عبد الباري طاهر/
لأكثر من ثلثي قرن من الزمان تخضع فلسطين وشعبها الأبي لأبشع وأطول احتلال استيطاني على وجه الأرض. ومنذ صعود اليمين الصهيوني برز الوجه الأكثر فاشية لنظام الفصل العنصري.
مجيء ترامب إلى البيت الأبيض عزز وقوى الاتجاهات الأكثر دموية وعنصرية في الدولة الصهيونية؛ فقد أقدم ترامب على خطوات غير مسبوقة منها: الاعتراف بيهودية الدولة. الاعتراف بحق دولة إسرائيل في تقرير مصيرها دون الاعتراف بهذا الحق للمواطن الفلسطيني- صاحب الأرض، وإلغاء حل الدولتين المتوافق عليه المنصوص عليه في اتفاقيات أوسلو، والمقر دولياً.
أدار ترامب ظهره لكل القرارات الدولية المتعلقة بفلسطين ابتداءً من القرار (181)، مروراً بأكثر من 19 قراراً كلها تدين الاحتلال، وتعطي الحق في الاستقلال، وتدين الاستيطان، وتقضي بمنع التهجير، وعودة اللاجئين إلى مناطقهم.
ترامب لا يعترف بالحق، ولا يؤمن بخيارات السلام ولا بحق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها، ولا يعير المجتمع الدولي والرأي العام العالمي أيَّ اهتمام أو احترام، ولا يلتزم بالعهود والمواثيق بنقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس المحتلة، ويتقدم بخطة القرن العشرين التي يراد لها القضاء على شعب فلسطين، وطمس حقوقه الوطنية، وتقف الدول العربية موقف المتفرج أو المالئ أو الخائف.
إلغاء الدعم الأمريكي للمنظمة الدولية الأنروا لدعم اللاجئين الفلسطينيين إجراء قاس، وتخلٍّ عن التزام دولي لشعب هجر من أرضه، وتتحمل الأمم المتحدة مسئولية تقديم المساعدة والإغاثة؛ فهي متعلقة بالتعليم والتطبيب والإغاثة لمئات الآلاف من اللاجئين.
الشعب الفلسطيني في غزة منذ أشهر يقود مظاهرات “مسيرة العودة الكبرى”، ويتعرض للقتل واستخدام الرصاص ، والقصف بالطيران، والحصار الجائر، في ظل غياب التعاطف العربي والتضامن الدولي.
الانقسام الفلسطيني بين الشرعية وحماس، وبين غزة ورام الله “كعب أخيل” في الكفاح الوطني الفلسطيني، وهو للأسف الشديد يتركز في نهج الانفراد والاستحواذ، وعدم تقدير المخاطر المحدقة بقضيتهم: قضية شعب يناضل بشتى الوسائل والسبل منذ ثلاثينات القرن الماضي.
الانقسام الفلسطيني، والحروب المسعرة في غير بلد عربي، وممالئة الرئيس الأمريكي حد التواطؤ- كلها عوامل تشجيع اليمين الإسرائيلي على نهج تهويد فلسطين، وفرض الاستيطان ونظام الفصل العنصري.
الانتفاضة الفلسطينية في ظل الانقسام اللا وطني تبقى منقوصة. وحدة الشعب الفلسطيني، وتواصل الاحتجاج السلمي – الانتفاضة الثالثة- هي السلاح الأمضى والأقوى في مواجهة الفاشية الإسرائيلية ،ودعم ترامب اللا محدود للدولة الإسرائيلية.
الفضيحة الدولية غير المسبوقة تهديد جون بولتون لمحكمة الجنايات الدولية ولقضاتها، هو أمر بالغ الخطورة؛ إذ يشهد أن أمريكا الدولة العظمى قد تحولت في عهد ترامب إلى دولة غير مسئولة، ولا تحترم القضاء الدولي، ولا الأمم المتحدة، ولا مجلس الأمن، ولا تعير الرأي العالمي أي اهتمام.
أمريكا في عهد ترامب تمثل الخطر الأكبر على أمن العالم وسلامه، وبالأخص على الأمة العربية وفلسطين بوجه أخص.