الوحدة نيوز/ حمود المرهبي:
يبدي الشاب عاصم علي، ذو السادس و العشرين ربيعا، والذي يدرس هندسة الاتصالات، استغرابه من الحديث المتداول في الوقت الراهن عن قيام حكومة الفار هادي بنقل بوابة الاتصالات الدولية والصفر الدولي من العاصمة صنعاء إلى العاصمة الاقتصادية والتجارية عدن.
ويكمل عاصم حديثه الى “الوحدة نيوز” والغضب يرتسم على وجهه قائلاً: “في حال تمت هذه الخطوة فإنه سيترتب عليها مخاطر كبيرة ونتائج كارثية، أبرزها ازدواجية بوابة الاتصالات الدولية”.
بيئة صعبة
عاصم واحد من بين 21.3 مليون من السكان الذين يقدر عددهم بـ 26.7 مليون شخص – يستخدمون الهواتف الخلوية، بنسبة 80% تقريباً، مقابل أكثر من 20% فقط من السكان لديهم إمكانية الوصول إلى الإنترنت، الذي تشغله وزارة الاتصالات ممثلة بالمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، وفقاً لدراسة حديثة.
ومع ذلك فإنّ الحرب في اليمن(العدوان على اليمن) أدى الى خلق بيئة صعبة لمشغلي الاتصالات، وفقاً لتقرير بحثي لمركز أبحاث السوق، فإن تحالف العدوان على اليمن تسبب بدمار شديد للبنية التحتية ومعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية.
كابل جديد
لكن تقرير حديث، قدم نظرة شاملة على الاتجاهات والتطورات في سوق الاتصالات في اليمن، وجاء بعنوان “اليمن – الاتصالات الهاتف المحمول – الإحصاءات والتحليلات”، وأطلع عليه “الوحدة نيوز” أشار إلى أنَّ تيليمن كونسورتيوم يشهد بناء تدريجي من كابل بحري جديد، المقرر الانتهاء منه بنهاية العام الجاري 2018، و المعروف باسم مبادرة أفريقيا الإقليمي اكسبرس (داري)، وهو كابل سيربط تنزانيا وكينيا والصومال وأرض الصومال واليمن وجيبوتي.
موتى مع سبق الاصرار!
أما دارس محمد- طالب معاق- فيرى في تصريح الى “الوحدة نيوز” “أن الاقدام على مثل هكذا إجراء سيضع أكبر شريحة إنسانية من المعاقين والمرضى والطلاب يضعهم في حكم الموتى مع سبق الاصرار، لان نقل الصفر الدولي سيؤدي الى فقدان الدعم الذي تقدمه الاتصالات لهذه الشرائح يعد إخلالا بالمسؤولية الانسانية والاجتماعية يعود بالويل على من ارتكبه”.
أضرار جمة
ومع ذلك، هناك أضرار جمة اقتصادية واجتماعية لقرار نقل التحكم بالاتصالات من العاصمة صنعاء الى أي مكان مهما كان نوعه، وفقا لتأكيد الخبير الاقتصادي والمصرفي والأكاديمي- الدكتور أحمد البواب في تصريحه الى “الوحدة نيوز”.
ويعلل الدكتور البواب قائلاً: ” هناك أعباء اقتصادية تتمثل في حرمان العاصمة صنعاء من الايرادات المختلفة خصوصا الايرادات المتمثلة في المكالمات الخارجية، إضافة الى الموارد الضريبية التي تدخل الى خزينة الدولة ممثلة بصنعاء، وهذه الايرادات بجميع مسمياتها ستنتقل الى المكان الذي سيتم التحكم فيه(الصفر الدولي)، إضافة الى العوائد التي تخصم على المشتركين لدعم بعض المؤسسات والمنظمات والشرائح المجتمعية كالمعاقين ومرضى السرطان والفشل الكلوي، وايضاً الدعم السياحي والشبابي، كما سيجعل من العاصمة صنعاء مدينة مغلقة ليس لها أي اتصال خارجي”.
توجه تآمري
لكن الناطق الإعلامي للجنة الوطنية للدفاع عن خدمات الاتصالات-عبدالخالق النقيب، أوضح في تصريح الى “الوحدة نيوز” أن ” شركة ما سمي “عدن نت” تستخدم كغطاء وتبرير لمشاريع تدميرية تستهدف واحدة من أهم البنى التحتية التي تعتمد عليها مسارات التنمية والاقتصاد في اليمن”
ويضيف النقيب: “هذا التوجه التآمري التدميري الذي تم تغليفه بشعارات براقه وإغراءات وهمية تحت مزاعم تحسين خدمات الانترنت، ليس إلا واحدا من الأوراق الابتزازية والحرب الاقتصادية التي انتهجها التحالف بحقد فج بعد أن أوغل في عدائه وشنه حرب واسعة ضد الشعب اليمني، ومنها تتعاظم خطورة المساس بخدمات الاتصالات والانترنت، إذ أن الإصرار على استخدامها ضمن أوراق الحرب والصراع في ظل تعرضها لاستهداف واسع ومتعدد جرى الترتيب لها بشكل ممنهج، وفي حال عدم تدخل فوري من قبل المجتمع الدولي لإيقاف هذه التوجهات العدائية المتمثلة في “عدن نت” ، فإنه سيترتب عليها كارثة اقتصادية واجتماعية بحق المدنيين في اليمن، باعتبارها خطوة تصعيدية ضد المدنيين بدرجة أساسية، تهدف إلى منع تطبيع الحياة وإعاقة الحركة اليومية وتجميد التبادل التجاري والحركة الاقتصادية المتبقية بين المدن والمحافظات التي يتكتل فيها أكثر من 75% من سكان الجمهورية اليمنية، ما يفسر اعتماد إدارة الحرب المشتركة “التحالف السعودي الإماراتي، حكومة هادي” على واحدة من أخطر السياسيات انتقامية كتوجه واضح تواصل تطبيقها سواءاً عبر استحداث ما سمي شركة عدن نت ومساعيها لنقل بوابة الاتصالات والانترنت إلى عدن، أو عبر الاستهداف المباشر بالغارات الجوية للبنية التحتية لشبكة الاتصالات في جميع أنحاء اليمن والذي ترتب عليها آثار مدمرة ”
ويردف النقيب: ” انتهج التحالف العدواني منذ مارس/آذار 2015 سياسة إغراق منشآت الاتصالات المدنية بالأزمات المميتة وتشديد القيود على وارداتها ومنع دخول أجهزتها اللازمة للتشغيل والصيانة خصوصاً في ظل اعتماد مؤسسات وشركات الاتصالات المهنية في تقديم خدماتها وإيصالها للمواطنيين اليمنيين في مختلف المحافظات بوتيرة اعتيادية ودون تمييز، غير أن حكومة هادي المسنودة بقوات التحالف ماضية في استهلاك إطار الشرعية واستغلالها كمظلة للعمل على تجريد تلك المنشآت من كياناتها المدنية وتعطيل دورة الحياة فيها، بذريعة فرض هيمنتها على مؤسسات الدولة التي تقع في المدن والمناطق الخارجة عن سيطرتها، وهو الضرر الكبير الذي يلحق باليمنيين ومنشآتهم المدنية ولا يتناسب مع أي ميزة عسكرية يسعى التحالف السعودي الإماراتي لتحقيقها بصورة مباشرة، كون المساس بخدمات الاتصالات هي في الحقيقة حرب ضد المدنيين، إذ يعد استخدامها وإقحامها ضمن أدوات الصراع جريمة حرب تتجاوز الالتزامات الدولية وتنتهك مواثيق حقوق الإنسان والقوانين والأعراف الدولية”.
عدم مشروعية تلك القرارات
بدورها أكدت لجنة النقل والاتصالات بمجلس النواب عدم مشروعية تلك القرارات المتمثلة في التعاقد مع الشركة الصينية (هواوي) لمخالفتها للإجراءات القانونية، باعتبار أن من أصدر تلك التعاقدات لا يملك صفة قانونية ولم تمنح ثقة البرلمان.
وشددت اللجنة في تقرير اطلع عليه “الوحدة نيوز” على النصوص الدستورية والقانونية بإعطاء الحق لمجلس النواب في المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات السياسية والاقتصادية الدولية ذات الطابع العام عملاً بأحكام المادة (92)من الدستور والتي تنص على أن يصادق مجلس النواب على المعاهدات والاتفاقيات السياسية والاقتصادية ذات الطابع العام أياً كان شكلها أو مستواها خاصة تلك المتعلقة بالدفاع أو التحالف أو الصلح أو السلم أو الحدود أو التي يترتب عليها التزامات مالية على الدولة أو التي يحتاج تنفيذها إلى إصدار قانون.
مخاطر سيادية
أما اللجنة الوطنية للدفاع عن خدمات الاتصالات، فقد حملت الفار هادي وحكومته كامل المسؤولية إزاء هذه الخطوة، باعتبارها تأتي ضمن المشاريع التي تضع الدولة اليمنية في مخاطر سيادية وتزيد من التعقيدات السياسية والأمنية.
ودعت اللجنة في بيان لها أطلع عليه “الوحدة نيوز” “جميع الأطراف إلى تحييد خدمات الاتصالات” محذرا من” التورط بتسيسها أو تجييرها لحسابات غير مدنية أو استثمارها أو استخدامها في إطار العقاب الجماعي”.