محمد ناجي أحمد/
كناطح صخرة يوما ليوهنها
فلم يهنها وأوهن قرنه الوعل.
القومية انتماء وجودي ،واليسار طريق اجتماعي ،ليست تصورات ذهنية للاستهلاك في مقاهي السياسة.
والثورة دون مشروع اجتماعي تصبح إعادة إنتاج لنظام القهر ،دولة للأحساب والأنساب والبيوتات ذات الشرف والنسب المحتد.
هنا تصبح الثورية ثرثرة لفظية ، تلوكها ماكينة الإعلام وضرجحة الإعلاميين،لا دولة الناس وللناس.
ما الفرق بين انحيازنا لكيان وظيفي يؤدي دورا صهيونيا علنيا في المنطقة كسلطنة عُمان ،ونردد أن علاقتنا بها استراتيجية ،وفي ذات الوقت نختلف مع كيانات وظيفية تؤدي دورها الصهيوني من تحت الطاولة ؟
الحذلقة الانتهازية في تصوير خلافنا مع عُمان بأنه ثانوي – توصيف يُعَرِّي ادعاءاتنا ويسقط مصداقية ضميرنا !
الإغفال المتعمد لجانب رئيسي من حقيقة الصراع في اليمن باختزاله بأطماع الإقليم والغرب لا يؤدي إلى فهم جوهر القضية اليمنية ،فالإقليم والغرب استغلوا وعززوا التباينات والاختلافات الداخلية في تنفيذ مشروعهم القائم على تجريف الوطنية اليمنية الجامعة ،ونحن نسهم في التضليل حين لا نعمل على إعادة اللحمة اليمنية وفقا لدولة مواطنة ،ومن ذلك أن نكون صوتا لتجسير الفجوة بين اليمنيين ،لا راقصين في حفلة من دم وأشلاء …
ومن تجسير الفجوة أن نحكم على قتلى اليمنيين من كل الاطراف بأنهم عند ربهم يحاسبهم وفقا لنقاء القلب وإخلاص النية ،كما يقول ابن خلدون في مقدمته حين تحدث عن قتلى واقعة الجمل وصفين :
فمن قاتل مخلصا في طلب الحق بحسب ما يعتقده فهو في الجنة…
إن عقلية روبسبير الثورية التي بدأت بالحكمة وانتهت بالطيش حين انحازت لشبق المقصلة في تصفية الخصوم ثم الرفاق – فقدت رويتها وشَرَّعت لديكتاتورية القوة والغلبة ،لا سلطة الطبقات المقهورة…
شاهد للتأمل:
قال القاضي ابن العربي :
إني رأيت الغزالي في البرية وبيده عكازه وعليه مرقعة وعلى عاتقه ركوة،وقد كنت رأيته في بغداد يحضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وفضلائهم ،يأخذون عنه العلم .فدنوت منه فسلمت عليه وقلت له يا إمام ،أليس تدريس العلم ببغداد خيرا من هذا؟
فكان رد الغزالي أن نظر إليَّ شزرا ثم تمتم ببعض الكلمات الصوفية والأبيات الشعرية ،ومما قاله :
غزلت لهم غزلا دقيقا فلم أجد
لغزلي نساجا فكسرت مغزلي.