تحضر صورة المهمش في الحرب بين اليمنيين بوسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها لغة بصرية يتم توظيفها لصالح الطبقة الاجتماعية المتغلبة في سياق خدمة أهداف الحرب التي يتصدر واجهته تحالف السعودية ،توسيعا لدوائر الهيمنة الأمريكية المتجهة نحو وسط آسيا وشرقها.
فالفعل الشعبي المقاوم ليس متوفرا في حرب سياقها وأهدافها الاستراتيجية مرسومة غربيا ،ومعبر عنها خليجيا -بالوكالة -مشيخات الخليج والكيان السعودي .
الصورة توظف بصريا على المستوى المحلي لتكرس دور الخادم والمهمش المسحوق لخدمة الطبقة المتغلبة سياسيا وعسكريا.والتي تستثمر مشاركته كرمزية في سياق الخداع البصري والاجتماعي شرط إبقائه أعزلا عن امتلاك أدوات العنف.
هذه الصورة يقابلها صورة الشيخ المزارع الشاب ،الذي يقتل تاركا رسالة تحدد المعركة بأنها بين القحطانية والهاشمية ،أي في سياق طبقة السادة والمشيخ ،وفي ذلك تضليل لجوهر الصراع في اليمن،بما يحقق ويوفر قشرة خارجية توهم أن الصراع طائفي في حين أن الطائفية ليست أكثر من قناع يخدم المشروع الغربي في المنطقة.
المفارقة العجيبة الاصرار على احتكار أدوات العنف ،ومنعها عن المهمش والشيخ المزارع ،كي لا تتحول بيد المهمش إلى سلطة وبيد الشيخ المزارع إلى انقلاب السحر على الساحر ،فتتجه الأساطير باتجاه غير مرسوم لها أن تسير فيه!
كلا الاثنين كرمزيتين لطبقتين اجتماعيتين منتجتين ،لا يخوضان معركتهما ،فتشابها من حيث دلالة عزلهما عن أدوات العنف ،وإن اختلفا طبقيا من حيث الدوافع الاجتماعية والأساطير المنتجة لأوهامهما…
ليست الحرب في جوهرها ذات مشروع اجتماعي ،يعبر عن ألم الخادم وطموحاته وآماله ،كما أنها ليست تعبيرا عن صراع طبقي بين السادة والمشيخ ،ولا صراعا عرقيا بين القحطانية والعدنانية ،وإن كان من أهداف الحرب إيهام المجتمع بحرب عرقية،كقناع من أقنعة التوحش الامبريالي ودوائر هيمنته التي لا تتوقف عن ضخ الأساطير والأوهام المكرسة لديمومة سيطرتها وسطوتها…