الوحدة نيوز/ حاوره / يحيى الضلعي:
يتمتع الفنان الغنائي المخضرم أحمد الحبيشي، بصوت متميز وجذاب، ويعد من أفضل الأصوات اليمنية التي تحظى بشعبية واسعة في مختلف المناطق اليمنية.. كما أنه يمتلك قاعدة كبيرة من المعجبين والمستمعين لأغانيه التي اتخذت طابعاً متميزاً في اللون الغنائي. تفاصيل هامة من سيرته الغنائية تحدث عنها في هذا الحوار الشيق ، والذي تطرق فيه لمشواره الحافل بالإبداع..
-مرحباً بك أستاذ أحمد.. وسعداء باللقاء معك والإطلالة مجدداً لجمهورك ومحبيك.
–أحييكم وأحيي الأصدقاء والمحبين للفنان أحمد الحبيشي، وجميع جمهوري الرائع الذي أنا فخور جداً بحبهم لي وسؤالهم عني..
جشع المنتجين
-الكثير يسأل عنك وعن العارض الصحي الذي داهمك له مؤخراً.. بماذا تطمئنهم؟
–تعرضت لذبحة صدرية، وتم إسعافي على إثرها إلى أحد المشافي بالعاصمة صنعاء.. وحينها خضعت للرقود لعدة أيام، وأجريت لي عملية تشخيصية تبين من خلالها وجود احتشاء عضلي في الشرايين، أدى إلى الجلطة، ولكن الحمد لله، والشكر لله تم تعديها بسلام، والآن تماثلت للشفاء وأستخدم العلاج والأدوية المخصصة، في انتظار إجراء عملية قسطرة علاجية للقلب وتركيب دعامات.
قيدني حمداً لله على سلامتك، وطهور إن شاء الله.. غيابك خلال السنوات الأخيرة كان ملحوظاً.. بماذا نفسر ذلك؟ سلمكم الله جميعاً.. وغيابي غير مقصود، وكان نتيجة بعض الأسباب، أهمها تعامل المنتجين الذي يصل حد الجشع.. وأسباب متعلقة بحياتي الشخصية.. وأيضاً ظهرت الفلاشات التي لعبت دوراً.. الإنتاج غاب في اليمن.. قيدني التعامل حق المنتجين.
“اوزارة لثقافة” ضد الفنان
-ما هو السبيل للحد من الظاهرة التي حدَّت من ظهور الفنان؟!
–هذا الأمر يرجع لوزارة الثقافة المعنية بالفن والفنانين، وحقيقة لم تقم بحل هذه المشكلة المتعلقة بالإنتاج.
-يعني الإنتاج وراء عدم سماعنا أعمالاً فنية غنائية جديدة للفنان أحمد الحبيشي؟!
–لدي أعمال فنية جديدة وكثيرة.. ولكن كلما فكرت بالماضي، أُجمّد الأعمال التي عندي، لأني أخشى أن تنزل السوق دون فائدة أو مردود للمنتج.. لأن السائد الآن هو أن وزارة الثقافة تقف مع المنتج، وليس مع الفنان.
-يعني هذا أن المنتج أصبح يستحوذ ويسيطر على الساحة الفنية؟!
–نعم، المنتج مسيطر عند الوزارة.. والفنان مسيطر عند الجمهور.. دخلاء على الفن.
-ما تقييمك للفنانين الغنائيين اليوم، وخاصة الشباب منهم، الذين ظهروا خلال السنوات الأخيرة؟
–أستطيع أن أحكم على الفنانين الشباب الذين يمتهنون الفن الغنائي خلال السنوات الأخيرة.. الكثير منهم يسعى لإتقان الفن عزفاً ولحناً وأداءً، ومنهم من يزاوله للاكتساب.. وأستطيع القول إن فناني الأمس فنهم راقٍ، وأعمالهم الفنية رائعة.. وتستطيع أن تفرق مثلاً بين صوت وأداء الفنان المرحوم علي بن علي الآنسي، وبين الفنان المرحوم علي عبدالله السمة.. هؤلاء مدارس بحد ذاتهم.. ولازلنا نستقي من أعمالهم الإبداعية وموروثهم المتميز حتى الآن.
-لكن السائد اليوم هو التقليد وغياب الإبداع والجديد؟
–أستطيع القول إن أساس الفنان اليوم ضعيف.. هناك دخلاء على الفن.. وأنا أقدّر الفنان الذي يتأثر بالفن الماضي، أو عندما يجيده، لأن الفن القديم أساسه قوي.. هذه الأيام لا يوجد من يسمع لهؤلاء الفنانين.
الجمهور معيار الفنان
-ما هو معيار الفنان الناجح؟
–ينبغي على الفنان أن يكون له تأسيس لنفسه.. لا يمكن أن يرتقي فنان اليوم إلى مستوى فنان الأمس، إلا إذا أسس لنفسه أساساً صحيحاً، وأجاد واجتهد، والجمهور يظل هو الحكم في الأخير.
-أنت تتعامل مع الفن كإبداع أم هواية؟
–الفن الغنائي عند أي فنان في البداية هواية، ومن ثم يكون المتلقي والجمهور هو من يقيم بأن هذا الفنان أو ذاك مبدع أم هاوٍ. غياب الدعم والتحفيز ماذا ينقص الفنان اليمني؟ تنقصه عوامل كثيرة.. أبرزها أن الفنان يفتقد الدعم المعنوي والبيئة المحفزة له.. مثلاً أنا شخصياً لم أجد من يحمي حقوقي الفنية وأعمالي.. الفنان يجتهد ذاتياً، ولا يحظى بالدعم المطلوب. نقابة الفنانين ميتة.
-ما هو الدور المنوط بنقابة الفنانيين تجاه منتسبيها؟
–نقابة الفنانين لم تقدم شيئاً، أقولها صراحة إن هذه النقابة ولدت ميتة، كنا متفائلين بتأسيس وإشهار هذه النقابة، غير أن الفشل كان سيد الموقف.
-ما هي الأسباب التي أدت لفشل نقابة الفنانين؟
–فشل النقابة كان نتاجاً لصراعات الزملاء أنفسهم.. كل واحد منهم يريد أن يكون رئيساً للنقابة، وبعدها تفاجأنا بأشخاص قاموا بتأسيس نقابة في الوقت الذي لم يكونوا مؤهلين للعمل النقابي. أثبتوا تواجدهم ولكن..
-مؤخراً..ظهر العديد من الفنانين الشباب الذين نالوا شهرة واسعة عند الجمهور، ما تعليقك؟
–نعم.. هناك فنانون شباب أثبتوا تواجدهم بقوة في الساحة الفنية، أمثال يوسف البدجي وحسين محب وحمود السمة، وأتمنى عليهم أن يقوم كل منهم بتحديد مسار وخط خاص لأعماله، وحينها سيحالفهم الحظ في أن يكونوا فنانين متميزين.
غياب الشاعر المتميز
-الخروج من بوتقة القديم يرى الكثير من عشاق الفن الغنائي أن فناني الزمن الجميل لا يتكررون.. ما رأيك؟
–الفن القديم لا غبار عليه، ويظل المرجعية لأي فنان، وجميعنا نستقي من الفن القديم كل أعمالنا.. لكن لا بد من الخروج من البوتقة القديمة، ويبقى الفن القديم مرجعاً أساسياً.
-بعض الفنانين يعزون تراجع الأغنية اليمنية لغياب الشعراء والكلمات الهادفة.. ما مدى صحة هذا القول؟
–هذا صحيح.. الكثير من الفنانين عانى من عدم وجود الشاعر الذي يثري الساحة الفنية بالقصائد والكلمات المتميزة.. فضلاً عن أن هناك عدم انسجام في أغلب الأحيان بين الفنان والشاعر.. ولهذا يفتقد الفنان في الوقت الراهن، الشاعر المتميز. لكن في الماضي كانت الساحة الفنية تعج بكثير من الشعراء المبدعين في تأليف الكلمات الفنية الغنائية.. اختلفت الأيام.. كان هناك شعراء متميزون في تأليف القصائد، شعراء الماضي لم يبخلوا في رفد الفنان بكل ما هو جميل، ولست أدري ما هو السبب الذي غيّب الشعر وكتابة القصائد الهادفة.
شعراء يكتبون لأجل المال
-لماذا لا يبحث الفنان عن الشاعر المتميز، ويحثه على كتابة ما يصبو إليه الفنان؟
–أيام زمان كان الفنان يجد في القصائد الشعرية كلمات تحفزه على إجادة اللحن والأداء، ومعظم الكلمات كانت جاهزة للفنان بنسبة 70%.. وكان لا يعاني الفنان من تلحينها أو أدائها.. هذه الأيام لا يوجد شعراء يكتبون لأجل الشعر.. وظل همّ الشاعر وتفكيره وديدنه هو المكسب فقط من وراء كلماته.
-ماذا قدم لك الفن؟
–قدم لي حب الناس.. أنا بذلت قصارى جهدي، ومازلت غير مقتنع بما قدمته حتى الآن.
-هل ندمت يوماً ما أنك خضت مجال الفن الغنائي؟
–نعم.. أعترف بذلك، والفنان لديه شعور، وصاحب إحساس، فعندما تذهب لإحياء حفل عرس أو حفلات فرائحية، تشعر بأن الذوق انعدم، ولم تعد مقتنعاً بما تقدمه، وهذا أحدث تراجعاً كبيراً للفن الغنائي، وأسهم في إحباط نفسية الفنان.
-ما هي أفضل المراحل التي أديت فيها الغناء؟
–أفضل فترة لمسيرتي الفنية كانت من عام 1995 وحتى بداية عام 2000م، غير أن الإشكاليات التي حدثت مع المنتجين غيبتني بشكل نسبي، ولكني أفتخر بجميع أعمالي الغنائية، وبكل ما قدمته خلال مسيرتي. على الشباب الاستفادة من التراث بكل تأكيد، أنك استخلصت منها نصيحة تقدمها للفنانين الشباب.. نصيحتي للفنانين الشباب الاستفادة من التراث، وكثرة الاستماع والاطلاع على الماضي، حتى يتمكنوا من الإبداع، وتحقيق النجاح والتميز أسوة بمن سبقوهم.
-من هو الفنان الذي تأثرت به..؟ ومن هو الشاعر الذي وجدت ما تريد في كلماته؟
–تأثرت بالفنان الكبير المرحوم علي عبدالله السمة، والأستاذ محمد أبو نصار، ومن الشعراء الأستاذ حسن عبدالله الشرفي.
-وماذا عن اللون الغنائي الذي ترى أنه قريب لك؟
–اللون الصنعاني هو الأقرب لي.. والفنان لا لابد أن يكون ملماً بكل الألوان، ويعزز من الموهبة في اللون الذي يجد نفسه فيه.
-هل أنت مقتنع بما قدمته حتى الآن؟
–لا أستطيع أن أقيم نفسي بأني حققت النجاح.. ولكن أشعر برضى في نفسي.
-هاجرت لتحسين وضعي خلال مسيرتك الفنية هاجرت إلى خارج الوطن لفترة طويلة.. حدثنا عن ذلك؟
–بالفعل، سافرت للسعودية في الماضي، وكان عندي إقامة، وقضيت هناك عدة سنوات.. وفكرت حينها بالهجرة إلى خارج الوطن، بغية تحسين وضعي.. وحينها خالجني شعور طيب، وقدمت أعمالاً فنية غنائية نالت إعجاب الكثير، وحققت لي نجاحاً كبيراً وشهرة واسعة، وخاصة عند المغتربين اليمنيين هناك.
-ما هو أفضل عمل غنائي قدمته؟
–أفضل أعمالي الغنائية التي قدمتها هي “رحمتي لك” و”يا شاغلين البال”.
-الأعراس تمنح الفنان شهرة وانتشاراً برأيك هل تسهم حفلات الأعراس في تحقيق الشهرة للفنان؟
–حفلات الأعراس تسهم في توسيع الشهرة، وانتشار الفنان للجمهور، ومناسبة للاحتكاك بهم.. ولا أخفي سراً إذا قلت إن بدايتي كانت عبر الأعراس، وبعدها بدأت في إنتاج أعمالي الفنية الغنائية وتوزيعها للجمهور عبر السوق.
لم أنصف الفن ولم ينصفني
-هل أنصفت الفن وأعطيت حقه؟
–لا يوجد أي فنان أنصف الفن، ولم ينصفني الفن.. المنتجون أكلوا حقوقي، ووزارة الثقافة لم تنصف الفنان.. حدث لي مصادرة حقوق من بعض المنتجين عندما ذهبت لإحياء حفل عرس أحد أقربائه، وتفاجأت أن هذا المنتج سجل الأغاني، ووزعها في السوق، دون أن أعلم، وبغير موافقة مسبقة مني، والأكثر إيلاماً أن هذا الشخص حينها قام بتزوير توقيعي، واستغل صداقتي معه.. وقاضيته، ولكن دون جدوى.. وهناك الكثير من السرقات لأعمال الفنانين.
-ما تعليقك على الحرب العدوانية على بلادنا؟
–حرب فاجرة، وعدوان لا مبرر له.. ونسأل الله العلي القدير أن يعجل بالفرج على البلاد والعباد.
-كيف تقضي أوقاتك خلال شهر رمضان الكريم؟
–شهر رمضان المبارك أعتبره محطة هامة في حياتي وحياة الإنسان المؤمن.. وينبغي علينا جميعاً أن نستغل أيامه ولياليه الاستغلال الأمثل بذكر الله والتقرب إليه وتلاوة القرآن الكريم والأعمال الصالحة، حتى ننال الرحمة والمغفرة والعتق من النار.
-وهل غنيت لرمضان؟
–نعم.. لدي أغنية بعنوان “أهلاً رمضان”. هل فكرت بالاعتزال؟ حتى وإن اعتزلت، الفن يجري في عروقي. أخيراً.. ما الذي يشغل بالك؟ – كان يشغل بالي تأمين منزل لأولادي.. والحمد لله تحقق لي ذلك. وعلى المستوى الفني، أطمح إلى أن توزع أعمالي موسيقياً بالشكل الذي يقنعني، لكن الإمكانات قيدتني، وحالت دون ذلك..!
المصدر: نقلاً عن صحيفة “لا”.