أيام مفصلية تعيشها الساحة السورية قبل شهرين من حلول الذكرى الثامنة لاندلاع الحرب، فقرار الانسحاب الاميركي حمل معه ملامح تسوية سلمية تبدأ في سوريا ولا تنتهي في اليمن، تسوية تنبئ بمرحلة جديدة للمنطقة لا تشبه خريطة المحاور والانقسامات التي كانت قائمة سابقا، فالرئيس السوري بشار الاسد حجز موقعه على رأس النظام بمباركة دولية وعربية، وكذلك فعل مختلف اللاعبون المعنيون بالملف السوري، حتى الدول الخليجية التي انكفأت سوريا بعد التدخل الروسي، أمنّت لنفسها حصة من الكعكة.
وبذلك يكون الرئيس الاميركي دونالد ترامب جنّب بلاده “الرمل والموت السوري” (على حد تعبيره) من دون أن يترك الساحة لإيران وروسيا، لا بل أغرقها بعدد كبير من الحلفاء.
رئيس حزب “السلام” روجيه إده أشار عبر “المركزية” الى أن “الحل السياسي في سوريا وضع على السكة وبموافقة جميع اللاعبين، من ضمنهم إيران التي على رغم أن موقفها لا يزال ملتبسا، إلا أن مصلحتها قضت بأن تسهّل التسويات في العديد من الملفات أقله خلال السنتين المقبلتين الى حين انتهاء ولاية الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي إضافة الى الحرب الاقتصادية التي يقودها بوجه طهران، يمارس ضغطا عسكريا أيضا من خلال تجميع القوى العسكرية الأميركية في الخليج وعلى المتوسط كتكتيك احترازي”.
وأضاف أن “طهران تجيد لعبة الشطرنج، وهي تلعب على عامل الوقت للحفاظ على مكتسباتها، علما أنها تملك أوراق الضغط الكفيلة بعرقلة أي تسوية. من هنا يمكن تفسير عرقلة “حزب الله” لتشكيل الحكومة في لبنان، إذ لا مصلحة له ولايران بذلك في الوقت الراهن، فالضغط الاقتصادي والسياسي يتصاعد على الطرفين”.
ولفت الى أن “قرار الانسحاب الاميركي من سوريا سيترك فراغا حتما، لكن التفاهمات التي أقرها العقل المخطط في إدارة الرئيس ترامب (الثلاثي: وزير الخارجية مايك بومبيو، مستشار الامن القومي جون بولتن، ورئيس الاركان مارك ميلي) القائمة على تنسيق عسكري سياسي دبلوماسي محكم، رسمت الخطوط الحمر للمرحلة المقبلة، من خلال حفظ التوازنات على الساحة السورية، وتوزيع المكاسب على اللاعبين. فالرئيس السوري بشار الاسد سيبقى رئيسا وسينتزع الشرعية العربية ولكن في ظل نظام فدرالي يقلص صلاحياته، فيصبح أشبه برئيس بروتوكولي”، مشيرا الى أن “سوريا لن تعود الى موقعها قبل الـــ 2011 ، فالدور الذي لعبته على صعيد محور المقاومة لم يعد متاحا الآن في ظل الخطة الاميركية المعدة للمنطقة”.
وأضاف “أما بالنسبة للاكراد، فسيتراجعون عن المناطق التي احتلوها بعد طرد داعش ولكن في المقابل سيضمن الاميركي عدم حصول أي اعتداء تركي عليهم، كما أن العرب سيكونون لاعبين أساسيين من بوابة إعادة الاعمار (مقابل الاعتراف بالاسد) فضلا عن تواجد مرحلي على الارض لملء الفراغ الاميركي في بعض المناطق”.
وتابع “المرحلة المقبلة في سوريا عنوانها التعاون الدولي، وسيكون التنسيق الروسي-الاميركي والتركي-الاميركي في أوجه، حتى أن إيران لن تكون بعيدة من هذه التفاهمات، فلو لم تكن هناك مكاسب لصالحها لما سهّلت تسوية اليمن وليست صدفة أن تنطلق المفاوضات في السويد في هذه المرحلة بالذات”.
المصدر: mtv