من المعروف أن الأراضي العربية التي كانت خاضعة لحكم الدولة العثمانية تم اقتسامها في نهاية الحرب العالمية الأولى بين بريطانيا وفرنسا وفقا لاتفاقية (سايكس – بيكو ) الموقعة في مايو 1916. وبعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، كان متوقعا أن يعاد تقسيم منطقة الشرق الأوسط وفق ميزان القوى الجديد، ولكن ذلك لم يكن ممكنا في فترة الحرب الباردة مع الكتلة الاشتراكية .
وبعد انهيار الإتحاد السوفياتي وتفكك حلف وارسو مما أشر على انتهاء الحرب الباردة وإنفراد الولايات المتحدة بزعامة العالم، بدأت مراكز الأبحاث والتخطيط تعد الخرائط لإعادة تقسيم المنطقة وفق المنظور الأمريكي وبما يخدم مصالحها، ووصلت إلى مرحلة التنفيذ في عهد الرئيس جورج بوش الابن .
ففي خطاب ألقاه وزير الخارجية الأمريكي كولن باول يوم 12 ديسمبر 2002 أعلن عن مبادرة شراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط تتوخى ( تشجيع المشاركة الشعبية في العملية السياسية، ومساعدة المؤسسات التعليمية والتربوية في أرجاء الشرق الأوسط، ومكافحة الأمية، ومؤازرة حقوق المرأة، ودعم القطاعين العام والخاص على تحقيق الإصلاحات الاقتصادية والاستثمار ) . وبعدها أعلن مارك غرو سمان نائب كولن باول عن عزم الولايات المتحدة تخصيص مئة مليون دولار لمبادرة الشراكة الشرق أوسطية . وفي 9 مايو 2003 أعلن الرئيس بوش عن مقترح إقامة منطقة تجارة حرة مع الشرق الأوسط خلال عشر سنوات .
وبالرغم من عدم توفر صيغة رسمية لهذا المشروع فإنه بحسب ما تناقلته وسائل الإعلام يستهدف إعادة تشكيل منطقة الشرق الأوسط وفق المنظور الأمريكي الذي تشكل بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 وأعطى الأولوية لإستراتيجية مواجهة الإرهاب. وينطلق المشروع الأمريكي مما ورد في تقرير الأمم المتحدة حول التنمية البشرية العربية لسنتي 2002 و 2003 وخاصة في فقرته التي تقول ( يمثل الشرق الأوسط الكبير تحديا وفرصة فريدة للمجتمع الدولي . وساهمت النواقص الثلاثة التي حددها الكتاب العرب لتقريري الأمم المتحدة المذكورين ( الحرية – المعرفة – المرأة ) في خلق الظروف التي تهدد المصالح الوطنية لكل أعضاء مجموعة الثمانية. وطالما تزايد عدد الأفراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة سنشهد زيادة في التطرف والإرهاب والجريمة الدولية والهجرة المشروعة. إن الإحصائيات التي تصف الوضع الحالي في الشرق الأوسط الكبير مروعة ).
هذا ما أريد له أن يعرف عن المشروع، ولكن حقيقة الأمر تظهر في ما كتبته جريدة لوس انجلوس تايمز الأمريكية يوم 1 سبتمبر 2002 عند ما قالت أن أحد الركائز الأساسية لفكر المحافظين الجدد ( تمركزهم حول المصالح الأمريكية الإسرائيلية بشكل مفرط ، وأن رؤيتهم تقوم على حماية أمن وسلامة دولة إسرائيل عن طريق تدخل أمريكي كبير لإعادة رسم خريطة المنطقة، يبتدئ بغزو العراق، ثم الانطلاق لبسط نفوذها على المنطقة، وفرض تحولات سياسية داخلية على دول المنطقة الرئيسية مثل سوريا والسعودية ومصر وإيران ، وفرض حل للصراع العربي الإسرائيلي ) .
د.أحمد العرامي: عن الشرق الأوسط الكبير
التصنيفات: أقــلام
الوسوم: عن الشرق الأوسط الكبير