حين صرح النائب في البرلمان اليمني شوقي القاضي من على إحدى القنوات الفضائية -ربما عام 2012م- من أن جنوب اليمن إذا انفصل،واستدرك قائلا لا سمح الله – فسوف تكون علاقتنا به علاقة أخوة كعلاقتنا بمصر -يومها كتبت منشورا قلت فيه بأن المتضرر الأكبر من الاحزاب اليمنية إذا وقع الانفصال سيكون هو تجمع الاصلاح …
هذه الأيام تكثر الكتابات من مثقفين وإعلاميين وسياسيين وناشطين وكلها تصب نحو تطبيع الناس مع الانفصال ، والتعامل معه على أنه أمر واقعي _وإن كان واقعا بفعل وتعزيز دويلات محطات البنزين منذ حرب 1994م- بل وحق مصيري ،مع أن مصير الشعوب لا يتم التعامل معها بهذه الجهوية وهذه الخفة ، لأن ذلك سيكون مفتتحا لحروب لا تنطفئ ،بمنطق الجغرافية اليمنية المتداخلة ، وشحة الإمكانات التي سينتج عنها حروب الفقراء ، ناهيكم عن حروب الهويات الطاردة…
وهذه الكتابات المطبعة والمطوعة لمزاج الناس مع الانفصال ،تعمل في آن واحد على شيطنة الإخوان المسلمين في اليمن وتصويرهم على أنهم هم الخطر الوجودي لا تقسيم اليمن ،وتغيير خارطته الجغرافية والسكانية…
لا شك أن إخوان اليمن (التجمع اليمني للإصلاح ) حزب إقصائي واستحواذي ،وهو في هذا ابن بيئته من ناحية،ومنسجم مع تربيته وتعاليمه الحركية من ناحية أخرى ، لكن تجربة القوى السياسية في حكم اليمن لم تقدم نموذجا مغايرا ،فالانحياز والاستحواذ وتجيير الوظيفة العامة لحساب الانتماءات الضيقة أسريا وعائليا وعشائريا وقبيليا وقرويا الخ ،سمة من سمات هذه القوى إلى يومنا هذا ، في الادارات والوزارات والمؤسسات والمشاريع الخدمية والتنموية الخ…
ينبغي أن نفرق بين مشترك وطني كالوحدة اليمنية إذا تفككت ترتب عليها مزيد من الفقر والعصبيات والتوحش وبين خصومة مع حركة سياسية لم تستطع حتى اليوم أن تراجع تاريخها ، وأن تنقد أخطاءها، وتنصف المتضررين من مسارها وشراكتها للسلطة طيلة عقود عديدة…