عندما كادت جريمة قتل عابرة أن تتسبب في وقوع فتنة كبيرة بين بني إسرائيل، أمرهم موسى عليه السلام بذبح بقرة وضرب القتيل ببعضها لكي يعود للحياة ويخبر بقاتله وتنتهي المشكلة.
ورغم أن بني إسرائيل كانوا يظهرون حرصهم على معرفة القاتل لدرء الفتنة إلا أنهم استهزأوا بهذا الحل البسيط، وهذا نفس سلوك حزب الإصلاح تجاه أي دعوة عادلة ومنصفة للصلح وتحقيق حالة السلم.
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين) 67 البقرة
ولأن بني اسرائيل كانوا غير جادين في معرفة هوية القاتل لعدم وجود رغبة حقيقية لدرء الفتنة، تذرعوا بجهل هوية البقرة ليحرفوا مسار الحل من البحث عن هوية القاتل إلى البحث عن هوية البقرة. وهذا نفس سلوك حزب الإصلاح الذي يحرف مسار الحل “من معالجة أسباب الحرب” إلى “الشكوى من نتائجها”، أو” من مسار الحوار بين طرفي الصراع” إلى إنكار كونهم طرفا فيه وبالتالي البحث عن “هوية الطرف الآخر المبني للمجهول”، كما فعل بني إسرائيل إذ (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرُون) 68 البقرة.
نلاحظ أن موسى عليه السلام جارى منطقهم الذي لم يكن في صالحهم وبين لهم هوية البقرة ليجنبهم وقوع ضرر أكبر يتمثل في وقوع العذاب عليهم لرفضهم أمر الله سبحانه وتعالى، وحثهم على تنفيذ ما يؤمرون. لذلك لاباس أن نجاري حزب الإصلاح وأن نستمر في مراجعتهم حرصا على هدايتهم.
لم يتوقف بني إسرائيل عند هذا الحد بل (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِين).69 البقرة. نلاحظ أنه بعد أن جاراهم وحل إشكال هوية البقرة حرفوا مسار الحل مرة أخرى من البحث عن هوية البقرة إلى البحث عن لونها. وهذا سلوك متجذر لدى الأخوة في حزب الإصلاح حيث كانوا يرفضون إصدار أي دعوة باسم أحزاب اللقاء المشترك لوقف حروب صعدة حقنا للدماء بحجة انهم لايزالون يجهلون لماذا قامت الحرب وذلك على مدى ست سنوات وهم يتسائلون عن لونها وماهيتها وهم طرف أساسي فيها..
لم يتوقف بني إسرائيل عن تبديل المسارات بهدف إعاقة الحل الذي اتى لصالحهم بل (قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُون) 70 البقرة. وهكذا عادوا لطرح نفس الإشكال السابق وهو معرفة هوية البقرة بحجة أن البقر تشابه عليهم. لم ييأس موسى عليه السلام َو (قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِير ُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا ) 71 البقرة. وهذا نفس سلوك الاصلاح حيث نلاحظ أنهم لا يتركون فرصة إلا وشكوا من توحشنا وظلمنا وتكبرنا عليهم ويتحدثون بإسهاب عن معاناة أسراهم و معتقليهم في سجوننا، وعندما نقول لهم حسنا، تعالوا نتحاور من أجل التوصل لحل عادل يضمن كرامة وسلامة وحرية وأمن الجميع ويحقن دمائنا ودمائكم، ونطلق كل الأسرى والمعتقلين الذين بأيدينا و إيديك، يجيب شوقي القاضي قائلا ليس بيننا وبينكم مشكلة خاصة حتى نصطلح عليها، ويجيب محمد اليدومي قائلا نحن نقاتلكم في الجبهات ولكن تحاوروا مع هادي، ويجيب آخرين بأنه لا حل إلا باجتثاثنا وكان العالم كله معهم ضدنا، ثم لا يلبثون من اتهام هادي بالتآمر عليهم ونفس الشيئ مع السعودية والإمارات وأمريكا وكان العالم كله يتآمر معنا ضدهم.
لا ينبغي علينا أن نيأس من العمل على ايصل هدى الله الى اخواننا في حزب الإصلاح كما فعل موسى مع قومه حتى (قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُون) َ
ونأمل أن لا تقسوا قلوب اخواننا الإصلاحيين كما قست قلوب بني إسرائيل بسبب كثرة تقلبهم َ(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُون) 74 البقرة