الوحدة نيوز/ نجيب علي:
“يوم القيامة” ..بهاتين الكلمتين لخص وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك الوضع في اليمن خلال زيارته لها العام الماضي، حيث يعيش اليمنيون منذ بدء ما يسمى “عاصفة الحزم” والتي تدخل عامها الرابع على إيقاع الحرب والحصار والأمراض، حيث إعادة الحرب أمراض كانت شبه منقرضة كالكوليرا، والدفتيريا، والحصبة، والسحايا البكتيري، ما أدى إلى ارتفاع حجم الضحايا من المواطنين وانتشار الأمراض والأوبئة، وسبب كارثة صحية وإنسانية لا مثيل لها في العالم .
وقد حذر مارك لوكوك من أنه إذا لم تتغير الأوضاع في اليمن، فإنه قد يشهد أسوأ كارثة إنسانية منذ 50 عاما.
وقالت المنسقة الأممية الجديدة المقيمة في اليمن، الأمريكية ليز غراندي، إن الأمم المتحدة ترى أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن، هي “الأكبر في العالم”.
وأوضحت في تصريح صحافي عقب وصولها إلى صنعاء، منتصف مارس الجاري ، تحتاج المنظمات غير الحكومية والأمم المتحدة، إلى قرابة 3 مليارات دولار للاستجابة الإنسانية في اليمن، مضيفة من أولويات العمل الإنساني في اليمن حالياً، مكافحة مرض الكوليرا، وانعدام الأمن الغذائي.
حرب الأرقام في المأساة الإنسان اليمني تتصاعد مع تصاعد الحرب على الأرض، ويذكر تقرير أصدرته الأمم المتحدة أن أكثر من 22 مليون يمني من أصل 27 مليونا يشكلون عدد السكان بحاجة للحماية والمساعدات الإنسانية.
ويشير إلى أن 18 مليون يمني يعانون انعدام الأمن الغذائي منهم 11 مليون طفل بحاجة ماسة أكثر من غيرهم للمساعدات، كما أفاد أن المدنيين يواجهون مخاطر كبيرة، إذ وصل عدد الوفيات إلى أكثر من 8000 وأُرغم أكثر من ثلاثة ملايين على الفرار من ديارهم.
ووفق تقرير الأمم المتحدة، يفتقر 16 مليون يمني إلى المياه وخدمات الصرف الصحي والرعاية الصحية، بينما انكمش الاقتصاد اليمني منذ اندلاع الصراع مما أدى إلى تسريح 55% من القوة العاملة.
الكوليرا والدفتيريا
وتزداد حرب الأرقام المفزعة في اليمن مع بلوغ عدد المصابين بالكوليرا مليونا توفي أكثر من 2000 منهم، ثلثهم من الأطفال، وسط تقارير دولية تحذر من أن المأساة ستستمر، في ظل سباق مع الزمن تخوضه المنظمات الدولية لتوصيل نحو مليوني لقاح للحد من انتشار المرض قبل عودة موسم الأمطار لليمن ، وتفشى هذا المرض منذ أواخر أبريل 2017م.
وبعد مضي ثلاثة أعوام من الحرب وتفشي الكوليرا والمجاعة ،استيقظ اليمنيون مؤخرا على عودة مرض الدفتيريا الذي بلغ عدد الإصابات به نحو 1294، توفي 73 منهم، بعد أن انتشر في 20 من أصل 22 محافظة منذ أغسطس 2017 حتى 10 مارس الجاري، بحسب ما أعلنت عنه منظمة الصحة العالمية.
وهي مرض بكتيري كان آخر ظهور له في اليمن عام 1992..وتسبب الدفتيريا بكتيريا تصيب بشكل رئيسي الحلق والأنف والمسالك الهوائية وترسل سموما إلى مجرى الدم.
مجموعة طوارئ
وللحد من تفشي الكوليرا أنشأت منظمة الصحة العالمية مجموعة طوارئ مكونة من أطباء وممرضات وممرضين ومنظفين ومسعفين لمواجهة النقص الحاد في عدد الكوادر الطبية المؤهلة كما اضطرت المنظمة إلى دفع رواتب الطواقم المساعدة بسبب انقطاع رواتبهم ،كما أنشأت منظمة الصحة العالمية مراكز طبية عدة بها مئات الأسرة لرعاية الحالات المشتبه في إصابتها بالكوليرا.
ولمواجهة تفشي الكوليرا طالبت الصحة العالمية بالوصول دون عوائق وبشكل مستدام إلى جميع مناطق اليمن لوقف الوفيات الناجمة عن سوء التغذية والكوليرا والدفتريا ،وشددت على ضرورة أن يظل مطار صنعاء وميناء الحديدة مفتوحين لدعم عمليات تخزين الإمدادات والأدوية واللوازم الطبية خاصة وأن النظام الصحي فى اليمن على وشك الانهيار وأكثر من نصف جميع المرافق الصحية مغلقة أو تعمل جزئيا فقط بينما لازال النقص فى الأدوية واللوازم الطبية مستمرا .
كارثة إنسانية
إلى ذلك، أجمعت منظمات صحية عالمية على أن ما يجري في اليمن بعد مرور ثلاثة أعوام على اندلاع الحرب على اليمن جعله يعيش أسوأ أزمة من نوعها في العالم على الصعيدين الصحي والإنساني، لا سيما في ظل عودة أوبئة فتاكة للظهور مجددا، بعد عقود من اختفائها، وفي مقدمتها الكوليرا والخُناق.
وحولت الحرب اليمن لأسوأ الأماكن على وجه الأرض لحياة الأطفال، حسب توصيف منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إذ جعلتهم لوحة قاتمة تعكس الكارثة الصحية التي أصابت البلاد، وأحيت أوبئة ظن كثيرون أنها من الماضي مثل وباء الكوليرا.
وكانت المنظمات الدولية دقت ناقوس الخطر مرارا وتكرارا، وأشارت إلى خطورة توقف تمويل القطاع الصحي باليمن لأنه أدى إلى نقص الأدوية والمستلزمات والطواقم الصحية، خاصة أدوية الأمراض المزمنة، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي، الذي أدى إلى توقف عمل مراكز غسل الكلى.
وفاة طفل كل 10 دقائق
وأشارت إحصائيات اليونسيف في اليمن ، إلى أن مليوني طفل يعانون من شكل من أشكال سوء التغذية ونصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية الشديد الذي يقترب من الوفاة ..لافتة إلى وفاة طفل كل 10 دقائق لأسباب يمكن الوقاية منها .
وسعت اليونيسيف من خلال خطتها للعام 2018إلى تطعيم 3ر5 مليون طفل ضد شلل الأطفال و 884 ألف من ضد مرض الحصبة وعلاج 323 الف طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الوخيم.
كما تضمنت خطتها إعطاء 4.5 مليون طفل دون الخامسة تدخلات المغذيات الدقيقة ومنح 790 ألف امرأة حامل ومرضعة خدمات الرعاية الصحية الأولية بالإضافة إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي لـ 545 ألف طفلا وتوعية 1.3 مليون شخص من مخاطر الألغام .
ربع المرضى يموتون !
وفيما تستمر معاناة اليمنيين جراء العدوان والحصار ، ثمة دعوات إنسانية أطلقت لإنقاذ مرضى الفشل الكلوي باليمن..اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة “أطباء بلا حدود” قالت إن آلاف اليمنيين المصابين بمرض الفشل الكلوي يواجهون خطر الوفاة ما لم تتلق مراكز الغسل الكلوي المتبقية في البلاد المزيد من الإمدادات.
وأشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن واحدا يموت من كل أربعة يمنيين مصابين بمرض الفشل الكلوي.
وأضافت اللجنة، في حسابها بموقع “تويتر”، أن مرضى الفشل الكلوي في اليمن يحصلون فقط على نصف وقت العلاج المطلوب.
وأشارت اللجنة في بيان مطلع العام الجاري ، إلى أن الضرر الذي طال قطاع الرعاية الصحية باليمن بلغ حدا جسيما نجم عنه حرمان ذوي الأمراض المزمنة من الحصول على العلاج المنقذ لحياتهم.
وذكر البيان أن ربع المرضى الذين يقومون بعمليات تصفية الدم يتوفون سنويا منذ بدء الحرب عام 2015.
وأشار رئيس بعثة الصليب الأحمر باليمن “ألكسندر فايت” إلى أن حالة هؤلاء المرضى تظهر “إلى أي حد دمر النزاع نظام الصحة باليمن وأثر على العديد من الأشخاص الذين يعانون مشاكل صحية طويلة الأمد”، داعيا لمنع ارتفاع نسبة الوفيات أكثر بين 4400 مريض يعانون الفشل الكلوي.
ومن أصل 32 مركزا لتصفية الدم كانت تعمل قبل الحرب، تم إغلاق أربعة. بينما تعاني المراكز الـ 28 الباقية مشاكل في تأمين خدماتها مع آلات معطلة جزئيا ونقص في التجهيزات وعدم دفع مستحقات العاملين فيها، وفق البيان.