كان اسقاط الدفاعات الجوية الايرانية لطائرة التجسس الأمريكية فعلا حاسما ومقررا لجهة دفاع الجمهورية الإسلامية في إيران عن سيادتها واستقلالها . وحدهم من يستخفون بسيادة الدول بما فيها دولهم ، مدعين أن السيادة أصبحت من الماضي في زمن العولمة ، هم من اعتبروا التصرف الايراني الطبيعي تهورا او مغامرة غير محسوبة العواقب . كانت القيادة الإيرانية ، من المرشد الأعلى إلى القادة العسكريين الميدانيين قد أكدت مرارا وتكرارا أنها لا تسعى للحرب مع أحد ، ولكنها ستدافع عن سيادة البلاد وحرمة أراضيها مهما كان الثمن . يدرك الايرانيون ما كان سيعنيه ترددهم في اسقاط الطائرة التي اخترقت اجوائهم ، واكتفاؤهم بالاحتجاج لدى مجلس الأمن او بإطلاق اعيرة نارية تحذيرية في الهواء ، وهو أن الإدراة الأمريكية والكيان الصهيوني واتباعهما من الخليجيين المتصهينين سيعلنون النصر وسيصلون إلى استنتاج مفاده ان عدم التعرض لطائرة أمريكية وهي تنتهك الأجواء الإيرانية هو دليل خوف ورعب لدى الإيرانيين من تهديدات ترامب وسيعمدون إلى المزيد من الاختراقات الاستعراضية لأجواء إيران والتحرش بطائراتها وسفنها وفعل كل ما يقود إلى إذلالها في وعيها القومي .
لقد كان القرار الإيراني باسقاط الطائرة الأمريكية انذارا لكل من يعتقد ان الحروب ضروب من المغامرات السعيدة ، وأن انتهاك سيادة الدول متاح لكل من يحتاج الى استعراض القوة . ومما يستدعي الانتباه في ما قاله الأمريكيون ، سواء العسكريون او السياسيون في محاولاتهم ادانة ايران هو تكرار القول ان الطائرة اسقطت في المياه الدولية وانها لم تجتز اجواء إيران ولم تخترق سيادتها ، وهذا إقرار منهم لا لبس فيه بأن سيادة إيران خط أحمر فعلا . وبالمقابل رصدت الرادارات الايرانية اقلاع الطائرة من دولة الإمارات واستدعت الخارجية الايرانية القائم بالأعمال الاماراتي في طهران للاحتجاج وكأن قيادة الإمارات تعرف بالتحركات العسكرية الأمريكية في الخليج والمنطقة . ولكن الوقائع تقول أن الأمريكيين لا يستأذنون أحدا ، ولن يستأذنوا أية دولة خليجية ، بما في ذلك قطر وعمان والكويت إذا قرروا استخدام اراضيهم في شن حرب عدوانية على إيران او على اية دولة أخرى ، كما فعلوا عندما شنوا حربهم على العراق . الادارات الأمريكية المتعاقبة لا تضع اعتبارا إلا لسيادة دول تحميها شعوبها بقوة السلاح مهما كان الثمن غاليا ، وهذا معناه أن لا سيادة بلا قوة تحميها . من المفيد أن نعيد التذكير هنا بما قاله رئيس صيني سابق في مقابلة مع صحيفة ((الأهرام)) المصرية وهو أنه لو لم تكن الصين دولة نووية لما سلمت بريطانيا بإعادة هونج كونج إليها عام 1999 . ومن هذه الدروس اعتبروا يا اولو إرادة حماية سيادة واستقلال اليمن .
د.أحمد الصعدي: ليس بالشكوى والإستعطاف تحمى سيادة الدول
التصنيفات: أقــلام
الوسوم: الوحدة نيوز