مثلت زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، ورئيس جهاز الموساد الى العاصمة العمانية مسقط الجمعة الماضية والجلوس وجهاً لوجه مع السلطان قابوس بن سعيد بكل أريحية والتقاط الصور المثيرة ، صدمة للشارع العماني وكارثة بقلم/ احمد الشاوش –
مثلت زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، ورئيس جهاز الموساد الى العاصمة العمانية مسقط الجمعة الماضية والجلوس وجهاً لوجه مع السلطان قابوس بن سعيد بكل أريحية والتقاط الصور المثيرة ، صدمة للشارع العماني وكارثة للبيت العربي وزلزالاً للشعب الفلسطيني ، نتيجة للمغامرة الكبيرة للرجل الحكيم الذي فقد نواصي الحكمة والفراسة والرشد السياسي بعد ان بلغ من العمر عتيا.
ومن المخجل ان تجري عملية التطبيع العلنية مع الاحتلال الاسرائيلي بصورة مذهلة ، بعيداً عن العقل والمنطق والحكمة والقيم العربية ، مع اكبر قاتل للشعب الفلسطيني وأحد مخططي الربيع الصهيوني الذي قلب المنطقة العربية رأساً على عقب عبر بعض الأدوات الناعمة والايدلوجيا الدينية المفلسة والقوى التقدمية الانتهازية والرجعية المستبدة والاقلام المأجورة تحت شعار اسقاط حكم العسكر وهيكلة الجيوش العربية التي كانت صمام امان للأمن القومي العربي ودرعاً للقضية الفلسطينية وتوازناً مع الرعب الإسرائيلي ، رغم بعض السلبيات.
ومن الغريب أن يطل على المشاهد العربي وزير الشؤن الخارجية العمانية يوسف بن علوي عبر قناة الجزيرة ، مبرراً تلك الزيارة ” المشبوهة” الى السلطنة بانها تأتي بناء على طلب من ” نتنياهو وهو ما يدعو للسخرية، رغم انه لا توجد اتفاقية سلام بين إسرائيل والسلطنة ، كمصر والأردن ، وقوله ان السلطنة ليست وسيط بل تسعى الى طرح افكار لمساعدة الفلسطينيين والإسرائيليين للتوصل الى اتفاق لراحة المنطقة وفق رؤية امريكا !!؟ والتسويق بإن دولة إسرائيل هي دولة طبيعية في الشرق الأوسط ، رغم انها بذرة سرطانية خبيثة تم زرعها في المنطقة لاحتلال فلسطين وقتل آلاف الشهداء والجرحى ومصادرة الأراضي والسيطرة على ثروات الامة العربية.
ومن العجيب ان قناة” الجزيرة “القطرية لم نسمع لها أي تقارير وتحليلات أوتغطية اخبارية لحدث الساعة المتمثل في عملية “التطبيع” كما جرت طبيعتها المسعورة في اثارة قضية خاشقجي، في حين افرد الاعلام الإسرائيلي بكل شفافية الحدث الجلل فاضحاً الورق المتساقطة.
ومن المؤسف ان محور ” المقاومة ” المتمثل في حركة حماس وفتح وحزب الله والجهاد والاخوان المسلمين وانصار الله ” الحوثيين الذين شغلونا ليل نهار بتحرير القدسوالموت لامريكا واسرائيل لم نسمع أونرى لهم بيان رسمي صادر يدين زيارة نتنياهو وسلطنة عمان حفاظاً على المصالح الشخصية او الحزبية، باستثناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ، وابدا ايران ” قلقها!!؟ والاغرب اننا لم نسمع بيان ادانه رسمي من الجزائر وتونس وتركيا والسعودية والامارات والسودان وليبيا وقطر والبحرين والحكومة الشرعية في اليمن وحكومة الحوثيين في صنعاء والمغرب والأردن ، مايثير أكثر من علامة تعجب واستفهام.
وسواء كان التطبيع من تحت الطاولة اوفوق الطاولة فإنه يؤكد ان الكثير من الحكام العرب والأحزاب العربية أشبه بالأفلام الهندية التي يُعطى كل منهم أدواراً بين البطولة والاجرام والكمبارس والجاسوسية والطيبة والقسوة بحسب المشهد الذي يراه المخرج في تل ابيب وان التآمر على القضية الفلسطينية والبيت العربي وجهان لعملة واحدة ، وان المزايدة أسلوب ممنهج.
ومن المخجل ، ان المواطن العربي الذي كان الى الامس القريب يرفض التطبيع وينتفض لمجازر صبرا وشاتيلا ودير ياسين ومقتل الطفل محمد الدرة ، ويتهيج لسماع انشودة حماسية او قراءة بيان أو خطبة جمعة لم تعد لديه الإرادة الحرة والقدرة على التعبير لرفض المشاريع المشبوهة بعد ان تحول الحكام العرب الى جلادين وصار عدد السجون أكثر من الجامعات والمعتقلين بالملايين ، كما ان امبراطورية الاعلام القطري والسعودي والمصري ساهمت بقوة في وأد المقاطعة وتقبل التطبيع مع العدو الصهيوني عبر حشو ذاكرة وفكر المشاهد العربي بصور سيئة ، كما ان الها المواطن العربي بالأزمات الاقتصادية ونار الأسعار والحروب الداخلية والخارجية والبحث عن الغذاء للبقاء على قيد الحياة أخرجته عن القضايا المصيرية.
ولذلك هناك الكثير من التساؤلات البريئة وغير البريئة التي تطرح منها ، لماذا جاءت زيارة نتنياهو والوفد الأمني والاقتصادي والتكنولوجي الكبير الى مسقط في هذا الوقت الحساس ، وهل الزيارة مرتبطة بصفقة القرن ، والتوسط لدى جماعة انصار الله ” الحوثيين” للأفراج عن الضباط الإسرائيليين الذين تم اسرهم في اليمن ان صدقت الأنبا المتداولة ، ام ان الزيارة تأتي في اطار حماية تل ابيب لسلطنة عمان ورسالة للسعودية والامارات ، ام ان السلطنة ستلعب دوراً جديداً في المنطقة ، بينما اخرون يرون ان الزيارة هي استغلال لحالة الهوان والتفكك والخلاف والصراع العربي واستكمال لسيناريو المرحلة الثانية من الربيع الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية والهيمنة على البحر العربي وباب المندب ، كما ان الزيارة المفاجئة تؤكد ان التقارب بين الحكام العرب وتل ابيب أقرب من حبل الوريد وان حكامنا في وادي وشعوبهم في وادي آخر!!!!!؟؟؟؟؟
واخيراً .. لاأدري ماذا لوكانت الزيارة المفاجئة لنتنياهو الى السعودية والالتقاء بالملك سلمان وولي عهده وجهاً لوجه ، كيف كانت قناة الجزيرة ستشعل الدنيا وتقعدها ، وكيف كان محور المقاومة وقنواته ووسائل اعلامه سيغطى الحدث رغم ان الواقع يثبت تطبيع دول الخليج بالكامل مع إسرائيل في السر والعلن بدليل المكتب التجاري الإسرائيلي في قطر والمشاركة الرياضية في الامارات والبحرين وقطر ولقاء مع اللواء السعودي أنور عشقي،،،.
وأياً كانت المبررات والحجج التي يسوقها النظام العماني والعربي عن الزيارة وشفافية السلطنة في استقبال الوفد الإسرائيلي فإن ذلك يُعد حالة من الارتهان ، ويعود بالذاكرة التاريخية الى أمراء الاندلس الذين كانوا يُطبعون ويحتمون ويستعينون بالصليبيين على إخوانهم وأبناء عمومتهم حتى سقطت الاندلس وضاعت غرناطة وسقط العرب وبكي الرجال، والمثل يقول اذا بليتم فاستتروا ، وشر البلية مايضحك.
shawish22@gmail.com