ابراهيم سنجاب*
قالت إيران أنها أسقطت طائرة تجسس أمريكية فوق مياه الخليج , كذّب الأمريكان الخبر ثم اعترفوا . وقال ترامب ربما حدث خطأ ما إرتكبه غبى , فردت إيران بأن لا , نحن استهدفناها وسنحرق المنطقة إذا نشبت الحرب . احترقت سفينتان فى ميناء الفجيرة ثم حدث أعتداء على ناقلتى نفط فى بحر عمان , تشكلت لجان دولية لكشف غموض هذه الحوادث , وما زال الفاعل مجهولا .
الذي حدث أن حرق طائرة التجسس الأمريكية تم فى الخليج نفسه , أما الهجوم على ناقلات البترول فخارج مياه الخليج ,… ومن هنا نبدأ .
إيران هددت باغلاق مضيق هرمز إذا لم تتمكن من تصدير بترولها لتحرم أسواق النفط العالمية من بترول العرب العراقيين والسعوديين والاماراتيين والقطريين والبحرين , أرسلت أمريكا أساطيلها فى استعراض احتفت به العربية وسكاى نيوز , ولم تمر عدة أيام حتى سحبتها إلى مياه المحيط فى صمت , قبلها وبعدها , وفى أقصى جنوب الجزيرة العربية , تقصف مسيرات يمنية محطتين لشركة أرامكو , وبعدها تعاود قصف قواعد عسكرية ومطارات مدنية فى العمق السعودى, ويسقط صاروخ بالقرب من مبنى السفارة الأمريكية فى بغداد .
أما فى أقصى شمال الجزيرة العربية قريبا من تل أبيب , فيعلن حسن نصر الله أمين عام حزب الله أن الحرب على إيران لن تقف عند حدودها , وأن المصالح الأمريكا فى المنطقة ستدمر ومعها كل الذين تأمروا معها خصوصا السعودية واسرائيل .
تلك احدث وليست أخر المشاهد القصيرة والمختصرة التى تشكل جرءا مهما من ملامح المرحلة منذ توقيع الاتفاق النووى الإيرانى – الغربى ثم انسحاب أمريكا منه وهى بلا شك اللوحة المعبرة عن سلسلة حلقات عصر الانحاط العربى منذ تدمير العراق واحتلال بغداد 2003 .فبعد أن إنكشف ظهر الأمة العربية فى العراق , تنكشف الآن بطنها فى السعودية . وبينما تسمع طهران من يقول لها لست وحدك , سمعت السعودية من يقول لها إذهب أنت وربك فقاتلا .
لماذا و كيف ؟ واقعية أدوات الاستفهام
دخلت الحرب على اليمن عامها الخامس وقد تتجاوزه , وبقى سؤال المواطن السعودى العادى بلا! جابر , لماذا نحارب فى اليمن.، بينما جاره اليمنى يجد إجابة فى كل مرة يسأل فيها نفسه , كيف نتصدى لهذا العدوان ؟ كيف ندافع عن وجودنا ؟ كيف نهاجم ؟ كيف نطور الهجوم ؟ كيف نتعامل سياسيا مع هذه الكارثة ؟
سؤال السعودى لنفسه لم يتجاوز لماذا ؟ إذ أن بقية أدوات الاستفهام تكفلت العربية وسكاى نيوز بالإجابة عليها ؟ قالت إن الحرب ستنتهى وتعود الشرعية خلال عدة أسابيع , فأجابت عن متى ؟بينما كانت إجابة اليمنيين , قتال حتى يوم القيامة . وقالت أنه تم تدمير القدرات العسكرية لميليشيا الحوثى فأجابت عن ماذا , بينما أجاب اليمنيون باحراق أحدث المدرعات الأمريكية بالولاعات وانتاج وتطوير سلاح لا ترصده منظومات الدفاع الجوي الامريكية، ووصل فعلا إلى قلب الرياض ؟ لم تجد العربية وسكاى نيوز أبدا إجابة مقنعة عن لماذا ؟ إلا أن تحرم طرح هذا السؤال مرة أخري.
أما كيف , التى خط اليمنيون الإجابة عليها بالدم والعرق والصبر , فكانت إجابتها عند الرياض لدى الغير , من أمريكا حتى السودان مرورا بالمرتزقة , كل هؤلاء سيوردون السلاح ويخططون ويقاتلون ويروجون ويتكفلون بالخونة , رغم أن فكرة التضامن مع السعودية فى هذه الحرب فى حد ذاتها فكرة مهينة جدا , وهى الدولة الأغنى فى العالم ولا ينقصها لا المال ولا السلاح ولا الإعلام … ولا الرجال .
مع تطورات الحرب والصمود المذهل للمقاتلين الحفاة العراة الجائعين فى مقابل التدمير الواسع لكل مظاهر الحياة فى بلد على كان على قمة لائحة الفقر فى العالم قبل الحرب ومازال , وانطلاقا من فكرة الاستعانة بالغير هذه , ستجد أن هناك تطورا معنويا كبيرا جدا تزداد درجته يوما بعد اليوم , فمن خلال سير المعارك والمفاوضات ترتفع نفسية المقاتل اليمنى , على العكس تماما من شقيقه السعودى الذى ما زال واقفا أمام أداة الاستفهام لماذا ؟ إذ أنه لا يجرؤ على تصور اجابة عليها .
بقى من أدوات الاستفهام المشهورة هل و كم ومن ؟ والإجابات عليها سهلة ومعروفة , فالحرب لم تكن ضرورة إذا كانت الإداة هل ؟ أما كم ؟ فآلاف من القتلى والجرحى وملايين من النازحين والمشردين والجوعى والمرضى ومليارات من الدولارات اكتنزتها أمريكا والقوى صاحبة الكلمة فى العالم حتى تصمت . أما من ؟ فأمريكا وإسرئيل هما اللتان تقفان وراء هذه الحرب , فى مواجهة ثورة حقيقية تريد التغيير انطلاقا من جنوب الجزيرة حيث البركان الذى ظل خامدا لمئات السنين .
من صنعاء إلى طهران لست وحدك
لا يذكر الحوثى إلا وذكرت إيران وحزب الله , ولا تذكر السعودية إلا وذكرت أمريكا وبريطانيا ومؤخرا إسرائيل , فهل ما زالت الرؤية غائمة؟
ولأن أى حرب لابد أن تتوقف مهما بلغت أعداد ضحاياها وتراكمت مآسيها أو طالت سنواتها , فسوف يكون لزاما علينا أن نبحث طويلا – ربما لسنوات – عن إجابة لسؤال على ماذا ستتوقف فى اليمن ؟.