبل دول التحالف أحدث خروقات واضحة وجلية لكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية، ليس فقط بارتكابه الجرائم والانتهاكات والمجازر تجاه المواطن اليمني ومقومات الحياة الإنسانية، بل امتدت تلك الخروقات لتطال فئة الأسرى المحتجزين في سجون ومعتقلات مرتزقة العدوان ومعتقلات وسجون السعودية. تلك الفئة التي ينبغي توفير الحماية لها وتطبيق المعايير الدولية المتعلقة بالأسرى”.
تنصّل عن القوانين
وفقا لمعايير القوانين والاتفاقيات الدولية لحقوق الأسرى فإن ما يتعرض له الأسرى من قبل العدوان ومرتزقته يخالف اتفاقية جنيف الثالثة (الـ 12 أغسطس 1949م)، التي تنص المادة (13) منها على وجوب “معاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات، ويحظر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها، ويعتبر انتهاكاً جسيماً لهذه الاتفاقية، ويجب حماية أسرى الحرب في جميع الأوقات، وعلى الأخص ضد جميع أعمال العنف أو التهديد، وضد السباب وفضول الجماهير، وتحظر تدابير الاقتصاص منهم”.
كما تخالف المواد (25، 26، 27، 28) من الفصل الثاني من الاتفاقية ذاتها في ما يخص المأكل والمشرب والملبس، وتخالف المادتين (29، 31) من الفصل الثالث من الاتفاقية في ما يتعلق بالشروط الطبية والرعاية الصحية، وكذا المادة (34) من الاتفاقية التي تنص على أن “لأسرى الحرب الحرية الكاملة في ممارسة شعائرهم الدينية، بما في ذلك حضور الاجتماعات الدينية الخاصة بعقيدتهم، شريطة أن يراعوا التدابير النظامية المعتادة التي حددتها السلطات الحربية”، علاوة على مخالفتها لكثير من مواد الاتفاقية التي صادقت عليها اليمن في الـ 16 يوليو 1970م.
استمرار الانتهاكات
“ويستمر العدوان ومرتزقته في التنصل من القوانين، إذ لم تراع دول العدوان تلك المبادئ والمعايير الدولية تجاه الأسرى اليمنيين المحتجزين لدى سجونها وقواعدها العسكرية ولم تراع أي حقوق أو جوانب إنسانية تجاه أولئك الأسرى، بل تمت معاملتهم معاملة غير إنسانية ومهينة عند أسرهم أو أثناء اقتيادهم أو في الأماكن التي تم إيداعهم فيها، وحتى أيضا عند الإفراج عن عدد منهم” حسبما تم توثيقه لدى مركز الرصد والتوثيق.
وعلى رغم إدراك المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني والحقوقي في اليمن ومعها المجتمع الدولي، لكل الممارسات اللا أخلاقية من قبل العدوان ومرتزقته بحق الأسرى، إلا أنها لم تتجرأ بعد على البوح بالحقيقة، ما يجعل مسلسل تعذيب الأسرى يستمر حتى اليوم.
المصدر:”الثورة”