وجه الأخ مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى مساء اليوم، كلمة إلى أبناء الشعب اليمني بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك.
فيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين محمد الصادق الأمين، وآله الطاهرين وأرضى اللهم عن صحبه المنتجبين.
شعبنا اليمني الحر الكريم الصابر الصامد المجاهد، شعب الإيمان والحكمة والتأريخ المجيد
أيها الأخوة المواطنون الكرام :
يا أبناء أمتنا العربية الإسلامية:
إنها لمناسبة عزيزة يسعدني فيها أن أتوجه إليكم بأصدق التهاني القلبية وأطيب الأمنيات بحلول عيد الفطر المبارك أعاده الله علينا جميعاً باليمن والخير والبركات. وأن يعيده على شعبنا وأمتنا وقد تحقق لها ما تصبو اليه من خير وعزة وسؤدد إنه سميع مجيب.
واسمحوا لي أن أبارك بهذه المناسبة الكريمة لأخوانكم أبطال الجيش واللجان الشعبية، ورجال الأمن البواسل حماة الوطن والأرض والعرض الذين يسطرون بصبرهم وصمودهم وشجاعتهم فصلا مجيدا من تاريخ اليمن الحر الكريم ويؤسس لوطن مزدهر ومستقل بأذن الله تعالى
شعبنا اليمني الكريم :
ونحن اليوم نودع شهر رمضان المبارك بعد أن وفقنا الله إلى أداء فريضة الصوم والتعلم من مدرسته الربانية الصبر والخير والحسنات والبر والتقوى …
وقد جاء عيد الفطر المبارك تتويجا لصيام وقيام شهر رمضان الكريم، شهر القرآن والتقوى والإيثار والتكافل والجهاد والقربات إلى الله بكل معانيها وأشكالها، والذي يعد مدرسة إيمانية حافلة بالمعاني الإيمانية العظيمة، يجب أن نحرص على استمرارها في بقية الشهور والأيام.
سائلين الله عز وجل أن يتقبل صومنا وطاعاتنا ويتجاوز عنا سيئاتنا، وان يلهمنا الرشد والصلاح في القول والعمل وفي السر والعلن وأن نكون ممن كتب لهم فيه الأجر العظيم والثواب الجزيل والرحمة والمغفرة والعتق من النار.
أبناء شعبنا اليمني الكريم:
للعام الرابع على التوالي تحل هذه المناسبة ووطننا وشعبنا يواجه العدوان والحصار الأمريكي السعودي المجرم الذي يزداد صلفا وإجراما وانتهاكا للحرمات والحقوق، لقد تجاوز هذا العدوان بقبحه وصلفه وحصاره الجائر كل الخطوط الحمراء، وتسبب لوطننا وشعبنا اليمني الصابر الصامد بأكبر الكوارث الإنسانية والأمراض والجوع والفقر والمعاناة التي يتلذذ أكابر مجرمين العالم بإلحاقها بهذا الشعب العظيم.
لقد حاولنا في المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني ومنذ اليوم الأول للمجلس العمل على تخفيف وطأة العدوان والحصار على شعبنا، والحفاظ على مؤسسات الدولة وبسط الأمن والاستقرار في كل المحافظات والمناطق المحاطة بوعي ووطنية أبنائها وحماية الجيش واللجان الشعبية.
إنه لمما يؤلمنا ويحز في نفوسنا معاناة أبناء شعبنا في ظل العدوان والحصار الأمريكي السعودي وقد قدمنا المبادرات الإيجابية للوصول إلى سلام عادل ومشرف، وتعاطينا بإيجابية مع كل الأفكار التي عرضت في سبيل تحقيق ذلك، غير أن العدوان اثبت ومنذ البداية انه لا يريد سوى الهيمنة والاحتلال والاستعباد لوطننا وشعبنا وهو ما نرفضه رفضا قاطعا ولا يمكن أن نقبل به أو نساوم عليه.
كما قمنا سبيل التخفيف على أبناء شعبنا مرارا لفت نظر الأمم المتحدة إلى خطورة الحصار وتجفيف الموارد والاستهداف الاقتصادي المستمر وغيرها من الإجراءات العقابية الشاملة التي يقوم بها العدوان ضد غالبية اليمنيين والتي ضاعفت من معاناة الشعب اليمني الذي كان يصنف قبل العدوان بالأفقر بين دول العالم.
وللأسف الشديد فإن كل الوعود بفتح مطار صنعاء وتسليم رواتب الموظفين وغيرها لم تكن سوى مساومات للتفريط بالحقوق والمصالح العليا لشعبنا اليمني الصابر الصامد هيهات أن نقبلها في ظل تصعيد خطير من قبل الأعداء يظهر اليوم جلياً في الساحل الغربي ومحافظة الحديدة.
شعبنا اليمني العزيز:
إن توكلكم على الله وتضحياتكم وصبركم وصمودكم وتكاتفكم ووعيكم بأهداف العدوان ومؤامراته القذرة قد أسقط جل رهاناته في النيل من عزيمتكم وإرادتكم الحرة للوصول إلى أهدافه المشبوهة.
إننا نقدر عاليا ونثمن ونعتز بصبر شعبنا وتضحياته، وسوف نسعى دائما للتخفيف عنه بالممكن والمتاح من الإمكانات المتوفرة وسنبذل في سبيل ذلك كل الجهود، كما إننا لن نفرط في تضحياته وثوابته ومكتسباته الوطنية بأي شكل من الأشكال.
ونعدكم يا شعب اليمن بالعمل على تنمية الموارد المالية، واستثمار الطاقات البشرية والمادية الممكنة، وتجفيف منابع الفساد، وتقديم الخدمات الممكنة وتطويرها، وتطبيق القانون وتحقيق العدل للجميع، وتفعيل أجهزة الدولة استكمالا لمشروع الرئيس الشهيد صالح الصماد رحمه الله.
شعبنا اليمني العظيم
لقد راهن العدوان على النيل من وحدة الجبهة الداخلية وفشل، كما راهن على الحصار والورقة الاقتصادية وكان الفشل نصيبه كما فشل امنيا وسياسيا وإعلاميا بفضل الله وتوفيقه وبهمة كل الأحرار والشرفاء المخلصين في هذا الوطن.
لقد فضح صمود الشعب اليمني أهداف العدوان وأفشل مخططاته، وأصبحت حرب هذا التحالف الإجرامي الأمريكي السعودي على اليمن في نظر الكثيرين في هذا العالم عبارة عن سلسلة من جرائم الحرب الكبرى والإبادة المشخصة لليمنيين وتدمير مقدراتهم، وهي جرائم مشهودة وموثقة وواضحة للعيان تستلزم المحاكمة والمحاسبة للمجرمين أينما كانوا.
شعبنا اليمني العظيم
لقد كان شهر رمضان المبارك بحمد الله شهر انتصارات مؤزرة في جبهة الساحل الغربي والجوف، وحرض وميدي، والبيضاء، ونهم، وصعدة وغيرها من الجبهات خلف الحدود رغم الحشود الكبيرة التي بذل الأعداء كل طاقاتهم وجهودهم لحشدها من مختلف مناطق العالم.
ولا شك بأن هذه الانتصارات التي حققها أبطال الجيش واللجان الشعبية وأبناء تهامة الأحرار قد أربكت الأعداء ومرتزقتهم، وأفشلت حساباتهم، وخططهم، وتكتيكاتهم وأسلحتهم المتطورة ووسائل إعلامهم وإرجافهم التي تتقزم جميعاً أمام وعي وعظمة صمود شعبنا وتضحياته وثقته بالله، وإيمانه بقضيته المحقة والعادلة.
ونؤكد لكم بإذن الله تعالى إن هذه الانتصارات العظيمة ضد الغزاة والمرتزقة سوف تتعاظم خلال الفترة المقبلة وفي كل الجبهات حتى تحرير كل شبر من ارض اليمن بإذن الله إذا تحملنا مسؤوليتنا وتحركنا بشكل جاد ولن يكون النصر إلا حليفنا بإذن الله وسيعرف الغزاة الجدد أن هذه الأرض عصية عليهم كما عرف من سبقهم من الغزاة ومازالت أرضنا الطيبة تشهد ملاحم التنكيل بهم في شتى البقاع.
شعبنا اليمني العظيم:
مجددا ندعو القوى السياسية والاجتماعية، والمثقفين، ورجال الفكر والقلم، والإعلاميين إلى العمل على تحصين جبهة الوعي الوطني الصحيح في مواجهة المؤامرة على الوطن ووحدته وحاضره ومستقبله، فالعدوان الأمريكي السعودي يستهدف الشعب اليمني ووجوده وهويته ووحدته ولا يستثني أحدا.
وهنا نشدد على أن يستوعب كل اليمنيين درس ما يجري -بكل أسف -لإخواننا المواطنين في عدن وبعض محافظات الجنوب والشرق المحتلة، من تعذيب، وإذلال، وقتل، وانتهاك للحرمات، واغتيالات، وفوضى، وانعدام للأمن والخدمات، والذي يعبر بوضوح عن طبيعة مشروع الغزو والاحتلال السعودي الإماراتي وأجنداته الصهيونية الأمريكية في السيطرة والاحتلال لأرضنا وجزرنا وسواحلنا ومقدراتنا.
وبهذه المناسبة الغالية نشدد على أهمية رص الصفوف وتحصين الجبهة الداخلية من كل أشكال الاختراق، ونشيد بجهود رجال الأمن في متابعة شبكات التجسس والإرهاب في مختلف مناطق الجمهورية، ونحث رجال النيابة والسلطة القضائية على سرعة إنجاز القضايا ذات الصلة بالأمن الوطني في هذه المرحلة المهمة والحساسة.
كما نهيب بكل أبناء شعبنا القادرين على حمل السلاح رفد جبهات العزة والكرامة في الساحل الغربي خصوصا وغيرها من الجبهات، فمن شأن ذلك حسم المعركة مع قوى الشر والعدوان والغزو والاحتلال الأمريكي السعودي الإماراتي التحالفي الهمجي، وتحقيق النصر بعون الله.
أبناء امتنا الإسلامية:
أن تصعيد النظام الأمريكي والكيان الصهيوني من خطوات التهويد والتهجير القسري واستباحة المقدسات الإسلامية في فلسطين المحتلة أمر بالغ الخطورة يستدعي وقفة جادة للمراجعة والتحرك الجاد والمسؤول في مواجهة هذه المؤامرات، وقد انكشف اليوم لكل شعوب الأمة جهود حركة النفاق من داخل أوساط الأمة من أنظمة خائنه وعميلة في صف العدو الأمريكي الصهيوني ضد مصالح الأمه وقضيتها المركزية.
حري بأبناء الأمة الإسلامية العمل اليوم على تحقيق وحدة الصف وجمع الكلمة ونبذ الخلافات وترسيخ التضامن والدفاع عن المقدسات الإسلامية وحمايتها، ومواجهة كافة التحديات.
وانطلاقا من ذلك ندعو كافة المسلمين في مختلف بقاع الأرض أن ينصروا إخوانهم الذين يعانون من التعسف والظلم في فلسطين المحتلة والذين يكابدون ويلات الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي يمارس ضدهم كل أنواع والقتل والقهر والاستعباد وسفك الدماء وانتهاك الحرمات وهدم المساكن بحقهم، كما ندعو كافة أحرار الأمة إلى دعم حركات المقاومة والصمود حتى تحرير فلسطين المحتلة.
شعبنا اليمني العظيم:
إن عيد الفطر مناسبة عزيزة نؤكد من خلالها دعوة الجميع لتعزيز قيم التراحم والتوسع في أعمال البر والإحسان وصلة الأرحام وبذل الصدقات، وإعانة الضعفاء ومساعدة المحتاجين، وإخراج الزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام لا يكتمل الصوم إلا بها، وهي مطلب إيماني وواجب ديني ووطني من أجل أن تتعزز روح التكافل والتراحم في مجتمعنا.
ونؤكد لكم إن النصر حليفكم، وإننا نعول عليكم بعد الله عز وجل في التكاتف والتراحم، ورفد الجبهات، والعناية باسر الشهداء والجرحى والنازحين والمنكوبين، ودعم كل أوجه الخير وما يعزز الصمود بوجه العدوان.
مجددا نبارك لكم العيد السعيد، ونسأل الله الرحمة والرضوان لشهدائنا الأبرار ونسأله تعالى الشفاء للجرحى والفرج للأسرى
وكل عام وشعبنا اليمني بخير وعزة وكرامة وانتصار.