يقدم الباحث اليمني أحمد الفلاحي في كتابه الصادر حديثا باللغة الإنكليزية بعنوان “إسنادية التأليف في الشعر العربي باستخدام تقنيات التصنيف والسمات” طريقة تقوم بالإسناد التلقائي لنص شعري مجهول أو معلوم في الشعر العربي إلى شاعره الحقيقي وأتمَتَة هذه العملية باستخدام تقنيات تنقيب النصوص Text Mining.
وطوّر الفلاحي (المتخصص في البرمجيات والإعلاميات) نموذجا متكاملا في عملية إسناد المؤلف في الشعر العربي بعد بناء Arabic Poetry Corpus اعتمد عليه في التجارب العملية للتحقق من كفاءة النموذج.
ويهدف الكتاب (وهو عبارة عن بحث علمي في مجال الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة) صدر حديثا عن “شبكة أطياف الثقافية للدراسات والترجمة والنشر” بالرباط، في 174 صفحة من القطع المتوسط، إلى بناء نموذج لتعليم الآلة على معرفة أسلوب الشاعر واستخلاصه عبر دراسة مجموعة من النصوص المعلومة للشاعر واستنباط بصمة الشاعر الأسلوبية ليتم من خلال ذلك إسناد النصوص إلى مؤلفها الحقيقي.
والدراسة البحثية الصادرة في كتاب باللغة الإنكليزية حمل العنوان (Authorship Attribution in Arabic Poetry using Classification Techniques and Features) هي في الأصل جزء من أطروحة موسعة نال بموجبها الباحث أحمد الفلاحي الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي.
وكمجموعة للتدريب، أدخل الباحث الفلاحي مجموعة من الدواوين الشعرية (156 شاعراً) من مختلف العصور في الشعر العربي الكلاسيكي، مع إدخال نفس العدد لنصوص مجهولة المؤلف من نصوص مختلفة (كمجموعة اختبار) ثم طُبقت خوارزميات NB, SVM, SMO, LDA, Markov على تلك النصوص مع سمات شعرية ومعجمية وتركيبية ووصلت نتائج هذه العملية إلى 99.36 بالمئة.
الفصل الأول من الكتاب/ الأطروحة، يعرض ميول الباحث لفكرة إدخال مهمة إسناد التأليف في الشعر العربي (باستخدام تقنيات التصنيف والسمات) وتحديد الاتجاهات في هذا المجال، كما يقوم بوصف الأساليب التمييزية الأكثر شيوعاً وأنواع الميزات وأساليب تحديد الميزات.
وينوه الباحث أن “هذه الدراسة الاستقصائية منحازة للدراسات ذات الصلة بتفسيرنا للمهمة، وبشكل أكثر تحديدا لتلك التي تأخذ نهج تصنيف النص الذي ينطوي على التعلم الآلي لتصنيف الدراسات الاستقصائية الأخيرة والأكثر عمومية في هذا المجال”.
وفي الفصل الثاني يعرض الباحث خلفية نظرية لمشكلة إسناد التأليف، حيث يقوم بوصف كل عمل تم إنجازه في هذا المجال، مع التركيز على الميزات المستخدمة في مشكلة إسناد المؤلف، وطريقة التصنيف المستخدمة لتعيين المؤلف لمستند نصي.
وكرس الباحث الفصل الثالث لعرض طريقته المقترحة (بالتفصيل)، تبدأ بإلقاء نظرة عامة على الطريقة بأكملها، مدعومة بأشكال المقارنة والخوارزميات، ثم كل خطوة لإنتاج النموذج المحسن. ويصف الفصل ذاته أيضا بالتفصيل كيفية حساب النتيجة لكل قاعدة للإشارة إلى كفاءتها، وبالتالي وصف الميزات النحوية والمعاجمية المضافة، وكيفية مشاركتها في النموذج لإنتاج نموذج جديد لكل مؤلف من وثيقة التدريب الخاصة به.
ولاختبار الطريقة المقترحة والتجربة التي تم إجراؤها على هذه البيانات، يستعرض الباحث مجموعة البيانات المستخدمة، كما يصف المقاييس المستخدمة لتقدير كفاءة الطريقة المقترحة، والتي تنتهي بالنتائج التي تم الحصول عليها (من خلال تلك الطريقة)، وهذه النتائج هي ما تم وصفه باستخدام عدة جداول، ورسوم بيانية، ومقارنة بالطرق الأخرى التي عملت في مجال إسناد المؤلف.
وأخيراً تم تضمين خاتمة البحث في الفصل الرابع، الذي يلخص البحث والملاحظات وبعض الملاحظات على العمل. أيضا تم تضمين قسم العمل في المستقبل لاقتراح بعض التوصيات في المستقبل.
والكتاب في مجمله عبارة عن مجموعة أبحاث علمية في الذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة نشرت في مجلات علمية محكمة عالمية باللغة الإنكليزية وفي مؤتمرات دولية وجزء من أطروحة الدكتوراه للباحث.
ويُنظر إلى عملية إسناد المؤلف في الشعر العربي، كعملية مهمة جدا في تنقيب النصوص خصوصاً للذين يدرسون الأسلوبية في الشعر العربي، ومساعدة الشعراء في إثبات حقهم الإبداعي ومعرفة النصوص المنتحلة من غيرها.
وتُعرّف “مشكلة إسنادية التأليف” بأنها مشكلة تحديد المؤلف الحقيقي لعمل مجهول أو متنازع عليه، وعملية الإسناد تتمحور حول دراسة خصائص النص من أجل استخلاص استنتاجات خاصة بتأليفه، ويمكن استخدام تحديد هوية مؤلف النص في طيف واسع من التطبيقات مثل: تحليل الوثائق/ الكتب المجهولة أو متنازعة المصدر؛ كشف الانتحال بهدف بيان فيما إذا كان مدّعي التأليف هو المؤلف حقاً؛ التقصي القانوني بغرض التأكد من مؤلفي الرسائل الإلكترونية والمجموعات الإخبارية.
ويشار إلى أن استخدام هذه التطبيقات في المجالات المختلفة (مثل: الاستخبارات؛ القانون الجنائي؛ القانون المدني)، بات يشهد تناميا ملحوظا في السنوات الأخيرة.
حصل أحمد الفلاحي على البكالوريوس في العلوم من جامعة تعز- اليمن، ونال شهادة دبلوم عالي IT بعد البكالوريوس من الجامعة التكنولوجية- بغداد، ثم ماجستير علوم حاسبات “أمن شبكات” من الهيئة العراقية للحاسبات والمعلوماتية- بغداد، ليتوج مسيرته العلمية بشهادة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي. وهو عضو في الجمعية العراقية لعلوم الحاسبات (الحاسوب) واتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين؛ أكاديمي وأستاذ جامعي بجامعة إب- اليمن.
يترأس أحمد الفلاحي تحرير مجلة “نصوص من خارج اللغة” الصادرة في العاصمة المغربية الرباط.
ويعد من أهم أصوات قصيدة النثر اليمنية المجددين (من جيل التسعينيين)، وتتسم تجربته الشعرية بالمغايرة (النص الجديد). صدرت له عدة مجاميع شعرية ودراسات أدبية، نذكر منها: “السقوط في الغيبوبة السامرية” اليمن- 1998؛ “للعبير أنياب”- بغداد 2000؛ “أمكنة بغدادية” 2003؛ “ما تمنحه لي أنثى البحر” قيد النشر- المغرب؛ “ثلاث مرات قبل الأكل” عن مؤسسة أروقة للدراسات والنشر القاهرة- 2016. تُدرّس نصوص له في المنهاج المدرسي باليمن لطلبة الثانوية العامة. وشارك في عدة ملتقيات ومهرجانات أدبية يمنية ودولية: ملتقى الشعراء الشباب العرب صنعاء 2006، وملتقيات في المغرب؛ مصر؛ العراق؛ تونس. وترجمت نصوصه الشعرية إلى الإنكليزية والفرنسية والألمانية.
المقال السابقانطلاق بطولة أبجد الرابعة للتايكواندو
المقال التالي أطعمة تساعد على علاج إجهاد العين