سألني ابني وصديقي العزيز عبد الله حين كنا نتابع معا خبر تكريم وزير الكهرباء من وزير شئون مجلسي النواب والشورى .. هل ستعود الكهرباء حق الدولة ؟ فقلت له .. لا يا صديقي .. لماذا تسأل هذا السؤال؟ أجابني قائلا لأنهم يكرموا وزير الكهرباء وأعتقد أن التكريم لا يكون الا لأنه سيعيد الكهرباء الحكومية بدلا عن الكهرباء حق برهوم .
قلت له ياصديقي العزيز .. أولا هذا التكريم هو مجاملة وزراء فيما بينهم .. وثانيا كهرباء الحكومة لن تعود أبدا.. وببرائته المعتادة سألني كيف تكريم مجاملة وعندنا في المدرسة لايكرمون الا الطلاب المتفوقين والمتميزين وليس للمجاملة لأن هذا لا يصح أبدا ؟ وثانيا لماذا لن تعود كهرباء الحكومة للعمل ؟.. فأجبته.. أعلم ياصديقي العزيز ان التكريم عند الحكومة لايتم للمتميزين والمتفوقين في أعمالهم بل للمجاملات لذلك نحن مازلنا هنا وليس هناك فقاطعني صديقي الصغير كيف مازلنا هنا وليس هناك .. قلت له ياصديقي مازلنا هنا في آخر السلم وفي العالم الثالث وسنظل فيه ولسنا هناك في العالم المتقدم الذي يحترم نفسه ويضع كل شخص في مكانه .. ودعني أكمل لك الإجابة وأخبرك لماذا لن تعود كهرباء الحكومة إلى العمل رغم ان الأمر أسهل مما يتصور الإنسان فموضوع عودة الكهرباء الحكومية للعمل يعترضه بعض المستفيدين من هذا الوضع ولو عادت كهرباء الدولة إلى العمل فلن تكون هناك فائدة لهذا البعض ياصديقي .
كانت إجابتي مفتاح لسؤال آخر لصديقي العزيز الذي لم تعجبه الإجابة المبهمة على سؤاله فقال لي كيف يستفيدون من هذا الوضع وهم بدون عمل ؟.. قلت له ياصديقي أو لا.. صحيح ان البعض بدون عمل لكن مشاريع الكهرباء الخاصة يدر عليهم ملايين فقد تحول الكثير من المهندسين والفنيين والموظفين إلى العمل لدى الشركات الخاصة التي تدفع لهم مرتبات بينما في الحكومة المرتبات غير موجودة ولو أنهم اشتغلوا مع الحكومة فلن يحصلوا مقابل عملهم على اي شيء سوى نصف الراتب الربع سنوي مع موظفي الدولة .. وثانيا ياصديقي المبالغ التي يتم استقطاعها من هذه الشركات لمصلحة الوزارة والحكومة ستنقطع لو تم تشغيل كهرباء الحكومة وبالتالي فهم يعملون على بقاء الوضع كما هو .. فقال لي صديقي العزيز أتذكر انك قلت لي قبل ما نشترك في الكهرباء الخاصة ان الحكومة ستقوم بتشغيل محطات الكهرباء حقها وأن وزارة الكهرباء طلبت مبالغ من وزارة المالية لإعادة تشغيل محطاتها .
ياصديقي العزيز كانت تلك تصريحات من وزارة الكهرباء واخبار اجتماعات مجلس الوزراء لكن يبدو ان ليس كل ما يقرره مجلس الوزراء قابل للتنفيذ وليس كل ماتسمعه في الأخبار صحيحا فهي محاولات لتخدير الناس اما الواقع فهو شيء آخر.. فرد عليا صديقي العزيز بقوله .. لماذا يضحكون علينا ولا يقولون لنا الحقيقة أنهم عاجزون فعلا عن تنفيذ قراراتهم وأن هذه القرارات لمجرد التناول الإعلامي فقط مثل قرار منع استيراد الفواكه الخارجية والبضائع التي توجد مثلها محليا لكننا مازلنا نرى السوق عكس ذلك الذي قرروه .. قلت له ياعزيزي هذه الحكومة كسابقاتها تقرر شيء والواقع شيء آخر هذا أو لا اما ثانيا فإن وضع الكهرباء بحاجة إلى دراسة حقيقية وواقعية حتى يتم اتخاذ القرار المناسب وليس قرارات عشوائية نعجز عن تنفيذها ونجعل أنفسنا عرضة لسخرية الناس وتهكمهم .. واول من سخر من هذا القرار هم اصحاب الشركات الخاصة الذين قالوا ان الوزارة ومؤسسة الكهرباء لن تستطيع تشغيل محطاتها وان هذا القرار كان متسرعا إذ لايمكن لوزارة الكهرباء ان تستغني عن دعم الشركات الخاصة ولايمكن للموظفين والفنيين والعمال ان يتركوا العمل لدى الشركات التي تدفع لهم مرتبات ويذهبون إلى الحكومة للعمل بدون رواتب كما ان الاستقطاعات التي تدفعها الشركات للحكومة ولوزارة الكهرباء والضرائب والجمارك والنظافة والتحسين يجعل من المستحيل قطع هذا المورد والاعتماد على اشتراكات المواطنين المعدومة بسبب الظروف الاقتصادية وستكون الدولة كمن يلاحق طواحين الهواء وبالتالي فشعارهم هو عصفور على اليد خير من عشرة عصافير على الشجرة .
تحمس صديقي العزيز وبادرني بقوله .. سمعت ان وزارة الكهرباء قامت بتوصيل الكهرباء للوزارة من محطة برهوم جارنا الذي يمتلك محطة جوار الوزارة .. قلت له ياصديقي ليس وزارة الكهرباء فقط بل الكثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية اشتركت في الكهرباء الخاصة وهذا طبيعي ومنطقي ياصديقي لأن فاقد الشيء لايعطيه والدولة لاتملك كهرباء وبالتالي فإنها ستشتري ذلك من برهوم وغيره.. فقال لي صديقي العزيز وبذكائه المعتاد.. لماذا لاتستفيد الدولة من تجربة برهوم وتقوم بتأجير محطاتها للقطاع الخاص وتستفيد مرتين الأولى أنها ستحصل على المال من المستأجرين المحطات وثانيا سيكون المواطن ملزم بدفع قيمة الاستهلاك ولن يتهرب كما هو الحاصل الان ؟ .
بصراحة كان كلام صديقي مهم وذكي فعلا لو ان الحكومة فكرت فيه لكني أعتقد أن هناك مستفيدين من بقاء هذا الوضع ولن نقول وزير الكهرباء الذي جاء إلى الوزارة وكانت بعض محطاتها تعمل وتبيع كهرباء للمواطنين والقطاع الخاص لكنها فجأة توقفت وتحول الناس إلى المحطات الخاصة .. فقال لي صديقي العزيز .. لماذا لايتم تعيين برهوم وزيرا للكهرباء للاستفادة من تجربته وخبرته فمحطاته تعمل على مدار 24 ساعة وليس مثل كهرباء الحكومة التي كانت تعمل ست ساعات على اقصى حد في اليوم ومقطعة تقطيع ؟ فقلت له ياصديقي اعدك بأن يصل كلامك هذا إلى الجهات المعنية لدراسته والتفكير فيما قلته وتحقيقا للفائدة وحتى تكون الكهرباء حاضرة للناس وليس كما هو الان موزعة بين الوزير لطف الذي لم يتمكن من تشغيل محطات الكهرباء الحكومية وبين برهوم وغيره الذين أثبتوا نجاحهم فيما فشلت فيه الحكومة واستقطبوا الموظفين والمشتركين ولاعزاء لمن يعجز عن القيام بواجبه تجاه شعبه .