من الحقبة السعودية إلى الزمن الإسرائيلي تتكامل المهام والوظائف ، وتساق الأوهام وتتسع الهاوية …
لا عبرة بحشود الجماهير ، العبرة بالمشروع الذي يجمعها.
إذا كانت الدولة القطرية تناثرت لعدم وجود مقومات البقاء لها بمنعزل عن الجامع العروبي الذي ينهض بتنمية الإنسان ويقيه من السقوط في الانقسامات العمودية مجتمعياـفكيف سيكون مآل الدويلات العصبوية بهوياتها الطاردة ناهيكم عن استحالة القدرة على القيام بوظيفة الدولة اجتماعيا واقتصاديا وجغرافيا!
مشروع الوحدة العربية تكالب عليه الغرب في اربعينيات القرن التاسع عشر وفي النصف الثاني من القرن العشرين…
حين رفعت مصر جمال عبد الناصر لواء الوحدة العربية حملت السعودية مشروع التجزئة بالوكالة عن الغرب ،فلم تقبل وحدة مصر وسوريا وتكامل دور الملك سعود ماليا واستخباراتيا مع الكيان الصهيوني لإسقاط تلك الوحدة ، وتحقق لهم ذلك عام 1961م …وفي عام 1965م أفصح الملك فيصل عن مشروعه في تقسيم الجمهورية العربية اليمنية إلى دولتين ، ورفض عبد الناصر ذلك المقترح الذي يتعارض مع مشروع وحدة الوطن العربي فكيف به والملك فيصل يطلب منه الموافقة على تقسيم المجزأ القطري!
ومع بدء الحقبة السعودية بعد حرب اكتوبر 1973م عملت السعودية على دفع مصر نحو اتفاقية كامب ديفيد ثم عزلها عن دورها العربي…
ثم استمرت هذه الحقبة في الدفع بالعرب نحو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي من خلال مبادرات السلام التي تقدم بها ولي العهد الامير فهد في مفتتح الثمانينات من القرن العشرين ، ثم المبادرة الثانية التي تقدمت بها السعودية في عهد الملك فهد باسم ولي العهد الامير عبد الله ، ولتصبح الجامعة العربية هي المبادرة بمشروع الاستسلام الذي تقدمت به السعودية واقر في اجتماع القمة العربية التي عقدت في لبنان…
وهكذا عملت الحقبة السعودية بخطين متوازيين: التطبيع بلافتة مبادرات السلام وإسقاط الدولة القطرية في الفوضى والتقسيم العمودي للمجتمعات العربية طائفيا ومذهبيا ،في سياق التمكين للزمن الإسرائيلي كي يتسيد على فلسطين والبحر الأحمر كشرطي للولايات المتحدة الامريكية يحظى بالشراكة في الارباح …