الوحدة نيوز: نهى محمد الشرعبي
عزت طفلاً محباً لمدرسته، وإبتدائيته الضائعة،قضى عمره من عامه الأول حتى الثانية عشرة من الأن يمكث بين المستشفيات وبين أناته وصرخاته في منزله..يحلم بمستقبل منشود،ولا يعلم ماهي نهايات مرضه،طفلاً يرى في اللعب متعته وفائدته لكنه محروم عنها،ويستبدلها بجلسات العلاج….
الألم رفيق الليل
قمتُ بإجراء مكالمة هاتفية لأم عزت لتحدثني عن معاناة طفلها فأخبرتني بأنه:
مريض بالثلاسيميا “تكسر الدم”منذ التسعة الأشهر الأولى،مرض جاء يخترق جسده الصغير عن طريق الوراثة..
وأكملت: أنا أحمل المرض وزوجي أيضاً وقد أخذ هذا المرض ثلاثة من إخوتي ولا أريده أن يأخذ طفلي أيضاً…
وقالت: تمضي ليالٍ سود حيال مرضه الشديد فنطوف به ليلاً مستشفيات العاصمة، وألسنتنا الملبدة لا تخلو من الذكر والدعاء.
وأضافت: مع الظروف القاسية التي نمر بها من إنقطاع الدخل وغلاء العلاج وعدم توافره أحيانا نعيش حياة بائسة،مليئة بالخوف والمعاناة وقلة الحيلة.
ثم تواصل: عزت أصغر ابنائي،حنون على اخوته،عاشق لدراسته ومدرسته،ومحبوباً من أصدقائه ومعلمينه،يحلم بأن يكون رجل أعمال، ويتمنى أن يخفف الله آلامه الثقال.
ماهو تكسر الدم؟!
أغلقتُ سماعة الهاتف وعزت لا يفارق مخيلتي بوجهه البريئ؛على اتفاق بيني وبين أم عزت بأن نلتقي لأتحدث معها ومع عزت..
وبعد اللقاء والحديث مع عزت عن أحلامه ومستقبله وحياته.
قمتُ بالتحري عن هذا المرض فالثلاسيما أو تكسر الدم أو التفول أو أنيميا الفول هو مرض وراثي ينتقل من الآباء إلى الأبناء،وينتقل على صبغي جسمي ويكون انتقاله بشكل مقهور أي أنه يحتاج أن يكون الجين الموروث موجود في كلا الأبوين،لكي يصاب الأبناء بالمرض.وينتج المرض عن تشكل هيموغلوبين(خضاب)شاذ في كريات الدم الحمراء هو الذي يقوم بنقل الأكسجين من الرئة إلى أنسجة الجسم،ونقل ثاني أكسيد الكربون بالعكس،وهذا الشذوذ في بنية الهيموغلوبين يؤدي إلى فقر دم مزمن.
وهذا المرض يكثر عند الذكور ويقل عند الإناث، حيث ينقل الذكور المصابون بهذا المرض إلى بناتهم ولا ينقلونه إلى أولادهم الذكور إما الأم الحاملة للمرض فتنقله إلى أبنائها الذكور والإناث ولا تصاب المرأة بهذا المرض إلا نادرا.
أعراض أنيميا الفول
يبدأ هذا المرض في الظهور من خلال السنة الأولى من العمر وقد يتأخر ظهوره إلى مابعد سن الخامسة ويؤدي هذا المرض إلى حدوث اليرقان وهو اصفرار في لون العينين والجلد،وإلى تشكيل الحصيات في المرارة،وكذلك إلى ضخامة الطحال،كما أنه يكون مهدداً للحياة عند حدوث نوبات انحلال الدم أو لا تصنع الدم.
فأنيميا الفول هي من أكثر الأمراض المنتشرة بين الأطفال وينصح بتناول العسل الأسود والإكثار من تناول الخضروات والفواكه والإبتعاد عن تناول الفول والبقوليات ومتابعة الطبيب والكشف الدوري على المريض لتجنب المضاعفات.
وتعد بدايات اكتشاف هذا المرض في عام 1956 وصنف احد اهم الأمراض الوراثية حسب مانشرته البداية الجديدة في 2011.
مرض بطعم الموت
وحسب تقرير نشرته الجمعية اليمنية لمرض الثلاسيما في أواخر عام 2017 بأن هناك 35 ألف مصاب في اليمن.
وكانت وزارة الصحة العامة والسكان كشفت لوكالة الأنباء اليمنية سبأ في 2017 أن نحو 12800 طفل مصاب بمرض الثلاسيميا في ثلاث محافظات في أمانة العاصمة وتعز والحديدة مهددون جميعاً بالموت في حال عدم توافر الأدوية الخاصة بهذا المرض وحتى يبقى هؤلاء المرضى على قيد الحياة رغم معاناتهم من هذا المرض المزمن والخطير الناتج غالباً من زواج الأقارب وعدم إكتراث الأسر اليمنية بالفحص قبل الزواج .
مؤكدة في تقرير اعدته مؤخراً بأن 220 طفلاً من المصابين بالثلاسيميا ماتو خلال الأشهر الأخيرة من عام 2016 في محافظة الحديدة لوحدها وذلك بسبب عدم توافر الأدويةوالتي تمنع ترسب الحديد في الجسم نتيجة تكرار نقل الدم للمريض.
وأشارت في التقرير نفسه إلى عدد المصابون في الثلاسيما في تعز بلغو ستة آلاف مريض وفي أمانة العاصمة صنعاء 4100 مريض وأن أضعاف هذه الأرقام في بقية محافضات الجمهورية يعد هذا المرض من الأمراض المزمنة والمنتشرة في اليمن حيث ارتفعت نسبة الإصابة فيه بشكل مخيف في العشر السنوات الماضية مقارنة في عام 2001 عندما سجلت أقل من ستمئة حالة مصابة بهذا المرض الفتاك الذي يصيب الأطفال.
وتشير التقديرات إلى إصابة 200 مليون شخص حول العالم لكنه يتركز في اليونان وإيطاليا ودول حوض البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط لذلك سمي هذا المرض بمرض الشرق الأوسط.
معاناة
عزت وأسرته كغيره من الأطفال وغيرهم من الأسر الذين يعانون المرض ولا سيما حال انقطاع الدخل والراتب على موظفي الحكومة قرابة الثلاث سنوات وانقطاع الدعم المادي لهؤلاء المرضى.
الوقاية خير من العلاج
فلابد أن تتوفر مراكز الفحص قبل الزواج وذلك لمنع الزواج في حالة إصابة أحد المخطوبين بأخطار الدم وغيرها لأن ذلك سيكون خطورته مأساوية على مستقبل أطفالهم.
فالوقاية هي أساس تدبير هذا المرض الوراثي ولابد من تثقيف الأهالي والمرضى والإبتعاد عن الأدوية والأطعمة المسببة لتكسر الدم.
“الثلاسيميا” جعلت “عزت” يستبدل اللعب بجلسات العلاج
التصنيفات: أخبار وتقارير,تحقيقات