كشف تقرير سرّي أعدته شخصيات عسكرية عملت مع التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، المزيد من الخفايا حول أوضاع السجون والمعتقلات السرية والفظائع التي ترتكب فيها بحق المخفيين قسرياً.
وفي التقرير الذي نشرته قناة “الجزيرة” تطابقت المعلومات الواردة فيه، مع شهادات لسجناء ومختطفين أدلوا بها لحقوقيين، كما عززت المعلومات ما سبق أن كشفت عنه وكالة “أسوشييتد برس” في تحقيقات سابقة.
وكشف التقرير بعضاً من فظائع ما يحدث في هذه السجون السرية في جنوب اليمن، التي تشرف عليها دولة الإمارات، من تصفية جسدية للمعتقلين والمختطفين وتعذيب وحرمان. إضافة إلى ذلك سرد التقرير مواقع وأسماء مقابر سرية، ومعتقلين قتلوا نتيجة التعذيب، وآخرين مفقودين، وأسماء أو ألقاب أو كُنى للمسؤولين عن التعذيب، والتحقيق الذي يتعرض له المعتقلون.
وأوضح التقرير أنواع التعذيب الجسدي والنفسي التي تمارس في تلك السجون السرية، ومن بينها الاغتصاب بأجهزة أو بعِصِي أو مباشرة عبر الأفراد، والصعق بالكهرباء في مناطق الصدر والإبطين والعضو الذكري، إضافة إلى الجلد بالعصي والأسياخ والكابلات والعقال.
ويستخدم “الجلادون”، كما يسميهم التقرير، طريقة تعليق المعتقلين في الهواء، ووضع الشطة والملح على الجروح المفتوحة، والحرمان من النوم أو الأدوية، والصفع والركل، وصب الماء البارد على الجسد، والسب والشتم.
أما في السجون السرية التي يشرف عليها مدير أمن محافظة عدن شلال علي شائع، الموالي للإمارات، فيخضع المعتقلون لجلسات تعذيب شديدة تشمل سلخ الجلد بأسياخ حديدية ومطارق، والصعق بالكهرباء وتهشيم العظام بالحجارة.
كما يخضع أولئك لإحراق الجسد بالبلاستيك الذائب، ووضع المعتقل في حيز ضيق يسمى “الضغّاطة”، والضغط على الخصيتين بواسطة قيود بلاستيكية، وغرس الإبر تحت الأظافر.
الموت تحت التعذيب
وكان يشرف على التعذيب في سجون “شلال شائع” شخص يدعى “عوض رشاد” ويُلقب بـ”الوحش”. ويقول التقرير إنه متورط بعمليات قتل معتقلين، وإنه جرى إخفاؤه أو تصفيته مؤخراً لما يمتلكه من أسرار، وتم تكليفُ شخص آخر يدعى “علي الإماراتي”.
ويسرد التقرير في إحدى صفحاته أسماء 47 معتقلاً قضوا في السجون بسبب التعذيب. وقال إن 19 منهم يتحمل مسؤوليتهم القيادي في الحزام الأمني الموالي للإمارات يُسران المقطري، في حين يتحمل التحالف مسؤولية ستة قتلى. ويذكر التقرير أسماء ومواقع خمس مقابر لدفن القتلى، إضافة إلى أسماء 26 مفقوداً لم يعرف مصيرهم، بينهم ثلاثة قال إنهم أجانب.
مقابر سرية
وتم تحديد مواقع 5 مقابر لدفن القتلى و26 مفقوداً لم يعرف مصيرهم. ويرصد التقرير 27 سجناً قديماً وجديداً تتوزع في عدن وحضرموت وسقطرى، وجزيرة ميون على مضيق باب المندب، إضافة إلى سجن يقع في إريتريا حيث تمتلك الإمارات قاعدة عسكرية هناك.
وجمع مُعدو التقرير أسماء أو كُنى 9 جلادين ضمن المسؤولين عن التعذيب، ومن بينهم أشخاص يبدو أن ألقابهم تشير إلى جنسياتهم الإماراتية مثل “الشحي” و”البلوشي”. كما يستعرض كُنى أو أسماء 22 محققاً مروا عليهم، بينهم محققة أمريكية ومحقق سوداني ومحقق سعودي، إضافة إلى محققين إماراتيين.
والشهر الماضي، اتهمت منظمة العفو الدولية دولة الإمارات والقوات اليمنية المتحالفة معها بتعذيب محتجزين في شبكة من السجون السرية جنوبي اليمن.
وقالت منظمة العفو الدولية إن لدى الولايات المتحدة، بوصفها قوة مساندة للتحالف السعودي الإماراتي العسكري في اليمن، التزاماً واضحاً يقضي بإخضاع حليفتها الإمارات للمساءلة عن أعمال الاعتقال والتعذيب البشعة التي ترتكبها هناك.
ودعت أمنستي الكونغرس الأمريكي إلى الضغط على إدارة الرئيس دونالد ترامب لإدانة الاعتقال التعسفي وعمليات تعذيب الضحايا. وشددت على أن عدم إخضاع الإمارات للمساءلة من قبل الولايات المتحدة أو القوات المتحالفة سيجعلها تستمر في سوء معاملتها للمدنيين دون قيود. وأضافت المنظمة أن اعتقال المدنيين في اليمن بشكل تعسفي وتعذيبـهم في السجون السرية التي تديرها الإمارات يجعل من شبكة هذه السجون المظلمة هيكلا إجراميا يجب إزالته، وفق تعبيرها.