نعم فجعونا وأوجعونا لكن عناية الله ورحمته كانت أقوى وأمضى فلله الحمد والمنة. وللقتلة والمعتدين الخزي والعار والخسران.
أرادوا ابادتنا ومحو ذكرنا فشاء الله لنا العزة والشرف والاصطفاء فما أكرم خاتمة أمي الشهيدة الغالية وأي ارتقاء أجمل من شهادة الولدين الصالحين لؤي وحسن.
أما من أصيب منا فقد من الله عليه بالعافية والصبر والثبات واحتساب الأجر عند الله.
لم اتفاجأ بما حدث فكل اليمنيين باتوا مشاريع شهادة في ظل توالي المجازر الدامية بحق المدنيين التي يرتكبها التحالف السعودي منذ اليوم الأول لما يعرف بعاصفة الحزم التي غدت عنوانا للإجرام والتوحش والإرهاب.
لكن حين حلت بنا هذه الفاجعة أدركت عن يقين أن هذا الصمود الشعبي في مواجهة العدوان مصحوب بتضحيات جمة وآلام كبيرة توزعت على كل أسرة يمنية تقريبا. وقد كنا نتكلم ونكتب عن هذه التضحيات إلا أن من سمع ليس كمن رأى واكتوى بنير الغارات وما تخلفه من جراح جسدية ونفسية واحساس شديد بالظلم والقهر لا يحد من مستواه سوى درجة ايمان المرء بالله وبالقدر خيره وشره.
لا عجب إذا إن هب الشعب اليمني ثائرا للدماء الزكية ومدافعا عن الأرض والعرض وهو يرى العدو السعودي الأمريكي قد استباح كل شيء أرضا وانسانا.. حجرا وبشرا، ولم يوفر حتى مقابر الأموات وأضرحة الصالحين.. ومع كل ذلك لم يجد ضالته ولم يحقق أيا من أهداف عدوانه الخفية منها والمعلنة. ولا عجب إن خطف شعبنا بصموده واستبساله أبصار الأحرار في العالم الذين يدركون موازين القوى المادية والعسكرية، ويعرفون أن من اعتدى ويعتدى على اليمن يمتلك أفتك الأسلحة الحديثة من صواريخ وطائرات وبارجات ومدرعات وغيرها، بالإضافة إلى غطاء سياسي وإعلامي غير مسبوق، وامكانات مالية ضخمة اتضح حجمها ومقدار تأثيرها حين رأينا مواقف الدول الكبرى تباع وتشترى، فتلزم الصمت حيال وضع وكارثة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بالأسوأ عالميا.
خمسة أعوام تقريبا وآل سعود وعيال زايد والمرتزقة المأجورون من الداخل والخارج يواصلون العبث باليمن كل اليمن بما فيها المناطق التي هللت لعدوانهم وتدخلهم العسكري فباتت مسرحا للقتل والنهب والهيمنة ومصادرة الحرية والكرامة عوضا عن القرار السيادي الذي بات من الماضي في ظل خنوع ما يعرف بحكومة الفنادق والرئيس المزعومة شرعيته، والقيادات الحزبية التي انقلبت على تاريخها وقدمت نفسها خادما مطيعا لسلمان ونجله، بل وتهالكت في التودد اليهما برغم أن جرائم التحالف السعودي لم توفر حتى المنحطين الذين باعوا وطنهم وأنفسهم للشيطان.
وفي المقابل سطر شعبنا وجيشنا واللجان الشعبية ملحمة من الصمود والتضحية والفداء، وأمكن لقدراتنا العسكرية أن تتطور على نحو متصاعد حتى رأينا وسمعنا الصراخ السعودي الإماراتي كما حذر ذات يوم السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله.
بل لقد شهدنا في رمضان الماضي ثلاث قمم عربية واسلامية وخليجية كان جماعها كلها الاستغاثة والاستجداء من قوة وبأس الشعب اليمني وأنصار الله الحوثيين.
أما الأيام الأخيرة فقد توالت العمليات النوعية العسكرية للقوتين الصاروخية والمسيرة وأمكن لنا فرض معادلة مطاراتهم بمطار صنعاء.. ومهما كابروا فقد بات يوم استسلامهم قريبا جدا، “ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله”.
وبالعودة إلى جريمة الحادي عشر من رمضان فقد كان لافتا أن استهدافي كرئيس لاتحاد الاعلاميين جاء بالتزامن مع استهداف وزارة الاعلام أيضا، وفي ذلك مؤشر لافت على انفلات وانحطاط العدو الذي لم يتورع عن استهداف صحفي بصاروخ وبطائرة إف??، ولسان حاله يقول أن الاعلاميين والصحفيين المناهضين للعدوان باتوا ضمن بنك أهداف هذا التحالف الأرعن الذي أثبتت كل جرائمه أنه لا يقيم وزنا للأعراف والأخلاق الدينية والإنسانية.
بيد أن كل ذلك لن يثنينا عن مواجهة العدوان بكل وسيلة متاحة ومشروعة وإن تطلب الأمر الالتحاق بجبهات القتال وساحات النزال جنبا إلى جنب مع رجال الله وأبطال الجيش واللجان الشعبية، كما يفعل المئات من رجال الإعلام الحربي الذين نقلوا للداخل والخارج صورة البأس اليماني والمشاهد الاستثنائية التي طافت قنوات العالم ومختلف وسائل الاعلام وأكدت علو كعب المقاتل اليمني الذي صمد وانتصر أمام طائرات ومدرعات العدوان وأبطل مفعولها في معركة الدفاع المقدس عن اليمن وشعبه وسيادته وكرامته.
سنواصل لأن ذلك واجب شرعي وديني أولا، فالله تعالى يقول في سورة الشورى واصفا المؤمنين بقوله: “والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون”.
ويقول في ذات السورة: “ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل، انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق” وآل سعود بغوا وطغوا وتجبروا، ولا مناص من مناهضة عدوانهم حتى النصر الموعود والحتمي بإذن الله.
سنواصل كما قال شهيد الكلمة الحرة ورائد الصحفيين اليمنيين عبدالكريم الخيواني، ولن نخضع أو نركع إلا لله وحده، فهكذا نحن كنا وسنكون دوما وبتأييد من المولى عز وجل في صف شعبنا ومظلوميته وقضيته العادلة حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين.
سنواصل لأن كرامتنا الوطنية تأبى الخضوع لقوى الهيمنة والاستكبار وللنظام السعودي الذي ظل يتعامل مع صنعاء كدولة ملحقة بالرياض وتدور في فلكها، فإن حاولت الخروج عن بيت الطاعة كما حاول الرئيس الحمدي كان الاغتيال المادي والمعنوي لها بالمرصاد.
وسنواصل انتصارا للدماء الزكية التي استباحها العدوان السعودي الأمريكي وظن واهما أن بشاعة إرهابه وإجرامه ستفتح له أبواب صنعاء مجددا، ولكن هيهات فالشعب الذي انتفض من أجل التغيير والكرامة وتنفس حرية امتلاك القرار لن يعود إلى القمقم مجددا مهما أوغل العدو في إجرامه وحصاره، ومهما بالغ في التزييف والتضليل الاعلامي.
سنواصل وليس أمامنا من خيار سوى الصبر حتى الانتصار، فإن مع الصبر نصرا، وعلى الباغي تدور الدوائر، وعلى نفسها جنت الأسرة الهالكة في مملكة الرمال.