دواعي وتداعي مغادرة قوات ابوظبي لمأرب وتأثيرها على الجنوب والإخوان في ظل تصاعد خيباتها بالخلاف مع الريا ض
دون أدني اكتراث وان للإبقاء على تمثيل رمزي يوحي بتماسك التحالف السعودي الاماراتي في حربه على اليمن غادرت ابوظبي مسرح العمليات في مارب التي خسرت فيها بضربة توشكا من انصار الله عشرات العسكريين من قواتها أواخرعام 2015
وسحب اخر الجنود الاماراتيين بمعداتهم بما في ذلك صواريخ الباتريوت
الحامي للمحافظة يؤكد خيبة الامل التي تجرعها محمد بن زايد جراء فشله في السيطرة على مارب وتقليص نفوذ حزب الاصلاح بل واضطراد توغله واحكام سيطرته على كل مفاصل السلطة المحلية والجيش والأمن
فشل استنساخ النخب ودور الاصلاح
عقب احداث ديسمبر 2017 حاولت ابوظبي تشكيل نخبة مأربيه على غرار مافعلته في محافظات الجنوب وكلفت الشيخ ذياب بن معيلي وزير النفط عن المؤتمر في حكومة الائتلاف مع انصار الله قبل ان يغادر العاصمة بعد مقتل رئيسه علي عبد الله صالح نتيجة المواجهات التي شهدتها مناطق حدة في العاصمة صنعاء مع جماعة الأنصار
وجاء اختيار بن معيلي كونه ينتمي الى احدى اكبر القبائل المأربية ( عبيدة
) و نجل شيخها الذي يعد مرجع قبائلها قبل ان يتوفى العام الماضي
وأيضا باعتباره احد القيادات المؤتمرية وعلى علاقة جيدة بأولاد صالح
والذي ترجم استمرارها بزيارة الى مديرية المخا التي تحتلها الامارات
والتقى طارق صالح قائد ما يسمى الوية حراس الجمهورية الممولة من حكومتها
وعقب عودته بدا فعلا في تشكيل قوات النخبة في مارب قبل ان يؤلب الاصلاح المشايخ والسلطة المحلية ضدها ليتم الاجهاز عليها قبل ان تولد
ومثل هذا الاخفاق صدمة لسلطة ابوظبي باعتبار المحافظ سلطان العرادة يعد مقربا من ولي العهد ويحظى بحفاوة لا يحصل عليها غيره حيث كان يقضي في عاصمتها مددا طويلة في مواءمة فريدة مع كونه ينتمي الى حزب الاصلاح الذي يحاربه الاخير بشراسة
العرادة ايضا احتفظ بعلاقة متميزة مع الرياض وظل الوحيد الذي يعامل
باحترام ويتم استضافته بأرقى الفنادق الذي طرد منها كبار المسؤولين بمن
فيهم نائب هادي اللواء علي محسن
هل ورط بن سلمان حليفه بن زايد
لقد فشلت ابوظبي في فرض سيطرتها على مأرب ليس بسبب حزب الاصلاح وحده بل لأن اغلب مشايخها هم ضمن الرعاية السعودية منذ زمن طويل ويستلمون من لجنتها الخاصة والذي مع ذلك كانت تستوعب رفض هؤلاء لمهمات يمكن ان تؤدي الى تفجير الوضع في محافظتهم او الى قطيعة مع الدولة وهو ماحصل حين تم رفض طلب سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع آنذاك والممسك بملف اليمن من خلال رئاسته للجنة الخاصة منذ مابعد ثورة 62 وحتى وفاته بمقاومة استخراج النفط
من مأرب في منتصف الثمانينات.
مالم يدركه نظام ابوظبي واحتفظ به النظام السعودي لنفسه قاصدا توريط
حليفه المتهور هو
خصوصية التعامل مع القبائل اليمنية وبالذات الشمالية وكذا تعقيداتها
الاجتماعية وتقاطع مصالحها وهو ماخبرها الامير سلطان بحكم تجربته
وعلاقاته المباشرة بمختلف مشايخها لتفرده وحده بالأشراف المباشرعليها
وعلى السلطة نفسها لأكثر من خمسة عقود عبر اللجنة الخاصة
ولذا فان اختلالا بدا بسيطا في علاقة المملكة باليمن بعد وفاة سلطان الذي
استلم الملف عنه وزير الداخلية الأسبق نايف بن عبد العزيز وكبر قليلا
مع انتقال الملف الى نجله محمد ليظهر العوار مع استلام الملك عبد الله
للحكم الذي اجرى مراجعات شاملة لعمل ومهام اللجنة بعد ان اصبحت مؤسسة فساد كبيرة
جهل مركب بالتعقيدات القبلية
لذا كان لابد ان يفشل بن زايد بسبب جهله المركب بالتعقيدات مكان وبشرا
وظروفا طالها التغيير ولجشعه الذي اعماه وغروره الذي لم يستطع معه ان يبني على احترام وحب اليمنيين لوالده , اذ اتكل فقط على معطيات وتقارير مخاتلة اراد ان يطوع نتائجها لتصبح واقعا , اعتمادا على القوة الغاشمة التي ظن انها كافية لتطويع اليمنيين وفرض سيطرته على بلادهم
الجنوب سيناريو مختلف ونهاية غامضة
قد تختلف النهاية وسيناريو المغادرة للقوات الاماراتية قليلا في
المحافظات الجنوبية بعد نجاحها بتأسيس قوات ميليشية مسلحة ومدربة من
أبنائها استغلالا لفراغ السلطة الذي ظل يمثلها هادي وحكومته في المنفى وليس على الأرض ماجعل الإمارات تبسط يدها على محافظات جنوبية كدولة محتلة قبل ان تنازعها السعودية ما خططت لامتلاكه
وهو مادفعها الى الخيار الأقل كلفة حين بدأت باستخدام القوات المحلية
التي انشأتها بالقيام نيابة عن جنودها بفرض الاحتلال تحت لافتة القضية
الجنوبية للتخفيف من كلفة بقاء قوات كبيرة واستبدالهم بقوة رمزية
تتكفل بمهمة القيادة والتوجيه لتحقيق هدف الهيمنة بأدوات محلية الا ان
النجاح من عدمه سيظل رهن لعوامل داخلية وخارجية
لهذه الخيبات راجع نظام ابوظبي حساباته
لقد فرض تطور الأحداث الداخلية والخارجية على ابوظبي مراجعة حساباتها خلال خمسة أعوام مضت وفقا لمبدأ الربح والخسارة وليس لأمنيات تبخرت بفرض السيطرة الفعلية على بلد كاليمن كمقدمة لبسط الهيمنة السياسية على بقية اقطار العرب
وأمام واقع حال لايحتمل التجميل وجد بن زايد نفسه امام خيبات تقول
ــ بعدم امكانية تحقيق اي نصر عسكري ناجز على انصارا لله ومن ان
الاستمرار في لعب دور رأس الحربة في الحرب سيكون ثمنه باهضا
ــ كل المعطيات تؤكد على بقاء عدوه اللدود اخوان اليمن كلاعب في اي
تسوية محتملة في ظل تراجع فرص فرض المؤتمر بقيادة احمد علي كسلطة مهيمنة في المستقبل وهو احد اهم اسباب الخلاف مع المملكة
ــ تصدر الرياض للحيلولة امام استمرار سيطرة ابوظبي بعيدا عنها على المحافظات الجنوبية عبر ادواتها في الحكومة اليمنية وهو ماقد يفجر حرب بين الأطراف تنتهي بخسارة للجميع
ــ التأكيد الحاسم للمجتمع الدولي على وحدة اليمن وإن السياسية كحد ادنى
في وقت وجد بن زايد بلاده مدانة بالاحتلال ونظامه متهما
بالانتهاكات والقتل والتعذيب خارج القانون
وهو مايعني احتمالية ضياع ا لتعويض الذي كان يأمله لخسارته عتادا ورجالا ومالا في حال لم تتمكن الميشيات المحلية التابعة له على حسم الصراع لصالح اداته السياسية المتمثلة بالمجلس الانتقالي
لذلك كله اوعز لمستشار بن زايد عبد الخالق عبد الله تبرير وتجميل مغادرة قوات بلاده في تغريدة له على تويتر حين ارجع مغادرة القوات الى ,استمرار هدنة الحديدة , وارتفاع كفاءات وجاهزية القوات المساندة للشرعية , وتراجع في العلميات العسكرية خلال 2019 ولدواعي الكبرياء ختم تغريدته بالقول
من ان هذه الأسباب واخرى دفعت الامارات خفض قواتها بعد أن أدت مهامها على أكمل وجه ويمكنها العودة في أي وقت
والسؤال اذا كان هذا حال الإمارات فكيف سيكون مآل السعودية ذات التاريخ الطويل بالمؤامرات على اليمن شماله وجنوبه والذي يوحد بغضها اليمنيون كافة حيث يواجه تواجدها جنوبا بمقاومة شعبية وشمالا بحرب مستعرة وصواريخ وطائرات مسيرة نالت من مواقعها الاستراتجية ف عقر دارها