مجتمع مكة ليس متزمتا عبر التاريخ ،بل إن أمراء الإمارة السعودية الأولى كان من أهدافهم الوهابية الأولى هو القضاء على ما يرونه انحرافات المجتع المكي المتماهي مع دنيوته …
وكذلك الحال مع الدولة السعودية الثالثة ،التي أسسها عبد العزيز بن سعود …
مع الدولة السعودية الرابعة التي يعكس ملامحها ولي العهد محمد بن سلمان تتجه السعودية نحو نظام دنيوي ،وفك الارتباط بين الدنيوي والديني ،فلقد أنجزت الوهابية كعقيدة للسلطان مهمات الترسيخ والتمدد ،ولم يعد صولجان الملك بحاجة لجيش من المطاوعة ومراقبة آداب الناس …
المفارقة في التفكير حين نسقط في خطاب التكفير ،بما يعني أن النظام السعودي قد أعارنا عباءة الوهابية ليزيدنا وهنا على وهن ،ويضلنا عن جوهر الصراع في مواجهة أذرع الغرب الامبريالية في المنطقة ،وأهدافها المحددة بقهر الشعوب ،وإسقاط السيادات ،ونهب الثروات ،وحرف بوصلة الصراع الاجتماعي والاقتصادي لتصير معارك للجغرافيات الضيقة والهويات الوهمية ،والأساطير المختلقة ،وقولبة المجتمعات كسلطة بوليس آداب…
يقدم النظام السعودي نفسه كمتخفف من سلطة المذهب ، فنواجهه كسدنة لبضاعته التي روج لها لأكثر من قرنين ،متشبثين بركام من التدين المنقوص ،بينما هو يقدم نفسه كفاعل في صياغة مجتمعه وفقا لاستراتيجية تتراكم في المنطقة ننفعل نحن بردود أفعال وعقل مستقيل !
